انطلاق معركة تلعفر جوّاً بضمانات لأنقرة وبدروس أخطاء الموصل

16 اغسطس 2017
التحضيرات متواصلة لمعركة تلعفر (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
أنهت القوات البرية العراقية عملية حصار مدينة تلعفر من محاورها الأربعة، التي توزعت بين قوات الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية ومليشيات "الحشد الشعبي"، بقوة تقدّر بأكثر من 35 ألف عنصر، وسط توقعات بمعركة أسهل بكثير من معركة الموصل، بسبب حجم مساحة المدينة مقارنة بالموصل، وعدد عناصر التنظيم الموجودين فيها. وباشر سلاح الجو العراقي فجر أمس، الثلاثاء، بعمليات قصف عنيفة على المدينة استهدفت 13 حياً سكنياً طاولت مبانيَ سكنية وحكومية مختلفة قالت وزارة الدفاع إنها مقرات لتنظيم "داعش". وذكر قائد قوات الجيش العراقي في محافظة نينوى، اللواء نجم الجبوري، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، أن "جميع القطاعات القتالية انتهت من تجمعها حول تلعفر وبانتظار ساعة الصفر من بغداد لبدء الهجوم البري الشامل على المدينة". أضاف أنه "لم يحدد أي سقف زمني لإنجاز عملية تحرير المدينة لكنها بالتأكيد ستكون بالنهاية عبارة عن بيان إعلان النصر وتحرير المدينة بالكامل". وبحسب المقدم شمس الدين محمد العنبري، مسؤول العمليات البرية في الجيش العراقي، فإن غارات يوم أمس أدت إلى قتل 17 من مسلحي تنظيم "داعش". من جهته، أعلن قائد الشرطة الاتحادية، الفريق الركن رائد شاكر جودت، الإثنين "وصول طلائع قوات الشرطة الاتحادية من الفرقة الخامسة والثالثة وأفواج القناصين والطائرات المسيرة وعشرات الآليات المدرعة إلى مشارف تلعفر، واستكمال كافة التحضيرات اللوجستية لمعركة تحرير تلعفر". وقال الكولونيل رايان ديلون، المتحدث باسم التحالف الدولي، يوم الخميس، إن التحالف شن ما يربو على 50 ضربة الأسبوع الماضي ضد مواقع دفاعية ومقرات قيادة ومستودعات ومعامل أسلحة تابعة للتنظيم في تلعفر وفي تقاطع كسك أيضا إلى الشرق. وأضاف في إفادة صحافية: "نتوقع أن تكون معركة استئصال داعش من أحد آخر معاقله في العراق صعبة".

وتقدر مصادر عسكرية عراقية في وزارة الدفاع ببغداد عدد المدنيين داخل المدينة بـ"أكثر من 50 ألف مدني، غالبيتهم عراقيون من القومية التركمانية والعرب السنة، يفرض تنظيم (داعش) عليهم إقامة جبرية ويمنع خروجهم من المدينة. كما يعاقب من يحاول منهم الفرار، فيما يقدر عدد أفراد داعش داخل المدينة، بأقل من ألفي عنصر غالبيتهم من الجنسية العراقية والسورية".

من جانبه، أفاد المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، العميد يحيى رسول، في بيان له بأن "سلاح الجو العراقي باشر بعمليات استنزاف استباقية لقدرات داعش، من خلال ضربات جوية استهدفت مقرات القيادة والسيطرة وتجمعات ومستودعات الأسلحة ومعامل التفخيخ للتنظيم الإرهابي". وأضاف رسول أن "الضربات الجوية ستستمر وفقاً لمعلومات استخبارية دقيقة". وأكد أن "الهجوم البري سيكون من خلال إعلان رسمي للحكومة العراقية ونحن بانتظار أوامر إعلان ساعة الصفر من القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي". ولفت إلى أن "القطعات المشتركة العراقية بجميع صنوفها ومسمياتها ستشارك في الهجوم، في إطار خطة المعركة، التي تشمل هجوماً من جميع المحاور في وقت واحد".



وفقاً للتسريبات الحالية من وزارة الدفاع، فإن "خطة الهجوم قد استفادت كثيراً من أخطاء خطة الهجوم السابقة على الموصل". وأكدت مصادر عسكرية عراقية أن "القوات المتواجدة في محاور المدينة الأربعة، ستهاجم في وقت واحد، بالتزامن مع القصف الجوي والصاروخي على المدينة".

وقال مسؤول في الوزارة لـ"العربي الجديد"، إن "محاور مطار تلعفر وطريق سنجار والشريعة ستكون ضمن مسؤولية القوات العراقية النظامية، بينما سيكون محور قرية عين الحصان الجنوبي من مسؤولية فصائل مليشيات الحشد الشعبي، وهي حزب الله العراقي والخراساني وبدر والعصائب والنجباء والبدلاء والإمام علي ومليشيات أخرى صغيرة".

وأكد أن "الولايات المتحدة أبلغت بغداد، رسمياً، أنها ستؤمن مظلة جوية للمحاور الثلاثة فقط، وهو ما يعني أن مهمة تأمين محور المليشيات ستكون لسلاح الجو العراقي حصراً ممثل بطائرات سوخوي وإف 16".
ولم تحتو الخطة على أي ممرات آمنة لخروج الأهالي، وهو ما يفتح باب الخوف واسعاً على حياة عشرات آلاف المواطنين واحتمال تكرار مأساة الموصل. كما أغلق الباب بوجه مقاتلي "داعش"، للخروج من المدينة وتجنيبها الدمار. يتوقع بحسب الخطة ألا تطول المعركة أكثر من 40 يوماً.

كما أكدت مصادر سياسية في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن "بغداد أكدت للسفير التركي لديها، فاتح يلدز، أن مهمة الحشد الشعبي ستنحصر على أسوار المدينة ولن تدخلها، في محاولة لتطمين الأتراك، بشأن مخاوفها من عمليات تطهير عرقية تحصل للتركمان العراقيين". وشددت على أن "مهمة اقتحام المدينة ستكون مقتصرة على القوات العراقية النظامية فقط".

وقال عضو الجبهة التركمانية العراقية في بغداد، داود بكر أوغلو، لـ"العربي الجديد" إن "المخاوف من وقوع عمليات انتقامية ضد السكان موجودة، لكن الضمانات التي قدمتها الحكومة وبعلم التحالف الدولي وتركيا قد تكون كافية للتفاؤل بقرب تحرير المدينة بأقلّ الخسائر". وتتربع مدينة تلعفر على رأس المثلث العربي التركي حيث العراق وسورية مع تركيا، ويبلغ تعداد سكانها نحو 300 ألف نسمة وفيها عرب وتركمان وأكراد. تبلغ مساحتها 4453 كيلومتراً مربّعاً. يتكلم غالبيتهم اللغة التركمانية بلهجة خاصة، إلى جانب العربية، اللغة الرسمية في المدينة. تقع تلعفر على بعد 38 كيلومتراً من الحدود التركية و60 كيلومتراً من الحدود السورية إلى الغرب من مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى شمال العراق. وتشتهر تلعفر بقلعتها الأثرية (قلعة تلعفر)، التي بنيت في العهد الآشوري، وتقع القلعة في منتصف المدينة على عين الماء. وبحسب مراقبين فإن أبرز الخلافات تكمن في المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد من جهة وبين الشيعة والسنة من جهة أخرى، خصوصاً إذا حاول "الحشد" دخول تلعفر. وقالت الأمم المتحدة إن 49 ألفا فروا من تلعفر منذ أبريل/نيسان الماضي. ووصفت عائلات فرت عبر الخطوط الأمامية ظروفا إنسانية في غاية السوء بالبلدة، مع تراجع مخزون المياه والغذاء.




المساهمون