معركة الرقة "خلال أيام": كسر خطوط "داعش" تمهيداً للاقتحام

04 يونيو 2017
ارتفع عدد النازحين من الرقة أخيراً (حسين نصير/ الأناضول)
+ الخط -
تسارعت التطورات الميدانية في محيط مدينة الرقة السورية، مع بدء خسارة تنظيم "داعش" بلدات وقرى، خصوصاً في ريف الرقة الغربي، على وقع مواصلة طيران التحالف الدولي تدمير ما تبقّى من مرافق المدينة، في ظلّ مؤشرات على أن بدء عمليات اقتحامها من جهات عدة باتت وشيكة.

وكسرت "قوات سورية الديمقراطية"، أمس السبت، أهم خطوط الدفاع عن مدينة الرقة، معقل "داعش" البارز في سورية، عقب انتزاعها السيطرة على غالبية بلدة المنصورة الاستراتيجية، الواقعة غربي الرقة بنحو 30 كيلومتراً، فضلاً عن قرى مهمة أخرى في محيط المنصورة. وأعلنت هذه القوات التي تشكّل "وحدات الشعب" الكردية نواتها الصلبة، أنها "سيطرت على نحو 90 في المائة من الأحياء في شرق مدينة الطبقة، الواقعة على بعد نحو 20 كيلومتراً. وذلك بعد يومين من مقتل العديد من مسلّحي التنظيم. وذكرت "قوات سورية الديمقراطية" أن "اشتباكات عنيفة تدور داخل البلدة".

وفي شأن الرقة، تقاطعت مواقف المتحدث باسم "قوات سورية الديمقراطية" طلال سلو، والمتحدث باسم "وحدات حماية الشعب" الكردية، نوري محمود، والمتحدث باسم التحالف الدولي، الكولونيل رايان ديلون، حول اقتراب معركة تحريرها من "داعش".

كذلك ذكرت مصادر في "قوات سورية الديمقراطية"، المدعومة من الغطاء الجوي لقوات التحالف الدولي، أن "مرحلة عزل الرقة دخلت مراحلها النهائية"، مشيرة إلى "قرب البدء بمحاولات اقتحام المدينة التي تتعرض لقصف جوي غير مسبوق حوّل معظم مرافقها الحيوية إلى دمار، فضلاً عن مقتل مدنيين بشكل يومي في مشهد ليس بعيداً عما جرى ويجري في مدينة الموصل العراقية".

وتضاربت الأنباء الواردة من الرقة، في ظلّ عدم وجود مصادر حيادية هناك، فلم يتم التأكد بعد من معلومات عن اتفاق بين "قوات سورية الديمقراطية" و"داعش"، على توفير ممر آمن لمسلحيه للخروج من الرقة إلى مناطق سيطرته في البادية السورية، علماً أن مسؤولين روساً حذّروا من هذا السيناريو الذي يهدد مناطق نفوذ روسيا في تدمر ومحيطها.

وكشفت مصادر مطّلعة لـ"العربي الجديد" أن "معركة اقتحام الرقة ستكون مناصفة بين قوات سورية الديمقراطية، وقوات النخبة، التابعة لرئيس الائتلاف الوطني السوري الأسبق أحمد الجربا، وقوامها مقاتلون ينتمون إلى محافظتي دير الزور والرقة، والتي تخوض معارك ضد التنظيم في شرقي المدينة، وسيطرت على العديد من البلدات والقرى، منها بلدة الكرامة. وباتت على مقربة من حي المشلب، آخر الأحياء الشرقية للمدينة". وأشارت المصادر إلى أن "التحالف الدولي سيعطي لواء ثوار الرقة دوراً في انتزاع السيطرة على المدينة، لكونه يملك حاضنة شعبية كبيرة تمكنه من تحقيق تقدم سريع، تحديداً من جهة حي الرميلة، شمال المدينة". وأضافت المصادر أن "معركة انتزاع السيطرة على الرقة ستكون أبسط من التوقعات"، متوقعاً ألا "تبدأ بشكل فعلي قبل عيد الفطر (أواخر الشهر الحالي)".



ولفتت إلى أن "الاقتحام سيكون من الجهات الأربع للمدينة، على أن يعقب ذلك تقدم قوات سورية الديمقراطية من قرية كسرة شيخ الجمعة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، لقطع الطريق أمام فرار مسلحي التنظيم، والسيطرة على مواقع مهمة شمال وشرقي المدينة لا تزال تحت سيطرة تنظيم داعش".

وبيّنت المصادر أن "تحصينات تنظيم داعش هي الأكبر في شمال المدينة، وقام بحفر أنفاق من المتوقع أن تشكل عائقاً أمام تقدم أي قوات مهاجمة، كما سيستفيد من وجود نهر الفرات جنوبها". وتوقعت أن "تبدأ عملية الاقتحام من الجهتين الغربية والشرقية، كما حدث في مارس/ آذار من عام 2013، حين سيطرت المعارضة السورية المسلحة على المدينة قبل أن يطردها التنظيم منها في بدايات عام 2014، لتبدأ المرحلة الأكثر مأساوية في تاريخ المدينة".

وكشفت المصادر عن أن "أغلب قيادات داعش غادرت الرقة، مستغلة الفوضى التي حدثت في منتصف شهر مارس/ آذار الماضي، نتيجة شائعة احتمال انهيار سد الفرات"، مشيرة إلى أن "هذه القيادات استقرت في مراكز حصينة للتنظيم شرقي مدينة دير الزور".

من جهته، أعرب المتحدث الرسمي باسم "قوات النخبة" محمد خالد الشاكر، عن قناعته بأن "حسم المعركة في الرقة بات قريباً"، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "دخول الرقة ربما يتأخر قليلاً، ريثما يتم الاتفاق على الفصيل الذي يدخل المدينة". ولفت إلى أن "قوات النخبة هي المعادل الموضوعي لحل دخول الرقة، كون مقاتليها من أبناء القبائل العربية في الرقة ودير الزور".

وتُبدي معظم الجهات والفعاليات المدنية المعارضة في الرقة خشية من دخول مقاتلين أكراد إلى داخل المدينة، محذرين من اشتعال فتيل نزاع عرقي كردي عربي في منطقة عاشت ظروفاً غير عادية طيلة سنوات.



وتُعدّ محافظة الرقة رابع المحافظات السورية الـ14 مساحة، بعد محافظات حمص ودير الزور والحسكة، وتبلغ مساحتها نحو 20 ألف كيلومتر مربع، وتمتد على مساحة أكثر من 150 كيلومتر من الغرب للشرق، وعلى مساحة 200 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب. وتصل حدودها الإدارية إلى قلب بادية الشام، والتي لا يزال جزء كبير منها تحت سيطرة "داعش".

وخسر التنظيم منذ بدء عملية "غضب الفرات" العام الماضي، معظم مساحة المحافظة المترامية الأطراف، ولم يبق أمامه إلا الجهة الجنوبية للمدينة للخروج منها إلى البادية، أو شرقاً إلى مناطق سيطرته في محافظة دير الزور. ومن الواضح أن التحالف الدولي يريد الإسراع بالحسم في الرقة، من خلال الزج بفصائل عربية في معركة انتزاع السيطرة عليها، لتبديد مخاوف أهل المدينة من توغل مليشيات الوحدات الكردية فيها.

ولا تحوي مدينة الرقة وريفها أي وجود سكاني كردي كبير، وفق مصادر محلية مطلعة، باستثناء بعض القرى في منطقة تل أبيض شمال الرقة، مشيرةً إلى أن "الغالبية الساحقة من سكان الرقة وريفها ينتمون إلى عشائر عربية معروفة، إضافةً إلى سوريين نزحوا إلى الرقة من محافظات أخرى خلال سنوات الثورة الست". وذكرت مصادر محلية أن "عدداً كبيراً من سكان مدينة الرقة غادروها إلى مواقع سيطرة قوات سورية الديمقراطية، تحديداً في منطقة عين عيسى، شمال المدينة، ويعيشون ظروفاً معيشية صعبة، وسط غياب شبه تام للمنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني".