المغرب يقتحم ملعب البوليساريو بأميركا اللاتينية

27 ابريل 2017
الملك المغربي في كوبا (فرانس برس)
+ الخط -

بعدما استطاع المغرب كسب معركة العودة إلى أحضان منظمة الاتحاد الأفريقي، التي غادرها منسحباً منذ عام 1984 بسبب قبول المنظمة حينها بعضوية "جبهة البوليساريو"، بدأ العمل جاهداً لاقتحام المعقل التاريخي للجبهة في أميركا اللاتينية. وعلمت "العربي الجديد"، من مصادر خاصة، أن هناك توجهاً قوياً للدبلوماسية المغربية الرسمية والموازية أيضاً، بالتوجه نحو اقتحام بلدان تقع في أميركا اللاتينية معروفة بمناصرتها لـ"البوليساريو"، من أجل تحييدها أو كسبها إلى جانبه. وتمثل هذا التوجه في التحضير لتطوير العلاقات الفاترة بين المغرب وهذه البلدان الأميركية، مثل كوستاريكا ونيكاراغوا وكوبا، بهدف إزالة الجليد في الروابط الثنائية بسبب مواقف هذه الأخيرة من قضية الصحراء. وقرر المغرب قبل أيام قليلة إعادة العلاقات الدبلوماسية المنقطعة مع كوبا، من خلال فتح سفارة لهافانا في العاصمة الرباط، وذلك بعد زيارة الملك محمد السادس الخاصة إلى جزيرة كايو سانت ماريا الكوبية.

في هذا السياق، أفاد المستشار الدبلوماسي، سمير بنيس، بأن "هذا التوقيع تم بعد مراسلات ولقاءات عدة في السر، بين المسؤولين المغاربة ونظرائهم الكوبيين في نيويورك، بناء على توجيهات من الملك محمد السادس". وشدّد، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "قرار المغرب بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا إلى مستوى فتح السفارات، مبني على نية قطع الطريق أمام البوليساريو في المستقبل، ووضع حد لسياسة الكرسي الفارغ وفتح قنوات الحوار مع هذا البلد".

وأشار المستشار إلى أن "البعثة الدائمة للمغرب لدى الأمم المتحدة بدأت في محاولات التقرب من نظيرتها الكوبية منذ عام 2008"، مبرزاً بأنه "كان شاهداً على ذلك بحكم عمله في منظمة الأمم المتحدة". وتابع موضحاً أن "نائب السفير السابق للمغرب في منظمة الأمم المتحدة، حميد شبار، الذي يشغل الآن منصب سفير المغرب في غانا، كان من بين العاملين على هذا التقارب الجديد بين المغرب وكوبا". واستدرك بنيس بأن "فتح سفارة في كوبا لا يعني أن المغرب ربح المعركة الكبرى أو غيّر موقف كوبا، ولكنه إشارة قوية إلى أن المغرب قرر نهج مقاربة أخرى ولا يريد ترك المجال لخصومه للعمل بأريحية كما كان عليه الحال في السابق".

وبالنسبة لمدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، خالد الشرقاوي السموني، فإن "المغرب بهذه الخطوة يحاول أن يحدد عدداً من الأهداف الجديدة في أحد معاقل خصمه التاريخي جبهة البوليساريو". واعتبر في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "السماح بتمثيلية دبلوماسية لكوبا في المغرب والعكس أيضاً، هو أول خطوة في طريق الدبلوماسية المغربية الرسمية الرامية إلى سحب البساط من تحت الجبهة المطالبة بانفصال الصحراء".



وتوقع المتحدث أن "تتلو هذه الخطوة خطوات ومبادرات أخرى تهدف إلى القطع مع سياسة الكرسي الفارغ التي عرف بها المغرب من قبل، حيث باتت الدبلوماسية المغربية تحديداً ميالة إلى الهجوم أكثر من ردة الفعل". ودعا بلاده إلى "اعتماد سياسة خارجية بمعايير الكفاءة والقوة والنجاعة، تقوم على التوجه نحو دول في أميركا اللاتينية لا زالت تناصر بقوة أطروحة جبهة البوليساريو، مثل نيكاراغوا وكوستاريكا، وبوليفيا، والإكوادور، والسلفادور، وفنزويلا".

فنزويلا تحديداً نالت من المغرب هجمة دبلوماسية قوية تمثلت في مستويين اثنين، الأول الانتقادات الحادة التي كالها سفير المغرب الدائم في الأمم المتحدة عمر هلال لفنزويلا، متهماً إياها بأنها "رغم غنى مواردها، تتعمّد إفقار شعبها بسبب نظامها الدكتاتوري".

والمستوى الثاني من هجمة المغرب على فنزويلا هو البلاغ الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية التي أبدت قلقها من قمع المتظاهرين في شوارع كاراكاس، ودعت النظام الفنزويلي إلى التزام احترام حقوق الإنسان في التعامل مع المحتجين.

الحكومة الفنزويلية لم تتأخر في الرد على المغرب، ووصفت سلوكه بكونه تدخلاً في شؤون فنزويلا، وتدخلاً أيضا في نظامها الدستوري، قبل أن تنتقد ما سمته احتلال المغرب للصحراء، وبالتالي ليس من حقه إعطاء الدروس في حقوق الإنسان للغير.

ورأى مراقبون أن الهجوم غير المسبوق للمغرب على النظام في فنزويلا مرده أساساً إلى مواقف هذا الأخير من قضية الصحراء، حيث غالباً ما يثيرها سفيره في الأمم المتحدة، ويطالب بما يسميه تصفية الاستعمار بالصحراء، وهو ما أغضب كثيراً صناع القرار في الرباط.