أوقف رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، مناقشات الموازنة العامة الجديدة، اليوم الأربعاء، بشكل مفاجئ، ليطرح مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات للتصويت، رغم عدم اكتمال النصاب القانوني للتصويت، استغلالاً لحالة الغياب الواضحة للنواب الحاضرين، ومقاطعة عدد كبير من المعارضين لجلسات الموازنة.
ودفع عبد العال بعدم دستورية الإبقاء على الإشراف القضائي الكامل على الاستحقاقات الانتخابية، وضرورة إلغائه بحلول العام 2024، بدعوى نص المادة (210) من دستور 2014 على الإشراف القضائي لمدة عشر سنوات (على الأقل)، وهو ما تحفظ عليه عدد كبير من النواب في وقت سابق، مطالبين باستمرار الإشراف من دون تحديد مدة زمنية.
وأعلن عبد العال موافقة مجلس النواب على مشروع القانون في مجموع مواده، بعد أخذ تصويت الحاضرين، مع إرجاء التصويت النهائي عليه إلى جلسة لاحقة، بعدما غير عدد من النواب من موقفهم السابق برفض إلغاء الإشراف القضائي، وذلك لعدم توافر نصاب ثلثي الأعضاء، كونه من التشريعات المكملة للدستور، التي تتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان.
ونصت المادة (34) من القانون، عقب إقرار القانون، على أن "يتم الاقتراع والفرز في الاستفتاءات والانتخابات، التي تجرى خلال السنوات العشر التالية للعمل بالدستور، وتنتهي في السابع عشر من يناير (كانون الثاني) 2024، تحت إشراف قضائي كامل، مع جواز استعانة الهيئة بأعضاء الهيئات القضائية بعد انتهاء هذه الفترة".
وقال وكيل اللجنة التشريعية، وعضو ائتلاف الغالبية، أحمد حلمي الشريف، إن اللجنة أعادت المداولة بشأن المادة السابقة، وشهدت مناقشات حامية الوطيس تقترب من الحدة، وانقسم أعضاؤها إلى فريقين، أولهما مع الإبقاء على مدة العشر سنوات كحد أقصى، وآخر لا يرى مخالفة دستورية في استمرار الإشراف.
إلا أن عبد العال، قاطعه قائلاً: إن "استمرار الإشراف القضائي بعد العام 2024 يحتوي على مخالفة دستورية واضحة، لأن الدستور نص على مدة العشر سنوات كمرحلة انتقالية، بحيث يكون الإشراف القضائي ممتداً"، مضيفاً "لا يوجد نص في الدستور إلا بقصد معين، ولا قيمة لتشكيل هيئة الانتخابات لو استمر الإشراف القضائي"، وفق قوله.
واعتبر عبد العال أن إسناد عملية الإشراف على الانتخابات إلى رجال القضاء، إسناداً كاملاً، أمر غير مرغوب، ويجب التخلص من هذه الظاهرة، بدعوى أن الإرادة السياسية الحالية لا ترغب في تزوير الانتخابات، وهو ما يعود بمصر إلى عهود ما قبل ثورة 25 يناير 2011، التي شهدت عمليات تزوير واسعة، في غياب الإشراف القضائي.
وقال رئيس ائتلاف الغالبية (دعم مصر)، محمد زكي السويدي، إن الائتلاف لا يرغب في مخالفة الدستور، ويتمسك بالنص الوارد من الحكومة بقصر الإشراف القضائي على مدة عشر سنوات، ليسري على جميع الاستحقاقات الانتخابية (نيابية، ومحلية، ورئاسية)، متوقعاً عمل الهيئة الوطنية في إطار مؤسسي، بهدف تطوير إدارة الانتخابات.
بدوره، قال عضو الائتلاف، محمد أبو حامد، إنه غيّر رأيه السابق بضرورة عدم التقييد بمدة الإشراف الانتخابي، ويرى وجوب التقيد بالنص الدستوري، ويزيد عليها بأنه يرى أن مدة العشر سنوات طويلة، خاصة بعد ما ظهر من النواب المعارضين، خلال جلسات تمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
وطالب رئيس لجنة الثقافة والإعلام، وعضو ائتلاف الغالبية، أسامة هيكل، بسرعة التصويت على القانون، التزاماً بالنص الدستوري، وإيجازاً للوقت، علماً بأنه أحد الرافضين السابقين لوقف الإشراف القضائي.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، علاء عابد، إن الدستور استهدف التخصص حينما نص على تشكيل هيئة للانتخابات، منوهاً إلى إجراء الانتخابات في منتهى الشفافية والنزاهة عقب ثورة 2011، إلا أنه آن الأوان لأن يكون لدى مصر جيلٌ متخصصٌ في الإشراف على الانتخابات.
في المقابل، سجل ممثل حزب المحافظين، إيهاب الخولي، اعتراضه على تمرير القانون بصورته الحالية، قائلاً إن "نص الدستور لا يعني التقييد بمدة العشر سنوات"، وإن "الإشراف القضائي لا يتعارض مع أعمال المفوضية"، وهو ما عقب عليه الشريف، بقوله إنه "لا اجتهاد مع النص، خاصة مع وجود نص حاكم في الدستور".