ترامب يسقط في أول امتحان والحزب الجمهوري يهزم نفسه

واشنطن

فكتور شلهوب

avata
فكتور شلهوب
25 مارس 2017
65EB3F13-F734-4AA1-97BB-765C12E57CA2
+ الخط -




فشل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال في حملته الانتخابية إنّ "الأميركيين سيتعبون من كثرة الربح في الداخل والخارج"، في كسب معركته الأولى، المفترض أن تكون الأسهل.

هُزم ترامب، وهزم حزبه الجمهوري في الكونغرس نفسه، إذ إنّ مشروع الرعاية الصحية الذي تبنّاه، ووضع ثقله ورصيده وراءه ليكون باكورة إنجازاته التي وعد بها، تعذّر تمريره في مجلس النواب، واضطر إلى القبول بسحبه.

أسقط مشروع ترامب تمرّد قسم من الجمهوريين، في لكمة تلقّاها من أهل البيت، أنزلت بالرئيس الأميركي خسارة لها تداعياتها وآثارها الداخلية والخارجية، المكلفة على رئاسته.

الصدمة الأولى للرئيس ترامب، لم تحدث فجأة، فقد كانت لها مقدماتها، وكانت غير مستبعدة، فعلاقاته مع الكونغرس مضطربة من الأساس، ليس فقط مع الديمقراطيين، بل أيضاً مع الجمهوريين، إذ أحرج الرئيس الجمهوري أعضاء حزبه أكثر من مرة، مثل السيناتور جون ماكين الذي تصدّى للرئيس بسبب علاقاته مع الروس وإعجابه بالرئيس فلاديمير بوتين.

وسط هذه الأجواء، جاء مشروع الرعاية الصحية، الذي أشرف رئيس مجلس النواب بول راين بالتنسيق مع البيت الأبيض على صياغته. كلاهما راهن على حصول إجماع جمهوري حوله، باعتباره ترجمة لوعد الحزب والرئيس باستبدال قانون الرئيس باراك أوباما الصحي "أوباما كير". لكنّ الجناح اليميني المتشدّد، حوالي 36 نائباً، رفض الصيغة التي قدّمت لمشروع ترامب، بزعم أنّها رخوة وتسمح بتدخّل الدولة في هذا القطاع.

في عمق هذا الرفض ما هو أبعد، فهناك صراع بين البيت الأبيض وعتاة المحافظين، الذين لا يأتمنون على ترامب، فهم يرون أنّه دخيل على خطهم وغير معني بالأجندة التي تخصّهم، واعتبروا أنّ راين تواطأ مع البيت الأبيض، وقد يكون تواطأ ضدّه بإقناعه بالمشروع، في إخراج الصيغة غير المقبولة.

طالب هؤلاء بتعديلات لا تحظى بموافقة الآخرين، فاستخدم ترامب كافة أوراقه؛ قصد مبنى الكونغرس، وتحدّث بلغة الإنذار مع الرافضين، إلا أنّه لم يقوَ على زحزحتهم. التقى بهم في اليوم التالي، بالبيت الأبيض، لكن أيضاً من غير جدوى. أصرّ ترامب على التصويت. في النهاية، أقنعه راين بخيار سحب المشروع، وعدم نسف الجسور مع الرافضين، حفاظاً على خط الرجعة، كما على وحدة ولو معطوبة للجمهوريين.

لكنّ هذه الوحدة بقيت على الورق، فالحزب الجمهوري منقسم، وهذا الانقسام أدى إلى خسارته للجولة. والضرّر الأكبر أنّه بدا كعاجز عن ممارسة الحكم، رغم أنّ القرار بيده في البيت الأبيض، كما في مجلسي الكونغرس. وإذا كان هناك من رابح، فهم المتشدّدون، الذين صاروا إلى حدّ بعيد "بيضة القبان" في مجلس النواب.

غير أنّ الرئيس ترامب كان الخاسر الأكبر، إذ تبخّر أول وأهم وعوده، حتى قبل انقضاء المئة يوم الأولى من رئاسته. كشف الرئيس الجديد عن خفّة في التقدير وضعف في حضوره الرئاسي، ولا سيما أنّه جاء بهالة توحي بأنّه يمتلك من التفويض والعزم ما يكفي لتمرير الأجندة التي طرحها، والتي حملته إلى الرئاسة. وإذا به يعجز عن تطويع الطرف المحسوب عليه، وفي ذلك رسالة إلى شريحة كبيرة من القاعدة التي انتخبت ترامب، أنّه غير موثوق به، الأمر الذي من شأنه مفاقمة رصيده الذي وصل في الأيام الأخيرة إلى مستوى هزيل: 37% فقط، وقد يهبط أكثر بعد هزيمته في مشروع الرعاية الصحية.

ولا تخفى أيضاً التداعيات الخارجية لرفض المشروع، فالخشية في أوساط المعنيين بالسياسة الخارجية، أنّ الرئيس ترامب تسبّب في تكوين صورة عنه في الخارج بأنّه "غير جدّي"، وأنّ صدقيته باتت موضع تساؤل (مثل تهمته بتنصّت أوباما عليه)، كما ساهم في "تقليص موقع الرئاسة"، وفق تعبير المعلّق مايكل غيرسون.

أتى الآن تمرّد الكونغرس ليزيد من تراجع ترامب في الرئاسة، ويلحق بها المزيد من الضرر، حتى ولو نجحت محاولات تعويم المشروع لاحقاً، فسقوطه في أول امتحان ترك وقعه المدوي في واشنطن، وربما في الساحة الدولية.


المساهمون