محاضر لقاءات الوفد الأميركي برام الله: تشاؤم فلسطيني شامل

29 اغسطس 2017
طالب عباس واشنطن بموقف واضح من حل الدولتين والاستيطان(Getty)
+ الخط -
يتضح مما رشح من معلومات بعد لقاء القيادة الفلسطينية بوفد من الإدارة الأميركية، يوم الخميس الماضي، أنه على الرغم من التصريحات الإيجابية للرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلا أن اللقاء لم يتم كما هو مخطط له، إذ أكد عباس على مطالبه من الإدارة الأميركية بموقف واضح من حل الدولتين والاستيطان، ورغبته بأن تكون الإدارة الأميركية قد وصلت مع نهاية العام الحالي إلى رؤية واضحة ومعلنة حول ما سبق، إضافة إلى سقف زمني للعملية السلمية.

وأكدت مصادر فلسطينية مطلعة، أن القيادة الفلسطينية رفضت الالتزام بالبيان البروتوكولي الذي أرسله الوفد في وقت سابق من يوم الأربعاء، على أن يتم نشره بعد اللقاء، إذ رفضه الفلسطينيون وأصروا على عدم تبنّيه في حال تم نشره، لأنه مليء بالتلاعب بالألفاظ وشراء الوقت، على حد تعبير المصادر. وحسب البيان، الذي لم يتم نشره ووصل "العربي الجديد" من مصادر خاصة، فقد جاء فيه: "جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات ودينا باول ناقشوا البدء في محادثات حقيقية وذات مضمون وأكدوا أن البدء في المحادثات سيكون خطوة هامة، ولكن التوصل إلى سلام سوف يتطلب وقتاً أطول". وتابع البيان: "الجانب الأميركي شجّع الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية على خلق أجواء ملائمة لصناعة السلام بما يشمل العمل مع الإسرائيليين في مشاريع ذات مصلحة وفوائد مشتركة خلال الفترة المقبلة. أكد كوشنر وغرينبلات وباول، أن الولايات المتحدة سوف تستمر بالعمل بشكل دؤوب مع الإسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق هدفهم بسلام دائم بينهم".

لكن هذا البيان لم يخرج إلى العلن، إذ تم استبداله من القنصلية الأميركية في القدس المحتلة بفقرة واحدة مقتضبة هي: "عقدت السلطة الفلسطينية ووفد الولايات المتحدة اجتماعاً مثمراً ركز على كيفية بدء محادثات جوهرية للسلام الإسرائيلي - الفلسطيني. واتفق الجانبان على مواصلة المحادثات التي تديرها الولايات المتحدة باعتبارها أفضل طريق للتوصل إلى اتفاق سلام شامل".

وأكدت مصادر فلسطينية رفيعة لـ"العربي الجديد"، أن "الوفد الأميركي طلب المزيد من الوقت من القيادة الفلسطينية، التي أصرت على نقاط محددة، وهي إعلان واضح من الإدارة الأميركية بتبنّي حل الدولتين، ووقف الاستيطان، فضلاً عن سؤال الوفد الأميركي ما هي حدود دولة إسرائيل التي اعترفت بها الولايات المتحدة الأميركية، والمطالبة بسقف زمني لأي عملية سلمية ستقدمها الإدارة الأميركية". ومن الواضح مما رشح من معلومات، أن عباس لا يملك أن يرفض طلب واشنطن مزيداً من الوقت لبلورة رؤية للتحرك السياسي، ملمحاً وراغباً أن ينتهي هذا الوقت مع نهاية العام الحالي، وهذا ما يفسر تواصله المكثّف مع بعض الرؤساء العرب عبر الهاتف لإطلاعهم على ما تم مع الوفد.

وأكدت المصادر أن عباس سيتطرق لهذا الأمر في خطابه المقبل في الأمم المتحدة، أي وجود سقف زمني تُقدّم على أساسه الإدارة الأميركية رؤيتها للحل، وأن أمامه هامشاً للتحرك عبر تقديم طلب لمجلس الأمن بعضوية كاملة لدولة فلسطين، والتوجّه للمحكمة الجنائية الدولية للجم وتجريم الاستيطان، والانضمام بشكل عملي وليس شكلي للمنظمات والمعاهدات الدولية، وهي الأمور التي يمتنع حتى اللحظة عن القيام بها نزولاً عند الرغبة الأميركية.


وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني لـ"العربي الجديد"، إن الإدارة الأميركية طلبت مهلة، وقالوا إنهم "يبحثون ويتشاورون حول ما سبق أن طالبت به القيادة الفلسطينية من موقف واضح ومعلن حول حل الدولتين والاستيطان".
وتابع: "القيادة الفلسطينية أبلغت الوفد بأننا لا نستطيع الانتظار لوقت طويل، لأن الوقت الذي تطلبونه وغير المحدد بسقف، سيستغله بنيامين نتنياهو لتدمير حل الدولتين عبر المزيد من الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية لفرض واقع جديد لمصلحته، لذلك نحن لا نستطيع أن ننتظر أكثر". وأضاف: "لقد استبقت الإدارة الأميركية الزيارة بتصريحات من خارجيتها بأن تبنّي حل الدولتين يُعتبر تحيّزاً لطرف دون آخر، ونحن لا نريد أن ننحاز لأي طرف".

ورأى مجدلاني أنه "من الواضح أن الإدارة الأميركية انسحبت من اعترافها بحل الدولتين، وتنكّرت للموقف الأميركي التقليدي من حل الدولتين والاستيطان، وهي لا تشعر أن هناك أي ضغط عليها من أي جهة دولية"، مضيفاً: "كل ما يقوم به الأميركيون الآن هو المناورة ومحاولة كسب المزيد من الوقت، لإعطاء نتنياهو وقتاً أكبر لفرض أمر واقع على الأرض"، مشيراً إلى أنه "لا يوجد أي أفق للبدء بعملية سلام لم تحدد بدايتها من نهايتها، والهدف من المفاوضات". وأكد مجدلاني أن "الوفد الأميركي لم يأتِ في هذا اللقاء على ذكر مخصصات الشهداء والأسرى والجرحى والتحريض".

من جهته، قال مستشار رئيس السلطة الفلسطينية للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، نبيل شعث، لـ"العربي الجديد"، إن "الوفد الأميركي الذي التقى الرئيس عباس مساء الخميس الماضي، أبدى عدم جاهزيته حول موقف الولايات المتحدة من قضيتي حل الدولتين والاستيطان، وطلب الوفد مزيداً من الوقت من أجل ذلك".

وأوضح شعث أن الطرف الفلسطيني أكد للوفد الأميركي موقفه بكل وضوح، وهو عدم الذهاب إلى مفاوضات إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس، بما فيها القدس الشرقية، مشيراً إلى أن المفاوضات ستكون على كافة المواضيع ومفاوضات الحل النهائي في مقدمتها المفاوضات على حق عودة اللاجئين، وحتى يكون ذلك مفيداً يجب أن يتوقف بناء المستوطنات كي لا يُستخدم الوقت لتعميق الاحتلال، الذي يواصل الاستيطان.
وأكد شعث أنه في حال ذهب الفلسطينيون للمفاوضات فيجب التأكيد على مرجعية المفاوضات، وهي المفاوضات السابقة والقانون الدولي والشرعية الدولية، وهو "ما قلناه بكل وضوح، لكن الأميركيين قالوا: نحن غير جاهزين لطلبات الفلسطينيين".

وتطرق شعث إلى ما روّج له الإسرائيليون وسربوه قبيل زيارة الوفد الأميركي، إذ روج الإسرائيليون للحديث مع عباس من قبل الوفد الأميركي حول موضوع التحريض وكذلك حول موضوع رواتب عائلات الشهداء والأسرى والحديث عن حل اقتصادي سخيف. ولفت إلى أن "أعضاء الوفد لم يتحدثوا عن شيء إلا أنهم استمعوا جيداً، وقالوا نحن غير جاهزين، إلى حين يكون لدينا مشروع أكثر تفصيلاً". وشدد شعث على أنه لا يعلم بتحديد وقت معين لبدء المفاوضات وأن مسألة الوقت مهمة.

من جهة أخرى، قال شعث إن "الرئيس عباس سيلقي خطاباً مهماً في الأمم المتحدة قريباً، سيكون واضحاً جداً بما يتعلق بكل المواضيع"، مؤكداً أن "الموقف الفلسطيني ليس سراً، والذي يؤكد على إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي فلسطين، إذ يعتبر العالم كله أن هذا الاحتلال غير شرعي، وبعد ذلك فإن أموراً كثيرة نريد التفاوض عليها والخوض بتفاصيلها، ولكن ضمن هذا الإطار وليس من خلال إطار آخر".