طالب حزب سياسي جزائري، في جرأة سياسية، بإصدار قانون يحدد مهام وصلاحيات جهاز الاستخبارات، وفك الارتباط بين الأجهزة الأمنية.
وأصدر حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، أخيرا، وثيقة سياسية خاصة ببرنامجه للانتخابات البرلمانية المقررة في الرابع من مايو/ أيار المقبل، تضمنت المطالبة "بصياغة إطار قانوني مناسب لجهاز الاستعلامات يحدد المهام والصلاحيات وطرق التعيين ومسؤوليات كل طرف في هذا القطاع، ووضع مكافحة الإرهاب، وحماية المنشآت الحيوية، ومكافحة الجريمة الاقتصادية ومراقبة الحدود الخارجية".
وتحث الوثيقة على "إجراء إصلاح ثقافي في مجال الاستعلامات بما يضمن فك الارتباط بين عمل الأجهزة الأمنية، وخاصة منها جهاز الاستعلامات، وبين ترصد المواطنين ضمن المسعى الرامي لإحداث القطيعة مع ممارسات البوليس السياسي".
ويعتقد "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" أن دعوته إلى توضيح مهام جهاز المخابرات وتحديد صلاحياته لها علاقة بالوضع العام للمجتمع، وأيضا "بطبيعة الدولة والرهانات الاستراتيجية التي تقتضيها مصالحنا الوطنية، وكذا بالظروف التي وقع فيها الهجوم الإرهابي الذي استهدف مركب تيقنتورين الغازي، وفداحة الخسائر التي أسفر عنها، تدعونا لإعادة التفكير بعمق في كل هذه المسائل بدءا بالاستعلامات".
وفي 13 يناير/ كانون الثاني 2013، نجحت مجموعة مسلحة تضم 32 فردا تسللت من شمال مالي، من اقتحام منشأة الغاز تيقنتورين بعين أميناس بولاية اليزي، واحتجزت أكثر من 700 موظف أغلبهم أجانب، ودفعت هذه العملية عددا من الشركات النفطية إلى مغادرة الجزائر أو المطالبة بتدابير أمنية استثنائية، وكذا تعطيل إنتاج الجزائر من الغاز. وعُدّ هذا الهجوم إخفاقا استخباراتيا كبيرا، بسبب عدم تنبّه جهاز المخابرات الجزائري لعملية تسلل المسلحين، وخاصة أن عددهم كان كبيرا ويحملون أسلحة ثقيلة.
وفي 13 سبتمبر/ أيلول 2015، أقال الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، قائد جهاز المخابرات ورجل الظل محمد مدين، المعروف بالجنرال توفيق، ونجح في تفكيك جهاز المخابرات وإلغاء عدد من الهيئات التي كانت تابعة له، أبرزها جهاز مراقبة الصحافة ووحدة مكافحة الإرهاب. وقام أيضا بتقسيم الجهاز إلى ثلاثة أجهزة فرعية تتكفل بالأمن الداخلي ومكافحة التجسس والأمن الخارجي، وكلف مسؤولا سابقا في جهاز المخابرات، وهو الجنرال عثمان بشير طرطاق، بإدارة التنسيق بين الأجهزة الثلاثة.
إلى ذلك، طالبت وثيقة الحزب بإنشاء هيئة دائمة لاستشراف وإحصاء الأزمات التي تهدد الأمن القومي، تضم برلمانيين وعلماء اجتماع ومفكرين سياسيين، تساعد وزارة الداخلية في تقدير الموقف واستشراف الأزمات ذات الطابع الأمني.
وتربط الوثيقة السياسية بين الترتيبات الواجب إدخالها في تنظيم جهاز الأمن والاستخبارات، وبين الوضع الإقليمي الذي يفرض، بحسبها، "تطوير الدور الجزائري الذي بات مختزلا في دور الموكل في مجال الاستعلامات وتسوية النزاعات في منطقة الساحل، ووضع آليات للتعاون الأمني مع دول شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، لكي لا تتحوّل منطقتنا إلى قاعدة خلفية للإرهاب الدولي، يتعيّن اتخاذ إجراءات مشتركة وملموسة من أجل مكافحة فعالة ومشتركة للإرهاب".
واعتبرت أن "أمن حدودنا مرهون أيضا باستقرار البلدان المجاورة. ولكي يتسنى لدبلوماسيتنا لعب الأدوار الأولى في حل النزاعات، يجب المبادرة في هذا الفضاء باستثمارات مولّدة لمناصب الشغل والثروات وترقية ثقافتنا وفنوننا، من خلال تطوير المراكز الثقافية الجزائرية في الخارج".
ويعد حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، من أكثر الأحزاب السياسية التي تمتلك جرأة سياسية لطرح القضايا المتعلقة بالمخابرات والجيش والأمن، ويعتقد الحزب أنه "في بلد كالجزائر يمنع الحديث عن المسائل المتعلقة بالدفاع والأمن أو توظّف لأغراض معيّنة. ففي الوقت الذي تطرح هذه الإشكالية بحدة، بات من الضروري فتح النقاش حول هذا الموضوع في جو من الهدوء، فالدفاع الوطني قضية تهّم الجميع وتمس كل مواطن، ذلك لأن التحولات العالمية الجارية في مجال تكنولوجيات المعلومات الجديدة، وتدويل الإرهاب، وعولمة الاقتصاد، والجريمة الإلكترونية تستوجب منّا أن نجعل من الأمن الوطني أولى الانشغالات في أعلى مستويات القرار السياسي".