وساطة تيلرسون تواجه التعطيل من الرياض وأبوظبي

11 يوليو 2017
تحرّك تيلرسون يأتي بعد 45 يوماً على الأزمة(فايز نورالدين/AFP)
+ الخط -
يبدأ وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، اليوم الثلاثاء، وساطته من أجل إيجاد حل للأزمة الخليجية، وستكون الدوحة محطته الأولى، قادماً من الكويت التي وصلها أمس، حيث أجرى سلسلة من الاجتماعات مع أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد، ووزير الخارجية صباح الخالد الصباح، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ووزير الإعلام الكويتي بالوكالة، الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح، المكلف بمتابعة الملف.

ومن المقرر أن يلتقي الوزير الأميركي أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومن ثم سوف يعود للمبيت في الكويت، قبل أن يذهب يوم الأربعاء إلى جدة ليلتقي المسؤولين السعوديين والإماراتيين، ومن ثم سيعود للمبيت في الكويت.


بعد أن ينهي تيلرسون لقاءاته، من المتوقع أن يبلور تصوراً للحل يعرضه على طرفي الأزمة، ومن غير المعروف حتى الآن كيف سيتم تقديم العرض الأميركي. هل في صيغة لقاءات منفصلة؛ أم أنه سيدعو إلى اجتماع الطرفين، مثلما تسرب أمس من بعض الأوساط المطلعة في الكويت، التي أفادت بأن تيلرسون سوف يدعو للقاء وزراء خارجية دول الخليج، إذا وجد أن فرصة التسوية متوافرة؟

تحرّك تيلرسون باتجاه المنطقة بعد مرور 45 يوماً على انفجار الأزمة، وكان ذلك بمثابة إعلان يقطع مع التكهنات التي سادت حول نأي الولايات المتحدة بنفسها عن الأزمة، التي اعتبرتها في لحظة معينة "خلافاً عائلياً"، يتوجب على أهل البيت الواحد أن يحلّوه بينهم، ولكن يبدو أنها راقبت تصرفات بعض أركان البيت الخليجي، ولاحظت أن هناك من لا يتحلى بمسؤولية في إدارة الخلاف، ولذا قررت أن تتدخل، ولكن بحياد مدروس جدّاً عبرت عنه الطريقة اللبقة التي أراد تيلرسون أن يتحرك بها؛ فهو قرر بداية الوساطة من الكويت، وهذا يعني البناء على الوساطة الكويتية التي أيدتها الولايات المتحدة منذ شروع أمير الكويت بها. ثم أنه قرر أن يتخذ من الكويت قاعدة انطلاق نحو بلدان الأزمة، واختار المبيت فيها، ما يعني أنه لا يريد لزيارتيه إلى الدوحة وجدة أن تتجاوزا حدود اللقاءات الرسمية.



رغم أن الوزير تيلرسون قرر التزام الحياد، فإنه أراد أن يمهّد لرحلته عن طريق تصريح صدر عن كبير مساعديه، آر سي هاموند، جاء فيه أنّ المطالب الثلاثة عشر التي قدمتها دول الحصار لقطر "لم تكن قابلة للتطبيق، على الأقل كحزمة واحدة" . وقال مستشار تيلرسون، إنّ "الأمر انتهى، لم تستحق (المطالب) التعريج عليها مجدداً كحزمة، ولكن بشكل فردي هناك ما يمكن العمل عليه".


يبدو أن رحلة تيلرسون لم تحز إعجاب دول الحصار في الشكل والمضمون، فعاجلته الماكينة الإعلامية بتسريب اتفاقَي الرياض لعامي 2013 و2014، في الصورة المكتوبة بخط اليد، وتم التسريب عبر قناة "سي إن إن"، ومن ثم "سكاي نيوز" الإماراتية. والقصد هنا واضح من الطرف الذي قام بالتسريب، ومعنى ذلك رسالة موجهة إلى الوزير تيلرسون، فحواها أن الرياض وأبوظبي تريدان الرد على تصريح مستشاره بتجاوز النقاط الـ13، برمي اتفاقَي الرياض في وجهه.

هذا التصرف يعني لمن يمارس العمل الدبلوماسي أمرين؛ الأول هو تهرّبٌ من بحث الأزمة بعناصرها الراهنة وإحالتها إلى الماضي، وهو هنا 2013 و2014، وربما يفكر البعض بالرجوع بها إلى محطات أبعد.

أما الأمر الثاني، فهو رمي الاتفاق بوجه الوزير تيلرسون والادعاء أن قطر تنصلت منه، وكأن الخارجية الأميركية ليست على علم بالاتفاق، ولا تعرف مدى التزام الأطراف به، وخصوصًا لجهة بند عدم التدخل في الشؤون الداخلية، الرياضة المفضلة للسعودية التي تعامل دول مجلس التعاون بفوقية ووصاية، وتواصل قضم أراضيها، وهناك عشرات القضايا المتعلقة بتجاوزاتها التاريخية في الخليج واليمن تمس الحدود والشؤون السيادية للدول، وربما حان الوقت لوضعها على طاولة البحث.

على العموم، لا يحمل التسريب الذي احتفل به إعلام الحصار جديدًا؛ فكافة البنود معروفة ومنشورة في الصحف، ولا تكتسب أهمية إضافية لمجرد تسريبها عبر "سي إن إن"، والتطبيل له من طرف "سكاي نيوز" ليلة كاملة، بل على العكس؛ هذا تعبير عن الإفلاس وسوء النية، ويعكس عدم الرغبة من جانب أبوظبي والرياض في تسوية الأزمة، والاستمرار في التصعيد والتدخل في شؤون قطر.

المساهمون