نزوح داخل الغوطة الشرقية بسبب حربي النظام والفصائل

15 اغسطس 2017
يستهدف القصف مناطق عدة في الغوطة الشرقية (أنس الدمشقي/الأناضول)
+ الخط -
يبدو الوضع العسكري في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق، وآخر أهم معاقل المعارضة في محيطها، يتجه إلى التعقيد أكثر فأكثر. من جهة يواصل النظام هجمته الشرسة على جبهة جوبر وعين ترما، في محاولة منه السيطرة عليها وتأمين مواقعه بشكل أكبر، رغم سريان اتفاق "تخفيض التصعيد" الموقع بين الروس كجهة ضامنة والمعارضة برعاية مصرية منذ الثاني والعشرين من الشهر الماضي. ومن جهة أخرى يتواصل صراع داخلي بين أكبر فصيلين بالغوطة وهما "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" على المناطق التي انسحبت منها "هيئة تحرير الشام" في الغوطة.

وتواصل قوات النظام والمليشيات الموالية، مدعومة من الطيران الروسي، قصف حي جوبر الدمشقي وعين ترما يومياً بعشرات الصواريخ إضافة إلى المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، في إطار محاولتها حصار جوبر وقطع طرق إمداده من الغوطة الشرقية.

وفي السياق، نقلت "القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية" الروسية، عن أحد قادتها قولها، إن "القوات الحكومية المتواجدة شرق العاصمة دمشق تعتمد على العديد من الاستراتيجيات الهجومية لاستعادة السيطرة على مدينة جوبر الاستراتيجية".

كما أشارت "القناة" إلى أنه "لا تسير الأمور كما كان مخططاً لها وهو ما يعطي التنظيمات الإرهابية المزيد من الوقت لتدعيم استراتيجياتها الدفاعية التي تم تطويرها على مدار ست سنوات من القتال، وتحولت فيها المعارك الى حروب ما تحت الأرض مما يزيد الأمر صعوبة في السيطرة عليها من خلال الطرق التقليدية".

وكان الروس هم أصحاب خطة العمل على إطباق الحصار على جوبر عبر الالتفاف عليها وقطع خطوط الإمداد عنها، بسبب فشل النظام في إحراز أي تقدم يذكر بها، طوال أكثر من 4 سنوات.

وأفادت تقارير صحافية بحدوث حركة نزوح للمدنيين من عين ترما، إلى بلدات القطاع الأوسط، في حين بيّن الناشط الإعلامي، براء أبو يحيى، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "غالبية عائلات عين ترما ما زالوا في منازلهم، بسبب عجزهم عن دفع إيجار منزل في المناطق الأقل خطراً".

كما تطور التوتر بين كل من "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن"، بلغ حد وقوع اشتباكات بينهما على محاور بلدة بيت سوى ومزارع الأشعري والافتريس في غوطة دمشق الشرقية، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف الطرفين. كما تم اغتيال أحد أبرز قادة جيش الإسلام في الغوطة الشرقية، الملقب بـ"أبا عبد الله 200"، وهو قائد اللواء السادس فيه، وذلك إثر انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارته.

وفي السياق، أصدر جيش الإسلام، بياناً أمس الإثنين، قال فيه إنه و"بعد هجوم عنيف على مواقعنا في بلدات الأشعري-الافتريس-المحمدية، في الغوطة الشرقية من قبل فيلق الرحمن وجبهة النصرة، أرسلت يد الغدر بسهامها المسمومة لترمي القائد أبا عبد الله 200، قائد اللواء السادس في جيش الإسلام... كما رمت هذه السهام المسمومة نائب القائد أبا طلال مسالمة  فأصيب إصابة بليغة".

يشار إلى أن القيادي في جيش الإسلام "أبا عبد الله 200"، هو المهندس رضا الحريري، من بلدة بصرى الحرير في درعا مواليد 1989، متزوج وله ولدان أحدهما قتل في وقت سابق. الحريري حائز على إجازة جامعية في اختصاص هندسة الطيران، وكان قائد لواء الإمام الحسين قبل أن يندمج هذا الفصيل مع جيش الإسلام بشكل كامل، ثم تولى مهمة نائب قائد الأركان في جيش الإسلام، وبعدها قائد اللواء السادس في جيش الإسلام أحد أكبر ألوية الجيش في الغوطة الشرقية، بحسب مصادر "جيش الإسلام".

وشارك الحريري كأحد القادة الميدانيين في معركة "الله غالب" ومعركة "الله أعلى وأجل"، وكقائد لعملية "ذات الرقاع 4" في الغوطة الشرقية. كما أنه تم اعتقاله من قبل فيلق الرحمن وجبهة النصرة ومن ثم تحريره بعملية تبادل للأسرى في عام 2016، كما أنه شارك في معارك القضاء على جبهة النصرة في الغوطة الشرقية.

في غضون ذلك، لا تزال المفاوضات تدور في ما يخص ضم ريف حمص الشمالي إلى مناطق "خفض التصعيد". أفادت مصادر مطلعة في ريف حمص الشمالي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الروس يؤدون دور الوسيط ليس أكثر بين المعارضة في المنطقة والنظام، حيث حملوا في آخر اجتماع ورقة برؤية المعارضة للاتفاق، وما زلنا ننتظر رد الأخير". ولفتت المصادر إلى وجود "مطالب رئيسية تتعلق بربط مصير ريف حمص بباقي مناطق خفض التصعيد فتكون ملفاً واحداً، وأن يكون قتال الجماعات الإرهابية والنصرة وطردها، مرتبطاً بقتال حزب الله والمليشيات اللإيرانية وطردها خارج البلاد، وفتح الطريق العام لكي يكون مفتوحاً من درعا إلى الشمال السوري".

ولفتت المصادر إلى أن "الروس تعهدوا بتخفيف القصف، الذي استمر خلال الأيام الفائتة، وذلك بعد احتجاج وفد الهيئة العامة للمفاوضات في ريف حمص الشمالي على ذلك"، معربة عن اعتقادها أن "الاتفاق لن يوقف القصف بشكل كامل بل فقط تخفيض التصعيد وليس إنهاء التصعيد". وأشارت إلى أن "المفاوضات تتم في خيمة على معبر الدار الكبيرة، حيث يحضر وفد من الضباط الروس".

وكانت تقارير إعلامية ذكرت أن وفد المعارضة توصل للاتفاق على 4 بنود مع الوفد الروسي، تتلخص في بدء صياغة مشروع اتفاق جديد ومناقشته مع الوفد الروسي في الجلسات المقبلة، والالتزام بوقف إطلاق النار ضمن منطقة تخفيف التوتر، مع تسهيل دخول قوافل الإغاثة الأممية، والتأكيد على الإفراج عن كافة المعتقلين وأن هذا البند سيكون من أولويات الاتفاق.

وسبق أن تم الإعلان في بداية الشهر الحالي عن وجود اتفاق بين الروس والمعارضة لضم ريف حمص الشمالي إلى مناطق خفض التصعيد في سورية، يتضمن نشر قوات روسية في معبرين، وثلاثة نقاط رصد على طول خط التماس، مهمتها الفصل بين قوات النظام وفصائل المعارضة، إلا أن المنطقة شهدت كثافة في الخروقات خلال الأيام الماضية، ما يدل على عدم نضوج الاتفاق.

المساهمون