تمرّ الذكرى السنوية الأولى لتحرير مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت اليمنية، من قبضة تنظيم القاعدة، وسط تطورات أمنية وعسكرية وتراجع لعمليات "القاعدة" في هذه المحافظة. واستطاعت قوات عسكرية من أبنائها، تم تدريبها بإشراف "التحالف العربي"، تحرير مدينة المكلا من قبضة تنظيم القاعدة، في 24 إبريل/نيسان 2016، بعدما أمضى عاماً كاملاً في حكم هذه المدينة التي سيطر عليها إبان انطلاق عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية بأيام، وأقام فيها "إمارة إسلامية"، وحقق مكاسب كبيرة، أبرزها حيازته أموالا طائلة من خلال استيلائه على فرع البنك المركزي، وحصوله على إيرادات تقدّر بمليارات الريالات.
ومن ضمن جملة التطورات التي شهدتها المحافظة، خلال عام من التحرير، تكريس التوجه نحو ما يمكن تسميته بـ"حضرمة" الجيش والأمن، الأمر الذي تُجمع عليه مختلف المكونات والأحزاب السياسية. فمنذ تحرير مدينة المكلا، تنتشر قوات مكونة من أبناء المحافظة في جهازي الأمن والجيش في جميع مديريات ساحل حضرموت، وتسعى وسائل الإعلام الرسمية والخاصة في المحافظة إلى تكريس مسمى "قوات النخبة الحضرمية" على قوات الجيش الذي تكوّن حديثاً، ونادراً ما يرتبط اسمها بقوات الجيش الوطني وهيئة رئاسة الأركان ووزارة الدفاع التابعة للشرعية اليمنية.
ويؤكد هذا التوجه مطالبة "مؤتمر حضرموت الجامع" الذي انعقد يوم السبت الماضي، باعتماد حضرموت منطقة عسكرية واحدة بقيادة حضرمية، وضم جميع الضباط المتحدرين من المحافظة والذين أحيلوا قسراً إلى التقاعد، فضلاً عن تعزيز قوات النخبة الحضرمية ورفع جاهزيتها القتالية بما يضمن قيامها بالمهام المناطة بها. ويهدف هذا المطلب، فضلاً عن كونه يسهم في توحيد مصدر القرار والاستخبارات العسكرية، إلى إزاحة قوات المنطقة العسكرية الأولى التي تنتشر في وادي حضرموت، والتي ينتمي أفرادها إلى مختلف المحافظات معظمهم من شمال البلاد، وهي آخر قوات شمالية موجودة في جنوب اليمن إلى جانب قوات محدودة في كل من المهرة وسقطرى.
سياسياً، تكونت خلال عام من تحرير مدينة المكلا قوة نفوذ جديدة تصدّرت المشهد في حضرموت ومؤلفة من قيادة محافظتها ممثلة بالمحافظ بن بريك، وقيادة المنطقة العسكرية الثانية التي يقودها اللواء فرج سالمين البحسني، إضافة إلى حلف قبلي يقوده وكيل أول محافظة حضرموت، رئيس حلف القبائل، الشيخ عمرو بن حبريش. وتعزز قوة النفوذ هذه حصيلة الإيرادات التي تحصل عليها المحافظة من المشتقات النفطية والجمارك وغيرها، إضافةً إلى الدعم الإماراتي.
وأفرز "مؤتمر حضرموت الجامع" المنعقد أخيراً، واقعاً جديداً وقيادات على الأرجح سيكون لها دور مستقبلي في رسم ملامح مستقبل المحافظة عوضاً عن وثيقة المؤتمر التي تضمنت 40 بنداً، أبرزها المطالبة بإعلان حضرموت إقليماً مستقلاً بذاته.
وعلى المستوى التنموي، تسعى السلطة المحلية في محافظة حضرموت إلى الاستفادة من الإيرادات الضخمة في تحسين الخدمات العامة. وبين حين وآخر يعلن محافظ حضرموت مشاريع بمئات الملايين. وعلى الرغم من أنها تتعرض لانتقادات حول كيفية إقرارها وعدم الاعتماد على "إعلان المناقصات"، إلا أنها حققت جزءاً مما يطالب به المواطنون في ظل عجز الحكومة المنشغلة بالحرب، وتجاوز التعقيدات الدولية إزاء الملف اليمني.
وعانت محافظة حضرموت من ظروف التبعية المطلقة لنظامي الحكم قبل وبعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990، أي لكل من عدن وصنعاء، الأمر الذي دفع قطاعا واسعا من أبناء المحافظة إلى المطالبة بالاستقلالية، وذهاب البعض بعيداً نحو الدعوة إلى إعلان دولة حضرموت.