التواصل المباشر بين الحوثي وصالح: محاولة احتواء التصعيد تنتظر الاختبار

14 سبتمبر 2017
وصول الأزمة إلى حدود غير مسبوقة (Getty)
+ الخط -
بدت الأوساط السياسية اليمنية في تباين لا تنقصه الحيرة إزاء التطور الأخير، ممثلاً بالتواصل المباشر بين زعيم جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وحليفه علي عبدالله صالح، بعد وصول الأزمة بينهما إلى حدود غير مسبوقة، وما إذا كان التواصل قد جاء انعكاساً لخطوات نزعت فتيل الانفجار، أم أنها قد لا تكون أكثر من مناورة مؤقتة بعد أن تكشفت الخلافات العميقة. 

وأكدت مصادر قريبة من الحوثيين، وأخرى من "حزب المؤتمر"، الذي يترأسه صالح، لـ"العربي الجديد"، أن أبرز ما تم الاتفاق عليه في تواصل مباشر على الهواء، بالصوت والصورة، بين عبدالملك الحوثي وعلي صالح، تمثل بالاتفاق على إجراءات تهدئة تحد من التوتر الحاصل في العلاقة بينهما، وفي مقدمة ذلك الاتفاق على وقف "التراشقات" الإعلامية في الوسائل التابعة للطرفين، وعلى مستوى الناشطين المحسوبين على الجماعة والحزب في مواقع التواصل الاجتماعي. 

ووفقاً للمصادر، والتي تعززها روايات شبه رسمية، فقد طرح كل من الحوثي وصالح على الآخر، خلال النقاش المباشر، مختلف نقاط الأزمة وشكاوى كل طرف من تصرفات الآخر، أو قيادات محسوبة على الطرفين، ومناقشة ما يتعلق بأزمة التعيينات الأخيرة، وأبرزها تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى من الموالين للجماعة، والتحفظ الذي يبديه حزب صالح تجاه التعيينات في السلك القضائي وأجهزة أخرى بشكل عام. 

وشرع الطرفان بترجمة التفاهمات المباشرة بينهما بتنظيم لقاء للإعلاميين الموالين للطرفين في صنعاء، أمس الخميس، بحضور رئيس ما يُسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، الذي يمثل واجهة أعلى سلطة للطرفين، صالح الصماد، وجاء اللقاء في محاولة لاحتواء التراشق الإعلامي بين الطرفين كأبرز انعكاس للأزمة الحاصلة بينهما. 

 

وكان لافتاً أن التواصل بين الحوثي وصالح جاء عقب اجتماع ضم الأخير، مع أمين عام حزبه، عارف الزوكا، في مقابل رئيس "المجلس السياسي"، صالح الصماد (عن الحوثيين)، وكذا عبدالملك الحوثي (زعيم الجماعة)، الذي شارك في الاجتماع عبر شاشة تلفزيونية، لوجوده في محافظة صعدة، معقل الجماعة شمالي البلاد، ولم يشمل الاجتماع قيادات حوثية أخرى من المتواجدة في صنعاء. 

وعلى الرغم من أهمية النقاش المباشر الذي جرى الأربعاء الماضي، لأول مرة منذ تصاعد الأزمة، بالإضافة إلى التصريحات التي خرجت بها قيادات أو مقربون من الطرفين، وتعكس آمالاً باحتواء التصعيد، إلا أن كلا الشريكين لم يكشفا عن صيغة رسمية لاتفاق بينهما، يمكن من خلاله تقييم مدى التقدم على مستوى أبرز نقاط الخلاف.

 

وإزاء ذلك، تباينت آراء المحللين والمعلقين اليمنيين بشأن تقييمهم للخطوة، من خلال كسر التصعيد بالتواصل المباشر بين رجلي القرار في الجماعة والحزب، حيث بدا البعض محتاراً ومتردداً في تقديم قراءة حول الخطوة والحكم بنجاحها في احتواء التصعيد من عدمه، فيما رأى آخرون أنها قد تكون انعكاساً لوجود رغبة في عدم التصعيد أو تأجيله على الأقل، وكل ذلك ينتظر الاختبار في الفترة القادمة. 

ولا يعد التواصل المباشر بين صالح والحوثي أول اتفاق في ظل الأزمة التي تصاعدت منذ أسابيع، وبرزت معها احتمالات الصدام المسلح، إذ سبق أن التقت قيادات في الطرفين، أواخر الشهر الماضي، واتفقت على إنهاء "التوترات" وعودة الوضع الأمني إلى طبيعته في صنعاء كما كان قبل التصعيد، إلا أن الاتفاق لم يُترجم على أرض الواقع، وخلافاً لذلك استمر التصعيد وبلغ مرحلة غير مسبوقة خلال الأسبوع الجاري، بعد تعيينات من قبل الحوثيين في مناصب حكومية لم يوافق عليها حزب المؤتمر، الذي دخل مع الجماعة بشراكة في السلطة لإدارة مناطق سيطرة الطرفين منذ ما يزيد من عام. 

يذكر أن التواصل بين قيادتي الجماعة والحزب مستمر على أعلى المستويات منذ تصاعد الأزمة بينهما، بما في ذلك المكالمات الهاتفية أو الرسائل المنقولة بين صالح والحوثي، وهو ما أكده الأول في مقابلة تلفزيونية مؤخراً بأنه قدم تطمينات للحوثي حول طبيعة المهرجان الذي نظمه حزبه في ميدان السبعين في الـ24 من أغسطس/آب المنصرم. 

ومع اعتبار الأزمة التي تصاعدت بين الشريكين محوراً للتطورات السياسية اليمنية مؤخراً، لا يزال الوضع في غاية التعقيد، إذ ليس من المؤكد أن الطرفين، ومن خلال التواصل المباشر ونقاط الالتقاء بينهما، قد استطاعا فعلاً نزع فتيل تطور الأزمة التي كشفت عمقها الأسابيع الماضية، وكادت أن تصل إلى الصدام المسلح. ومع ذلك، تبقى التطورات في الأسابيع والأيام القادمة هي نقطة الاختبار الحقيقية لأهمية التفاهمات من عدمها.