مواقف ماكرون بشأن سورية... استمرار لتصريحاته أمام بوتين

22 يونيو 2017
ماكرون: فرنسا على استعداد لتنفيذ عمليات بمفردها(ليونيل بونفونتير/فرانس برس)
+ الخط -




استبق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حضوره في أول قمة أوروبية له، ليعبر، في أول لقاء صحافي بعد وصوله للسلطة، مع "لوفيغارو" وسبعٍ من الصحف الأوروبية، عن موقف سياسي مخالف لسلفه فرانسوا هولاند، في ما يخص سورية وبشار الأسد، حين قال: "لم أذكر من قبل أن إزاحة الأسد هي شرط مسبق لكل شيء، لأنه لا أحد قدّم لي خليفة شرعية له".

وحدد ماكرون أولويتين في ارتباط بالموضوع السوري، أولهما "المكافحة المطلقة لكل الجماعات الإرهابية، باعتبارها هي العدوّ"، وثانياً "استقرار سورية، لأنني لا أريد دولة فاشلة".  

وفي ما يخص احتمال توجيه فرنسا ضربات جوية في سورية، يعترف ماكرون أن فرنسا "على استعداد لتنفيذ عمليات بمفردها"، لأنه "حين تحدد خطوطاً حمراء، ولا تحترمها، فأنت تقرر بأنك ضعيف. وهو ليس الخيار الذي أدافع عنه". ثم أعرب عن أمله في تعاون الجميع، و"بشكل خاص، تعاون روسيا".

وهذا الموقف للرئيس الفرنسي الجديد يكشف عن اختلاف ظاهر مع موقف هولاند، الذي تميزت علاقاته مع الرئيس فلاديمير بوتين بـ"البرودة والتوتر"، والذي تراجَعَ عن توجيه ضربات انتقامية ضد قوات النظام السوري، بعد استخدام هذا الأخير للسلاح الكيميائي ضد شعبه، بعد أن قرر الرئيس باراك أوباما التراجع، في آخر لحظة.  

ولكن هذا الموقف للرئيس ماكرون ليس جديداً ولا مفاجئاً، بالنظر إلى مواقفه وتصريحاته حين كان مرشحاً في الانتخابات الرئاسية، إذ لم يتطرق لسورية في برنامجه الانتخابي، لكن بعد اختراق القضية السورية للانتخابات الفرنسية، إثر استخدام النظام السوري، أسلحة محرمة ضد المدنيين، وخاصة الأطفال، لم يُخفِ أملَه في تدخل عسكري دولي تحت إشراف الأمم المتحدة، "إذا ثبت أن النظام السوري يستخدم الأسلحة المحرمة". 

وفيما يخص الرئيس الأسد، كان ماكرون، قد أمل خلال الحملة الانتخابية الفرنسية، "ببناء خروجٍ لبشار الأسد" من السلطة، لكنه سرعان ما عاد للتأكيد على "أن أولوية الأولويات هي مُحاربة تنظيم "داعش" والإرهاب الإسلامي".

وطوال الحملة الانتخابية الرئاسية في فرنسا، التي كان فيها موقف المُرشَّحِين الرئيسيّين، مارين لوبان وفرانسوا فيون وجاك لوك ميلانشون، متعاطفاً مع بشار الأسد، حافَظَ إيمانويل ماكرون على موقف غامض من مسألة الحوار مع رئيس النظام السوري، إذ قال: "في المرحلة الأولى (من المفاوضات)، ستتم الفترة الانتقالية معه"، وأضاف: "يجب العمل مع ممثليه كي نُخرَجَه من النظام السوري". 

 

وعلق ماكرون على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية ضد شعبه، بقوله: "ما حدث في سورية يصعب وصفه. يجب على بشار الأسد أن يجيب على جرائمه أمام العدالة الدولية". وكان هذا الموقف المتردد قد لخّصته مجلة "فالور أكتويال" الأسبوعية الفرنسية، حينها، في عنوان معبّر: "ماكرون يريد في آن واحد، شن الحرب والتفاوض مع الأسد".   

كما أن الرئيس الفرنسي سبق له أن ذكّر بمواقفه أثناء استقباله للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في قصر فيرساي، إذ أعاد التذكير بأن "الأولوية المطلقة"، لفرنسا وروسيا، في سورية هي محاربة "داعش".

وأمام الرئيس بوتين، حليف بشار الأسد، عبّر ماكرون عن استعداده للتباحث مع جميع الأطراف في الملف السوري، "بما فيهم ممثلو بشار الأسد"، رغم أن "إعادة فتح سفارة فرنسا في دمشق ليست أولوية".

وإذا كانت كل الصحف الفرنسية قد أعادت نشر مقاطع من حوار الرئيس، خاصة المتعلقة بسورية والأسد، فإنها خلت من التعليقات بسبب معرفة مسبقة بمواقف ماكرون، إلا أن الصحافي والمعلق السياسي برنار غيتا، عن راديو "فرانس أنتير"، تساءل: "لم يعد ماكرون يريد أن يجعل من رحيل الأسد شرطاً أولياً، وإن الأولوية لديه هي مكافحة الإرهاب. لا يريد ماكرون دولاً فاشلة، وسيعاقب كل استخدام جديد للسلاح الكيميائي، ويريد حماية الأقليات. جيد، ولكن كيف سيحقق كل هذا. كيف سيقنع السوريين بالاستسلام أمام الأسد؟ وكيف سيقود الإيرانيين والسعوديين إلى نزع فتيل حرب ألفية؟ كيف العمل كما لو أن كل هذا ليس لديه أسباب؟ ربما كان فهمُنَا (لتصريحات ماكرون) سيّئاً، ولكن الأمر ليس واضحاً".   







المساهمون