البرلمان المصري يستأنف جلساته: حزمة جديدة من قوانين النظام

02 أكتوبر 2018
يستمر دور الانعقاد البرلماني تسعة أشهر (العربي الجديد)
+ الخط -


بعد نحو 70 يوماً من التوقف بسبب الإجازة البرلمانية، يستأنف مجلس النواب المصري جلساته العامة، اليوم الثلاثاء، إيذاناً ببدء دور انعقاده الرابع (قبل الأخير)، والذي يستهدف تمرير العديد من التشريعات المقدمة من حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي مقدمتها قوانين الإجراءات الجنائية، وتنظيم التجارة الإلكترونية، والعمل الجديد، والتصالح في مخالفات البناء.

ودعا السيسي مجلس النواب للانعقاد، في تمام الساعة العاشرة من صباح الثلاثاء، التزاماً منه بالمادة 115 من الدستور المصري، والتي تنص على "دعوة رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد للدور العادي السنوي، قبل الخميس الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول، واجتماع المجلس في اليوم المذكور إذا لم تتم الدعوة". ويستمر دور الانعقاد البرلماني لمدة تسعة أشهر على الأقل، ولا يجوز فضه قبل اعتماد الموازنة العامة للدولة. ووفقاً للأعراف البرلمانية، تقتصر الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد على تلاوة رئيس البرلمان قرار رئيس الجمهورية، مع فتح باب استقبال رغبات النواب الخاصة بتغيير عضويتهم في اللجان النوعية، طبقاً للمادة 39 من اللائحة المنظمة. ويعقد البرلمان جلسة لاحقة، غداً الأربعاء، يدعو خلالها رئيس المجلس النواب لإجراء انتخابات لـ 25 لجنة نوعية، لاختيار رئيس لكل لجنة، ووكيلين لها، وأمين للسر، بحيث تُجرى الانتخابات بين المرشحين بطريق الاقتراع السري تحت إشراف لجنة يشكلها مكتب مجلس النواب، من بين أعضاء اللجان غير المتقدمين للترشح على مناصبها.

ويستهدف حزب "مستقبل وطن"، المحسوب على نظام السيسي، المنافسة على غالبية مناصب اللجان في البرلمان، بعد انضمام قرابة 150 نائباً إلى الحزب من ائتلاف "دعم مصر" وأحزاب "المصريين الأحرار" و"الوفد الجديد" و"الحركة الوطنية"، للتحكم في قرارات مجلس النواب إزاء التشريعات المرتقبة خلال الفترة المقبلة. وكان نائب رئيس الحزب، عبد الهادي القصبي، فاز بمنصب رئيس ائتلاف "دعم مصر" بالتزكية، في حين استطاع قادة "مستقبل وطن" السيطرة على أغلب مقاعد المكتب السياسي لائتلاف الأغلبية، في إطار صراع النفوذ بين الأجهزة السيادية داخل البرلمان، إذ شُكل الائتلاف بمعرفة جهاز الاستخبارات العامة، بينما يُدير جهاز الأمن الوطني الحزب من وراء الستار.



وتتصدر تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، التي طاولت نحو 270 مادة، وتعد الأضخم منذ إصدار التشريع في العام 1951، الأجندة التشريعية للبرلمان في دور الانعقاد الجديد، والتي أدخلتها الحكومة بناءً على مقترحات مجموعة من ورش العمل، حضرها عدد من أساتذة القانون، والقضاة، وجهات إنفاذ القانون بوزارة الداخلية، وممثلي الأجهزة الرقابية. وأدخلت الحكومة تغييرات جوهرية على القانون، من شأنها الإسراع من وتيرة إنجاز القضايا الجنائية، مع الأخذ بالوسائل البديلة كالصلح لتسوية المنازعات الجنائية ذات الطابع المالي، واستحداث طريقة جديدة لإعلان الشهود، وربطه بالرقم القومي، وتنظيم إجراءات الحبس الاحتياطي، وبدائله، ومُدده، والتعويضات حال التضرر، في حالات حددها القانون.

كما يستهدف البرلمان الإسراع في مناقشة مشروع قانون تنظيم التجارة الإلكترونية، والذي يرمي إلى توفير مزيد من الموارد المالية لصالح خزانة الدولة، من خلال تحصيل الضرائب المستحقة على إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بدعوى تنظيم فوضى الإعلانات على منصات البيع والشراء الإلكتروني، على اعتبار أنها تُدر أرباحاً ضخمة لأصحابها. كذلك يخطط مجلس النواب، مع بداية دور انعقاده، لتمرير قانون العمل الجديد، والذي يواجه رفضاً واسعاً من جانب المنظمات والنقابات العمالية المستقلة، كونه ينحاز بشكل صريح إلى أصحاب العمل على حساب الملايين من العاملين في القطاع الخاص، في الوقت الذي تروج الحكومة أن التشريع يخدم توجهات الدولة نحو تشجيع الاستثمارات. ومن المنتظر أن يحسم البرلمان مشروع قانون التصالح في مخالفات البناء، والذي يهدف إلى تحصيل المليارات من أموال المصريين لمواجهة العجز في موازنة الدولة تحت مسمى "عائدات التصالح". وينص على مصادرة العقارات المخالفة بحكم قضائي، وإنشاء دوائر خاصة في المحاكم للفصل في مخالفات البناء والمرافق العامة بالدولة. ووفقاً لحديث مصادر نيابية مطلعة مع "العربي الجديد"، فإنه من المرجح تأجيل مناقشات قانون الإدارة المحلية الجديد، للعام الرابع على التوالي، لصعوبة إحكام قبضة النظام على انتخاباتها، أو ولاء جميع مرشحيها، والذين يُقدرون بعشرات الآلاف، على الرغم من الوعود المستمرة من السيسي، وحكومته، بشأن إجراء الانتخابات المحلية، في ضوء حجم الفساد المستشري داخل الأجهزة البلدية في كافة المحافظات. ومن المستبعد كذلك فتح ملف قانون الأحوال الشخصية (الأسرة)، بوصفه أحد القوانين الشائكة التي ترفض الحكومة مناقشته حالياً من قبل البرلمان، علاوة على قانون الإيجارات القديمة، الذي يُثير مخاوف مشروعة بشأن طرد الملايين من المستأجرين بعد فترة زمنية أقصاها 10 سنوات، وتتحفظ الحكومة على طرحه خلال الفترة الراهنة، رغم محاولات العديد من النواب الدفعَ في هذا الاتجاه.