السيسي يبحث عن مرشح لمنافسته: حمدين صباحي يرفض تكرار سيناريو 2014

26 يناير 2018
يريد السيسي إنقاذ صورته في الانتخابات (العربي الجديد)
+ الخط -
يبدو أن تزكيات أعضاء البرلمان باتت الملاذ الآمن لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لاستدعاء مرشح لمنافسته في الانتخابات الرئاسية، لإنقاذ صورتها "الشكلية" أمام العالم، بعد انسحاب الحقوقي خالد علي من السباق الرئاسي جراء ممارسات السلطة القمعية، التي توّجتها باحتجاز رئيس أركان الجيش الأسبق، الفريق سامي عنان، فور إعلان ترشحه.

وقالت مصادر نيابية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، إن سيناريو جمع 25 ألف توكيل شعبي من 15 محافظة لأحد المرشحين لم يعد "واقعياً"، نظراً لضيق الوقت، وإغلاق الهيئة الوطنية للانتخابات باب الترشح للرئاسة يوم الإثنين المقبل، مرجحة تكثيف دائرة السيسي اتصالاتها مع النواب غير الموقّعين على استمارات تزكيته، بهدف إقناعهم بتزكية أحد منافسيه.
ويشترط الدستور المصري تزكية 20 برلمانياً على الأقل لأحد مرشحي الرئاسة، فيما أعلنت هيئة الانتخابات عن تقدّم حملة السيسي بعدد 535 تزكية من مجلس النواب، ليعوّل النظام على أكثر من 50 برلمانياً من غير الموقّعين لإقرارات التزكية، بعد رفضهم الضغوط التي مورست عليهم لتزكية الرئيس الحالي، لاعتبارات متباينة، جمعتها تفريط النظام في الأرض المصرية.

وتضم قائمة النواب غير الموقّعين لإقرارات التزكية، 15 نائباً من تكتل (25-30)، بعد استبعاد النائب المعين، يوسف القعيد، ويأتي في مقدمتهم: خالد يوسف، وهيثم الحريري، وأحمد الشرقاوي، وضياء الدين داوود، ومحمد العتماني، وأحمد الطنطاوي، وخالد عبد العزيز شعبان، ومحمد عبد الغني، ونادية هنري، وإيهاب منصور، وجمال الشريف.
كما تشمل مجموعة من النواب المقربين للبرلماني السابق، محمد أنور السادات، الذي أعلن تراجعه عن خوض انتخابات الرئاسة، وتتخذ موقفاً مناوئاً من الأغلبية تحت القبة، على غرار سمير غطاس، ومصطفى كمال الدين، وحسام رفاعي، وأكمل قرطام، وبعض المستقلين مثل طلعت خليل، وعصام الصافي، وعمرو الجوهري، ومحمد عطا سليم (مستقبل وطن).
وتشمل القائمة أيضاً مجموعة تُعرف بـ"تكتل الإرادة المصرية"، ومن نوابها: مدحت الشريف، وياسر عمر، وجلال عوارة، وخالد هلالي، وبدير موسى، ومحمود عزت، وحلمي أبو ركبة، ومحمود شحاتة، وإبراهيم نظير، ومحمد عبد الجواد، ومحمد الدسوقي، وعبد الرحمن جمال، ورانيا عبد الرحمن، وجليلة عثمان، ومنى جاب الله (المصريين الأحرار).

العامل المشترك بين هذه المجموعات هو اتخاذها موقفاً معارضاً للسلطة الحاكمة، برفضها تمرير اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، على الرغم من انتماء بعض هؤلاء النواب لائتلاف الأغلبية (دعم مصر)، الذي يعد أشد الموالين للسيسي، باعتبار أنه شُكّل داخل غرف الاستخبارات المغلقة، بحسب رواية سابقة للسياسي المنسحب منه حازم عبد العظيم.

وأفادت المصادر بأن النظام لا يعوّل على تكتل (25-30)، كونه حسم أمره بعدم تزكية أي من المرشحين لانتخابات الرئاسة، ويركز بشكل أساسي على مجموعة "تكتل الإرادة" التي تؤيد مواقف حكومته في أحيان كثيرة، علاوة على انتماء بعضها إلى ائتلاف الأغلبية، ما يسهل إمكانية الضغط عليهم لتزكية أحد المرشحين.
وأشارت المصادر إلى انحصار الترشيحات في اسمين، إما البرلماني المثير للجدل، مرتضى منصور، الذي أعلن ترشحه للرئاسة إعلامياً، غير أنه ذهب لتأييد السيسي في مؤتمر نظمه اتحاد الكرة قبل أيام قليلة، أو رئيس حزب "الوفد" السيد البدوي، الذي يواجه ضغوطاً للترشح، مقابل بعض التسويات لديونه، بينما زكى جميع نواب حزبه في البرلمان السيسي.

وكشف مصدر حكومي مطلع لـ"العربي الجديد"، أن السيسي كان يراهن على استمرار خالد علي في المنافسة حتى لا تتحول الانتخابات إلى استفتاء بموجب قانون الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي لم يحدث في مصر منذ عام 1999 الذي شهد آخر استفتاء أحادي القطب على استمرار الرئيس المخلوع حسني مبارك في منصبه. لكن السيسي على ما يبدو ليس متحمساً لأن يكون منافسه الوحيد هو مرتضى منصور، المعروف بتأييده السيسي.


أما عن وضع السيد البدوي، فهو وفق المصدر الحكومي مرشح محتمل يسهل الحصول على تزكية 20 نائباً لصالحه. وأوضح المصدر أن "البدوي لا يرفض إطلاقاً أداء هذا الدور، ويدعمه عدد من أعضاء الهيئة العليا في الحزب، سعياً للحصول على مكاسب من السلطة، خصوصاً أن فرص بقاء البدوي في رئاسة الحزب ضعيفة لانخفاض شعبيته". وأوضح المصدر أنه في حالة تعثر مشاركة البدوي، لن يجد السيسي بُداً من خوض الانتخابات وحيداً بنظام الاستفتاء، مما يعني احتياجه لنسبة 5 في المائة فقط من الناخبين لتأييده، أي حوالي 3 ملايين صوت.

وكان البرلماني المقرب من الاستخبارات، مصطفى بكري، قال أمس، إن الساعات المقبلة ستكشف عن مفاجآت في انتخابات الرئاسة، والدفع بمرشح أو أكثر في مواجهة السيسي، مشيراً إلى حدوث اتصالات مكثفة لإقناع حزب "الوفد" بالدفع بمرشح، وبعدد من النواب لجمع 20 تزكية برلمانية لصالحه، باعتبار أن هناك نحو 50 نائباً من غير المزكّين للسيسي.

ويأتي طرح اسمي البدوي ومنصور، بعدما كان المرشح الرئاسي السابق، القيادي الناصري المعروف حمدين صباحي، قد رفض مقترحاً أرسله له عباس كامل، مدير مكتب السيسي عبر وسطاء بخوض انتخابات الرئاسة، كبديل للمرشح المنسحب خالد علي، والذي كان صباحي قد أعلن مساندته له وتوثيق توكيل باسمه قبل أيام.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة أن مكتب عباس كامل تواصل على مدار الأيام الخمسة الماضية عبر وسطاء سياسيين واستخباراتيين بخالد علي لإقناعه بالاستمرار في المنافسة الرئاسية، لكنه لم يرد على تلك المطالبات التي تحوّلت في الساعات الأخيرة إلى مناشدات عبر وسائل الإعلام التابعة للسيسي. وغيّرت الوساطات المنطلقة من مكتب عباس وجهتها إلى صباحي فور علمها منذ يومين باتجاه معظم أعضاء حملة خالد علي للانسحاب، قبل إعلانه رسمياً ذلك، لكن صباحي رفض بصورة قاطعة، ولم يمنح الوسطاء فرصة للتفاوض، على خلفية تراجع أسهمه بشدة في السنوات الأربع الأخيرة بعدما قبل الدخول كمنافس وحيد للسيسي في انتخابات 2014 وحصوله على عدد أصوات متواضع أقل من عدد الأصوات الباطلة، ما أثر سلباً على شعبية حزبه "تيار الكرامة" وأدى إلى فشله في دخول برلمان 2015.

وعلى الرغم من ذلك، بدأت ماكينة الحشد التابعة للسيسي في عمل توكيلات لصباحي في بعض المحافظات، بحسب مصدر في وزارة العدل، أكد "ارتفاع عدد توكيلات صباحي من نحو 6 توكيلات فقط حتى مساء أول من أمس إلى نحو 300 توكيل مساء أمس"، مما يشير إلى محاولة عملية لطمأنة صباحي بإمكانية جمع التوكيلات له. ولكن لن يكون من السهل إعانة أي مرشح تابع للدولة من دخول الانتخابات بواسطة التأييدات الشعبية، وذلك لضيق الوقت. وفي المقابل تبدو فرصة أي مرشح مدفوع من الدولة للحصول على تزكيات 20 نائباً لخوض الانتخابات مواتية.

وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، قد أعلنت أمس أنه لم يتقدّم أحد لانتخابات الرئاسة، لليوم السادس على التوالي، باستثناء السيسي، موضحة أنه في حال عدم ترشح أحد، يجب حصول "المرشح الواحد" على نحو ثلاثة ملايين صوت، لإعلان فوزه بالمنصب الرئاسي، وهو ما يعادل 5 في المائة من عدد المواطنين الذين لهم حق الانتخاب.
وعما أثاره المرشح المنسحب خالد علي، من ضغط الجدول الزمني للانتخابات، قالت الهيئة في بيان لها إنها "متمسكة بالقانون في كافة قراراتها وإجراءاتها المتعلقة بإدارة الانتخابات الرئاسية، والإشراف عليها"، مستندة إلى المادة الثالثة من قانون إنشائها، التي تؤكد أحقيتها في إصدار قراراتها بدعوة الناخبين، وتحديد الجدول الزمني لمواعيد الانتخابات. وفي ما يخص استبعاد سامي عنان من بيان الناخبين، زعمت الهيئة أن قراراتها تتم باستقلالية تامة، وأنها تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين وتتعامل بحيادية.