اليمن: أمل ضئيل بنجاح خطة المبعوث الأممي للتسوية في الحديدة

19 يوليو 2017
أكثر من 270.000 إصابة بالكوليرا بسبب الحرب باليمن(فرانس برس)
+ الخط -
ليست المرة الأولى التي يتزامن فيها التصعيد العسكري للحرب في اليمن مع تحركات ودعوات المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، للعودة إلى مسار المفاوضات السياسية. غير أن الطريق أمام المبعوث الأممي الذي اختار أخيراً طاولة الجامعة العربية لطرح مقترحاته السياسية، تبدو مسدودة أكثر من أي وقت مضى، ذلك أن "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) وحلفاءها في صنعاء، يرفضون البحث بمقترحاته بشأن تحييد منطقة الحديدة.

وخلال الـ48 ساعة الماضية، صعّد "التحالف العربي" بقيادة السعودية، من عملياته الجوية ضد أهداف متفرقة في مناطق سيطرة مسلحي الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، بأكثر من محافظة يمنية. وتزامن ذلك مع تصعيد الجيش اليمني الموالي للشرعية من هجماته وتنفيذه العديد من محاولات التقدم في جبهات المواجهات المباشرة، وسط أنباء عن سقوط عدد كبير من الضحايا بين قتيل وجريح من الجانبين، جراء المواجهات والغارات الجوية.

وأكدت مصادر تابعة للشرعية وأخرى قريبة من الحوثيين وحلفائهم لـ"العربي الجديد"، أن جبهة المخا في الساحل الغربي لمحافظة تعز، كانت الساحة الأبرز للتصعيد، إذ بدأت قوات الشرعية المدعومة من الإمارات، يوم الاثنين الماضي، هجوماً سعت من خلاله إلى السيطرة على معسكر خالد بن الوليد، الواقع في مفرق المخا، بمديرية موزع. ونفذت مقاتلات "التحالف" غارات مكثفة لدعم قوات الشرعية، فيما أعلنت الأخيرة أنها نجحت بالسيطرة على طريق يمكنها من قطع إمدادات الحوثيين بين الحديدة وتعز.

وفيما شمل التصعيد العسكري تكثيف الغارات الجوية في صنعاء ومحيطها خلال اليومين الماضيين، مع مواجهات في أكثر من جبهة بالبلاد، يشكل التصعيد في جبهة المخا غرب تعز التطور الأهم، باعتباره جزءاً من معركة الساحل الغربي، وما تتمتع به من أهمية استراتيجية متعلقة بالمناطق اليمنية المطلة على البحر الأحمر والقريبة من باب المندب. وتوقيت هذا التصعيد يبدو استثنائياً كونه يتزامن مع مقترحات إسماعيل ولد الشيخ أحمد حول ميناء الحديدة، وما يثار من أنباء عن سعي الإمارات، التي تقود العمليات، للوصول إلى سواحل تعز.

وكانت قوات من الجيش اليمني الموالية للشرعية بمشاركة قوات من "التحالف العربي" وبقيادة إماراتية، بدأت في يناير/كانون الثاني الماضي، عملية عسكرية أُطلق عليها "الرمح الذهبي"، بهدف السيطرة على الساحل الغربي لليمن وانتزاعه من الحوثيين وحلفائهم. ونجحت العملية بالسيطرة على أغلب مناطق مديريتي ذوباب والمخا، غرب تعز، وهما أقرب منطقتين ساحليتين باليمن إلى باب المندب، الواقعة تحت سيطرة القوات الإماراتية.


وفي السياق، كان لافتاً بدء التصعيد يوم الاثنين الماضي، بالتزامن مع الاجتماع الذي عقده ولد الشيخ أحمد مع مندوبي الدول الأعضاء الدائمين في الجامعة العربية. وقدم خلاله إحاطة عن أحدث التطورات في البلاد، ومقترحاته الخاصة باتفاق حول ميناء الحديدة، المرفأ الأول في البلاد، والذي تصل إليه المساعدات الأممية والواردات التجارية التي تغطي احتياجات السكان في أغلب المحافظات ذات الكثافة السكانية في البلاد.

وهناك علاقة واضحة بين التطورين، أي تصعيد المخا ومقترحات المبعوث الأممي لتسوية الحديدة. وترى مصادر قريبة من الحوثيين وحلفائهم لـ"العربي الجديد" أن التصعيد العسكري في الساحل الغربي بمثابة ورقة ضغط على الحوثيين وحلفائهم لدفعهم إلى القبول بخطة المبعوث الأممي الخاصة بميناء الحديدة. وكانت الحكومة الشرعية و"التحالف" أعلنا منذ أشهر أن الحديدة هي الهدف التالي بعد معركة المخا، في الجزء الجنوبي من الساحل الغربي الذي يمتد من تعز جنوباً مروراً بالحديدة وحتى حجة، شمالي غرب البلاد.

وعلى الرغم من الضغوط التي يمثلها التصعيد غرباً وحتى شرق صنعاء، بات واضحاً أن الحوثيين وحلفاءهم من حزب صالح، قد رفضوا ضمنياً المقترحات الأممية المقدمة من إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وهذا ما يمكن استنتاجه من خلال تصريح المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، رئيس وفدهم المفاوض، محمد عبدالسلام، يوم الاثنين الماضي، بالتزامن مع اجتماع المبعوث الأممي بالجامعة العربية، وقوله إن الأمم المتحدة بصدد تغيير مبعوثها إلى اليمن، وتمنيه على الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريس أن "يتدارك الأخطاء التي حصلت سابقاً من تمييع نشاطها وتبعيتها المطلقة" لما وصفه بـ"دول العدوان"، إشارة إلى دول "التحالف"، والتي يتهم الحوثيون المبعوث الأممي الحالي بالانحياز إليها.

وجاء تصريح المتحدث باسم الحوثيين ليمثل رسالة رفض واضحة للخطة التي يحملها المبعوث الموريتاني، وتتمحور بشكل أساسي، حول ميناء الحديدة والإشراف عليه أممياً على نحو يسمح بتدفق المساعدات والواردات التجارية ويمنع استغلال الميناء من قبل الحوثيين لتوريد السلاح (حسب اتهامات التحالف). وهذا الرفض الذي جاء كتجديد لمواقف سابقة للحوثيين، يضعف من فرص تحقيق خطة الأمم المتحدة الخاصة بالحديدة.

وبالنظر إلى مختلف المعطيات الميدانية وتطورات الأشهر الأخيرة، من الواضح أن موقف الحوثيين برفض المقترحات الأممية، يستفيد من الوضع الحاصل في المناطق التي تقدمت إليها قوات "التحالف" والشرعية جنوباً، وتحولت لمساحات نفوذ حصري لأبوظبي. وهذا الوضع بدأ يثير نقمة في اليمن، إذ برزت أصوات يمنية تنتقد كيف أصبحت مناطق استراتيجية في البلاد تحت السيطرة الإماراتية، وهو ما يحصل ربما في ظل صمت أو ضوء أخضر سعودي. وباتت أوساط يمنية تتحدث عن هذه المناطق بوصفها "مناطق محتلة"، ومن أبرزها باب المندب، وعدن، وصولاً إلى سقطرى الواقعة في ملتقى البحر العربي والمحيط الهندي، شرقي البلاد.