الصحافة الأميركية عن العتيبة: ذراع أبوظبي لشيطنة قطر

04 يونيو 2017
رسائل العتيبة تفضح التآمر الإماراتي (درو انغرير/ Getty)
+ الخط -

في الأيام الأخيرة، تابع العالم هجمة إعلامية ممنهجة تجرى من خلف الستار لتشويه صورة قطر إقليماً ودولياً، وبالأخص لدى الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، لكن اتضح من خلال التسريبات وما تنقله الصحف الأميركية أن اليد الخفية التي تحركها ليست سوى يد سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن، يوسف العتيبة، والذي يراه بعضهم أكثر من مجرد سفير.


وفي مزيج يخلط بين العمل الدبلوماسي والمال والعلاقات العامة والشخصية، استطاع العتيبة في السنوات الأخيرة أن يتحوّل إلى إحدى أهم أذرع أبوظبي لشيطنة قطر لدى واشنطن، الحليف الأبرز لدول المنطقة، من خلال ممارسة السلطة الناعمة ومحاولة التأثير على مراكز القرار في الولايات المتحدة الأميركية.

وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن "قلة الخبرة السياسية لدى أشخاص كثر يحيطون بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، شكّلت فرصة سانحة بالنسبة للسعوديين والإماراتيين للتأثير على رؤية الإدارة لمواضيع حساسة جداً بالمنطقة كإيران والإسلام السياسي، وهو ما كان واضحاً خلال زيارة الرياض"، في إشارة إلى القمم الثلاث الأخيرة التي حضرها الرئيس الأميركي الشهر الماضي في العاصمة السعودية.

وبخصوص الهجمة الإعلامية على قطر، ذكرت "واشنطن بوست" أن وراءها السعودية والإمارات وأنها تزامنت مع لقاء حضره مسؤولون بارزون في واشنطن، وكان على جدول أعماله تدخلات لخبراء ومسؤولين أميركيين سابقين اتفقوا على التشكيك في مدى مصداقية قطر كحليف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية.

وتابعت الصحيفة أنه "بالنظر لدرجة التحكم بالفضاءات العامة بدول مجلس التعاون الخليجي فإن ذلك يعني أن مثل هذه الهجمات على بلد عضو بالمجلس لا يمكن أن تتم، أو أن تتم في الحد الأدنى، دون تدخل رسمي من خلف الستار".

وأضافت أنه "من خلال السماح بمواصلة الحملة الإعلامية (ضد قطر) لأسبوع ثانٍ من دون إبداء أي رغبة في التراجع، فإنه يبدو أن صناع القرار بالرياض وأبوظبي يأملون في دفع القيادة بالدوحة إلى تقديم تنازلات أو انتظار رؤية مسؤولين داخل إدارة ترامب يبتلعون الطعم وتجنب اللجوء إلى التهديدات الرسمية أو العقوبات".


هذه الحملة بدأت تتضّح خيوطها بشكل أكبر بعد نشر رسائل مسربة من البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن. وتكشف ما تقوم به أبوظبي ضد قطر، من خلال التعاون الوثيق مع اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة.


وقالت صحيفة "هافنغتون بوست"، تعليقا على رسائل البريد المخترق للعتيبة، إن اسم معهد الدفاع عن الديمقراطية يظهر كثيراً في مراسلاته. وأضافت أن كثيراً من مراسلاته يظهر حرصه على مساعدة الخبراء الذين يستميلهم إلى صفه في برمجة رحلاتهم إلى الإمارات.

وأوضحت أن أمرين لافتين يبرزان في البريد المخترق حول العتيبة، أولهما دعوته بشكل صريح إلى نقل القاعدة الأميركية إلى خارج قطر، وثانيهما مناقشته فكرة الضغط على الشركات الأميركية بالدول الصديقة للولايات المتحدة لتفادي أي علاقات تجارية مع إيران.

كذلك لفتت "هافنغتون بوست" إلى أن معهد الدفاع عن الديمقراطية يخصّص الحيز الأكبر من مجهوده لتقوية العلاقات بين واشنطن والقوى السياسية المحافظة في دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وأضافت في هذا الصدد: "رغم رفض الإمارات إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فإن المعهد وجهات أخرى ضمن اللوبي الداعم لإسرائيل وجدت أرضية مشتركة مع الإمارات ضمن ملفين رئيسيين: كلاهما يريد احتواء إيران والإسلام السياسي". وتابعت الصحيفة: "كلاهما تعرّض لهزيمة كبرى حينما وقعت الولايات المتحدة وبلدان أخرى الاتفاق النووي مع إيران في 2015. وخلال العام الماضي على أقل تقدير، كلاهما مارس ضغوطات لجعل مستقبل العلاقات الأميركية مع قطر محطّ جدل في العاصمة الأميركية".

كذلك أردفت الصحيفة أن "حملة الانتقام ضد قطر، تبدو وراءها مخاوف مرتبطة بالدفاع عن المصالح، لا سيما تبني وجهة النظر الإسرائيلية في ما يخص حركة حماس وشيطنة أي جهة تدعم الحركة، وكذلك تخوّف الإمارات من أن يشكل الإخوان المسلمون تهديداً لنظامها الحاكم".



وفي مقال نُشر حول مدى نفوذ العتيبة في واشنطن، كتبت صحيفة "هافنغتون بوست"، في مقال سابق، أنه خلال سنوات قليلة استطاع أن يمتلك نفوذاً غير مسبوق في العاصمة الأميركية، من خلال ربط علاقات برجال الإعلام، وأعضاء الكونغرس، والمسؤولين في الإدارة الأميركية. أما السر في هذا النفوذ، بحسب مساعد سابق داخل البيت الأبيض، فيعود إلى شطارته واللقاءات والأحداث التي ينظمها، وكذلك معرفته بطريقة الاشتغال داخل العاصمة الأميركية وفي الكونغرس.

ولفت مقال "هافنغتون بوست" إلى أن دخول العتيبة إلى واشنطن تزامن مع رغبة الإمارات في صرف مبالغ مالية خيالية لتحسين صورتها في الولايات المتحدة الأميركية. وأضاف أن الإمارات تصرف الآن من الأموال على الدعاية واستمالة اللوبيات أكثر من أي حكومة أجنبية في أميركا (14.2 مليون دولار في 2013)، هذا إضافة إلى مئات الملايين التي تخصّصها لدعم الأعمال الخيرية، فضلاً عن مليارات الدولارات التي تذهب كاستثمارات في الشركات الأميركية.

وسبق للعتيبة أن قال بلسانه في أحد اللقاءات سنة 2010 إن الولايات المتحدة "هي في واقع الأمر أحد المستفدين من عائدات النفط" الذي تصدره الإمارات إلى الخارج، وذلك من خلال 10 مليارات دولار استثمرتها الإمارات في عدد من المشاريع في أميركا خلال السنة نفسها.

المساهمون