النظام السوري على مشارف "أبو الظهور"... وشجب لخرقه منطقة "خفض التصعيد"

10 يناير 2018
25 كيلومتراً تفصل قوات النظام عن المطار(عمر قدور/فرانس برس)
+ الخط -
في وقتٍ تواصل قوات النظام السوري والمليشيات التي تقاتل معها، الزحف باتجاه مطار أبو الظهور العسكري شرقي محافظة إدلب، مهددة بفصل مساحة واسعة من المحافظة عن مناطق سيطرة المعارضة، نفى عضو وفد المعارضة بمفاوضات أستانة، العقيد فاتح حسون، أن تكون اتفاقات أستانة قضت بتسليم مناطق في إدلب إلى النظام السوري. كما طالب وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، إيران وروسيا بتحمل مسؤولياتهما، إزاء هجمات النظام على المحافظة المشمولة باتفاق مناطق "خفض التوتر".

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن قوات النظام سيطرت على قرية بياعة صغيرة جنوب مطار أبو الظهور العسكري شرقي إدلب، وباتت على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات من الجبهة الجنوبية للمطار، فيما لا تزال المعارك مستمرة مع "هيئة تحرير الشام" في محيط القرية.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الاشتباكات باتت أيضا في محيط بلدة أبو الظهور التي تبعد عن المطار قرابة 2.5 كيلومتر إلى الغرب على الطريق الواصل بين المطار ومدينة معرة النعمان.

ويأتي التقدم السريع لقوات النظام المدعومة بمليشيات أجنبية في محور أبو الظهور بفضل الدعم الجوي الروسي المكثف والقصف الصاروخي والمدفعي العنيف على مواقع "هيئة تحرير الشام" ومنازل المدنيين.

وأسفر القصف الجوي الروسي اليوم عن مقتل ثلاثة مدنيين بينهم امرأة، وجرح العديد من المدنيين في مدينة معرة النعمان وبلدة أبو الخوص ومدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي.

وكانت مصادر إعلامية تابعة للنظام، ذكرت في وقت سابق اليوم، أن قوات الأخير باتت على مشارف مطار أبو الظهور العسكري، وذلك بعدما سيطرت، مساء أمس وفجر اليوم، على قرى وبلدات عدّة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي آخرها بياعة الدنش جنوبي المطار، إضافة إلى قرى وريدة الكو، الراعفية، وجب أبيض ورسم الحميدي، العادلية، وريدي، العوجة، تل العوجة، برتقالة، الجابرية، كراتين كبير، كراتين صغير، اسطبلات، سروج شمالية، الخريبة، ربيعة برنان، جنوب شرق إدلب.

كما أشارت المصادر عينها إلى أنّ تلك القوات باتت على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات عن مطار أبو الظهور العسكري.



وكانت قوات النظام أعلنت أنها قطعت نارياً الطريق الواصل بين أبو الظهور - معرة النعمان بعد سيطرتها على قرية الخريبة. كما أعلنت أنها قتلت 9 من قوات النخبة التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" على جبهة أبو الظهور في ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

وتقول مصادر النظام، إنّ المسافة التي تفصل بين القوات المتقدمة باتجاه مطار أبو الظهور وتلك الموجودة جنوب الحاضر في ريف حلب الجنوبي، هي (25 كيلومتراً) وفي حال التقائهما تكون فصائل المعارضة حوصرت في جيب يقدر بـ3 آلاف كيلومتر، وهو يزيد عن ربع المساحة الكلية لمناطق سيطرة المعارضة في محافظة إدلب، وهو ما تسبب بحدوث موجة نزوح كبيرة، خوفاً من حصار المنطقة من قبل قوات النظام.

وحذّرت مصادر عسكرية في المعارضة من أن سيطرة قوات النظام على مطار أبو الظهور، والتقاء قواته المتقدمة من الجنوب والشمال بعضها ببعض، سيحول ريف حلب الجنوبي إلى منطقة ساقطة عسكرياً.

ورغم تمكن فصائل المعارضة من صد هجمات عدّة للنظام والمليشيات الإيرانية على جبهات جنوب حلب، حتى الآن، إلا أن المحور الجنوبي يشهد تقدماً متسارعاً لقوات النظام بالتزامن مع قصف جوي روسي عنيف.

وطاول القصف، صباح اليوم، قرية الدير الشرقي ومحيط بلدة معرشمارين جنوبي إدلب. كما طاول القصف الجوي مناطق في ريف إدلب الجنوبي خاصة مدينة خان شيخون، وبلدة التمانعة. وتجدد القصف أيضاً على بلدة اللطامنة في الريف الشمالي لحماة.

ويعتبر مطار أبو الظهور ثاني أكبر قواعد النظام في الشمال السوري، وسيطرت عليه فصائل المعارضة في سبتمبر/أيلول 2015، بعد هجوم قادته "جبهة النصرة" آنذاك بالتعاون مع "الحزب الإسلامي التركستاني"، وكان هو آخر وجود لقوات النظام في المحافظة، باستثناء بلدتي كفريا والفوعة، اللتين ما زالتا تحت سيطرة مليشيات من سكان المنطقة وتخضعان لحصار فصائل المعارضة.

في المقابل، نفى العقيد فاتح حسون أن تكون اتفاقات أستانة قضت بتسليم مناطق في إدلب إلى النظام السوري، وفق ما يدعي الأخير لتغطية هجومه الراهن والذي يستهدف الوصول إلى مطار أبو الظهور واقتطاع مجمل المناطق شرقي سكة الحديد في ريف إدلب الشرقي.

وقال حسون في تصريح لـ"العربي الجديد" إنه تم في جولة أستانة السادسة وما قبلها الاتفاق على مناطق خفض التصعيد الأربع، ولم يتم تبادل خرائط أو الاتفاق على هذه المناطق بشكل نهائي. وبالنسبة لمنطقة إدلب، أوضح حسون أن الطرح الذي تم تداوله هو "أن يكون كل ما هو غرب السكة تحت سيطرة الثوار مع انتشار نقاط مراقبة للجيش التركي. أما شرق السكة فهي منطقة لا وجود فيها للنظام ومليشياته، وتتم إدارتها من قبل أهالي المنطقة (مجالس ثورية وأبناء فصائل) على أن يتم نشر نقاط شرطة عسكرية روسية - شيشانية وبأعداد محدودة في تلك المنطقة".
وأضاف حسون أن الإيرانيين طلبوا أن يكون لهم مراقب واحد ضمن نقاط الشرطة الروسية وتم رفض هذا الطلب من قبل وفد قوى الثورة" وأكدنا أن أي إيراني في المنطقة هو هدف مشروع وكان الموقف التركي مع موقفنا وتجاوب الروس حينها مع موقفنا".

واستطرد بالقول "لكن بعد فشل الاتفاق لأن هناك قوى رفضت استكمال الدخول التركي إلى 12 نقطة متفق عليها، بات الروس يقولون اليوم إنهم في حل من الاتفاق كله". وأكد حسون أن ما يجري من معارك وقصف ومجازر هو نتيجة فشل الاتفاق مؤكداً أنه لا يمكن أن "نوافق

على أي اتفاق يتضمن التنازل عن أرض حررناها بدماء شهدائنا" مشيراً إلى أن من "يقوم بالتصدي لهذه الهجمة على شراستها وقوتها هي الفصائل المشكلة لوفد قوى الثورة العسكري وأهالي المنطقة".

وأوضح أن الإيرانيين هم من يقف خلف هذا الأمر، وقد كشفوا عن نيتهم تلك خلال اجتماع أستانة حيث أرسل مندوب إيران رسالة إلى "أحد قادة وفد المعارضة قال له فيها: "تريدون دخول تركيا لإدلب وترفضوننا؟ أقول لكم لن يتم هذا الاتفاق وأنا بذلك زعيم".

وبين أنه خشية من فصائل المعارضة بأن يكون هناك توجه بين العشائر قريب من النظام، فقد تم تشكيل مجلس العشائر في إسطنبول ليكون قادرًا على تأمين إدارة المنطقة، وتشكيل جيش لذلك بدون سلاح ثقيل، وبالتالي تصبح المنطقة لأهلها دون وجود للأسلحة الثقيلة.
وأكد حسون أن القوى العسكرية الموجودة في وفد أستانة هي من القوى التي حاربت النظام وأعوانه في هذه المنطقة وما زالت، وستقوم بواجبها العسكري المفروض عليها طبقاً لاتفاق خفض التصعيد الذي يعطيها حق الرد و"هذا حق لا نتنازل عنه كما حقنا في إسقاط النظام".
وأشار إلى أنه تم التواصل مع الضامن التركي الذي كان موقفه واضحاً في رفض هذه التجاوزات معرباً عن اعتقاده أن روسيا بدأت تجد نفسها محرجة أمام تركيا بضمانتها للنظام ولا بد أن تخطو خطوات جادة للتراجع عما حدث، و"أما إيران فلا ضمان ولا عهد ولا ذمة لها"، حسب تعبيره.
من جهتها، شجبت الحكومة السورية المؤقتة "الهجمة الشرسة" التي تشنها قوات النظام بالتنسيق مع روسيا باتجاه منطقة "خفض التصعيد" في محافظة إدلب شمال غربي سورية.
وقال بيان للحكومة إن هذه الهجمة "ما كانت لتكون لولا توفر الغطاء الدولي الذي يدعمها ويتستر عليها". ودعا البيان المجتمع الدولي إلى الوقوف بحزم ضد جرائم النظام وانتهاكاته لكل الاتفاقيات الموقعة.



على صعيد متصل، شدّد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، على ضرورة أن تتحمّل إيران وروسيا مسؤولياتهما، إزاء هجمات النظام السوري على محافظة إدلب المشمولة باتفاق مناطق "خفض التوتر" في اجتماع المحررين بوكالة "الأناضول"، تعليقاً على تصاعد انتهاكات النظام السوري لاتفاق "خفض التوتر" برعاية الدول الضامنة الثلاث تركيا وروسيا وإيران.

وأضاف الوزير التركي، أنّ وزارته استدعت، أمس، سفيري روسيا وإيران لدى أنقرة، للتعبير عن انزعاجها جراء هجمات النظام السوري على مناطق "خفض التوتر" في محافظة إدلب.

فيما دعا موسكو وطهران إلى لجم هجمات النظام السوري على مناطق خفض التوتر المتفق عليها.

وأشار جاووش أوغلو إلى أنّ تركيا تسعى، منذ عام كامل، إلى تحقيق وقف إطلاق النار في سورية، والإقدام على خطوات من شأنها رفع مستوى الثقة المتبادلة.

وتابع "الأوضاع على الساحة السورية معقدة، لذا من المتوقع أن تحدث بعض الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن ما يحصل في الفترة الأخيرة من اعتداءات على مناطق خفض التوتر، تجاوز حد الانتهاكات المتوقعة".

وأردف قائلاً "هناك العديد من المناطق المحاصرة في سورية، وقد تم فتح معابر من تلك المناطق نحو محافظة إدلب، من أجل انتقال المدنيين، لكن بعض المجموعات الإرهابية دخلت إدلب من خلال تلك المعابر".

وأكّد جاووش أوغلو أنّ قوات بلاده المسلحة تواصل إنشاء نقاط مراقبة وقف إطلاق النار داخل حدود محافظة إدلب، مشيراً إلى أنّ 95 في المائة من الانتهاكات تأتي من قِبل قوات النظام السوري والداعمين لها.

بدورها، نفت "هيئة تحرير الشام" مجدداً اتهامات وجهت لها بتسليم مناطق في ريف إدلب الجنوبي والشرقي لقوات النظام دون قتال جدي. وقال القائد العسكري في الهيئة أبو حمزة الحمصي، في فيديو بثته وكالة "إباء" التابعة للهيئة، إن عناصر الهيئة يقاتلون منذ خمسة أشهر النظام السوري والمليشيات الأجنبية والمحلية الموالية له.

ودعا الحمصي فصائل المعارضة للنزول إلى الجبهات في ريفي إدلب وحماة، مشيراً إلى أنه في حال حصل أي تقدم لقوات النظام السوري فسيعم الخطر كل مناطق المعارضة.

من جهة أخرى، يتعرض وفد هيئة التفاوض في ريف حمص الشمالي لضغوط من قبل الجانب الروسي للجلوس مع النظام السوري، وذلك قبل خمسة أيام من انتهاء اتفاق "خفض التصعيد" الذي يشمل المنطقة.

وفي بيان للناطق الرسمي باسم الهيئة، بسام السواح، اليوم قال إنهم تلقوا رسالة من روسيا تتضمن تاريخ انتهاء اتفاقية مناطق "خفض التصعيد" في 15 الشهر الجاري، معتبرًا أنها نوع من الضغط للقبول بالجلوس مع النظام.

وأضاف أن هيئة التفاوض رفضت الجلوس مع النظام، وأكدت على أن تكون المفاوضات مع الجانب الروسي فقط.

وقتل مدني وأصيب آخرون جراء قصف مدفعي من قوات النظام السوري على مدينة تلدو وبلدة الغنطو في ريف حمص الشمالي الخاضع لاتفاق خفض التوتر.


في الغوطة الشرقية، بمحيط العاصمة دمشق، نفت مصادر المعارضة أن تكون قوات النظام تمكنت من فك الحصار عن عناصرها في بناء إدارة المركبات بحرستا، وذلك رداً على مقاطع فيديو بثتها وسائل إعلام مقربة من النظام ظهرت فيها مجموعة تابعة للنظام قالت، إنها دخلت إلى مبنى إدارة المركبات.

من جهتها، أوضحت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن ما حصل هو قيام مجموعة من قوات النظام بفتح ثغرة في البناء وسحب بعض عناصره المصابين إلى مشفى تشرين العسكري ومن بينهم ضابط برتبة لواء، كما تمّ إدخال بعض الطعام والذخيرة لعناصره هناك، غير أنه تم إغلاق تلك الثغرة الآن.

وبعد المجازر التي ارتكبتها، أمس، في مدينتي حمورية ودوما ومناطق الغوطة الشرقية الأخرى، واصلت قوات النظام، صباح اليوم، قصف تلك المناطق موقعةً المزيد من الإصابات.

وقالت مصادر محلية، إن قوات النظام قصفت بالمدفعية مدينتي دوما ومسرابا فيما أغار الطيران الحربي على منطقة جوبر شرقي دمشق.

وذكرت مصادر الدفاع المدني، أن عدد القتلى نتيجة الغارات والقصف المدفعي على الأحياء السكنية والسوق الشعبية في مدينة حمورية، أمس، ارتفع إلى 16 مدنياً، ما يرفع إلى 26 العدد الإجمالي للقتلى. وأوضح الدفاع المدني أن من بين القتلى سبعة أطفال وأربع نساء، فضلاً عن إصابة أكثر من 25 آخرين.

وتكثف قوات النظام في الآونة الأخيرة قصفها مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية، ما أدى إلى مقتل وجرح مئات المدنيين ودمار بالأبنية، وذلك بالتزامن مع العملية العسكرية للفصائل في مدينة حرستا ومبنى إدارة المركبات، التي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من عناصر النظام.

إلى ذلك، ذكرت مصادر لموقع "صوت العاصمة" أنه تم اعتقال عدد من ضباط الحرس الجمهوري بقوات النظام وتحويلهم إلى التحقيق على خلفية وقوع مجموعة مؤلفة من خمسين شخصاً بين أسير وجريح أثناء اقتحام إحدى النقاط التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في محيط إدارة المركبات العسكرية.

وقالت المصادر، إنّ المجموعة التي دخلت إحدى النقاط في حرستا، لم يعد منها إلا خمسة أشخاص، فيما قُتل باقي أفرادها، أو وقعوا في الأسر.