القوات العراقية توسّع محاور التقدّم نحو مركز الموصل

03 مارس 2017
استمرار نزوح سكان غرب الموصل(عريس مسيني/فرانس برس)
+ الخط -
تسعى القوات العراقية إلى تسريع وتيرة التقدّم نحو المجمّع الحكومي في الساحل الغربي للموصل، والوصول إلى مركز المدينة القديمة قبل أن يعزّز تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) دفاعاته عند حدودها. ومع كثافة الغطاء الجوي لطيران "التحالف الدولي"، بادرت القيادات العسكرية العراقية إلى تعديل خطط التقدّم والمبادرة، مستعينة بالتعزيزات العسكرية التي وصلتها، لتفتح جبهاتها وتوسّع خطوط الاشتباكات مع "داعش" في عدّة محاور، محاولةً مشاغلة التنظيم في عدّة جبهات حتى لا يستطيع تقوية جبهة واحدة. ومنح القصف العنيف لطيران "التحالف الدولي" ومدفعية الجيش الأميركي، القطعات المقاتلة فرصة التقدّم في أحياء غرب الموصل وانتزاع مناطق جديدة من قبضة "داعش" الذي صعّد أخيراً من عملياته الانتحارية محاولاً إعاقة التقدّم.

وقال ضابط في قيادة عمليات نينوى لـ"العربي الجديد" إنّ "القيادات الأمنية عقدت اجتماعاً لبحث خطط جديدة وطرق تختصر التقدّم نحو مركز المدينة، وقرّرت فتح محاور القتال وتوسيعها، في محاولة منها لتشتيت تنظيم داعش، ومنح الطيران فرصة استهدافه عندما يقاتل في أراض مكشوفة"، وفق تعبيره. وبيّن أنّ "القطعات تقاتل حالياً في أربعة محاور من جهة الجنوب نحو مركز الموصل، فيما تضمّنت الخطة الجديدة فتح ثلاثة محاور أخرى من جهتي الشمال والشمال الغربي بالإضافة إلى محور آخر جنوبي"، وفق قوله.

وما إن سيطرت القطعات العراقية على مطار الموصل قبل عدّة أيّام، حتى بدأت التعزيزات العسكرية تتواصل نحو الساحل الأيمن. وفي هذا الصدد، قال مصدر عسكري إنّ "تلك القطعات يجرى حالياً إعدادها وتوزيعها ضمن الخطة الجديدة على محاور القتال". من جهته، أعلن الرائد في "جهاز مكافحة الإرهاب"، أثير الساعدي، أن "القوات العراقية لا تزال تخوض اشتباكات عنيفة مع داعش في الجهة الغربية لحي وادي حجر القريب من حي الدواسة الذي يضم المباني الحكومية، وذلك بعدما تمكنت من فرض سيطرتها على أحياء الطيران والجوسق والمأمون وأجزاء من حي المنصور". وأكد أنّ "قطعات مكافحة الإرهاب لا تزال تخوض اشتباكات عنيفة مع عناصر التنظيم الذين ينتشرون بين أزقة الحي (وادي حجر)، ويستخدمون أسلوب القنص والهجمات الانتحارية لعرقلة تقدّم القوات" العراقية. وأشار إلى أنّ "طائرات الأباتشي الأميركية تقوم بدور كبير في تدمير العربات المفخخة التي تهاجم القطعات، كما تستهدف أي تحرّك لداعش بين الأزقة الضيقة"، بحسب ما ذكر.


بموازاة ذلك، أكد المسؤول العسكري نفسه أن "قوات الجيش العراقي تحركت نحو مناطق شمال غرب مدينة الموصل، ونجحت بالسيطرة على المدخل الشمالي الغربي لمدينة الموصل الواقع في منطقة باب الشام والاقتراب من بلدة بادوش"، بحسب قوله. في المقابل، وفي تطور لافت في مجريات معركة الموصل، صعّد تنظيم "داعش" من هجماته التي تستهدف قطعات القوات العراقية، مكثّفاً من هجماته الانتحارية. وقال مصدر محلّي لـ"العربي الجديد" إنّ "القوات العراقية تمكّنت من صدّ هجوم لتنظيم داعش استهدف منطقة الكبة شمال مدينة الموصل". وأوضح أنّ "مواجهات عنيفة جرت بين الجانبين استمرت لنحو خمس ساعات تمكّنت القوات العراقية خلالها، وبإسناد طائرات التحالف الدولي، من تدمير السيارات الملغمة قبل وصولها إلى أهدافها، وأجبرت المهاجمين على التراجع إلى مواقعهم بعد مقتل عدد منهم" بحسب تعبيره. وأكد "مصرع خمسة من الجنود العراقيين وجرح آخرين، إضافة إلى تدمير آليات تابعة للجيش العراقي". وأضاف أنّ "داعش وسّع من دائرة قصفه الأحياء السكنية التي انتزعت منه أخيراً". كما أفاد بأنّ هذا "القصف طاول أحياء وادي حجر وحي التنك والشهداء وتل الرمان، كما استهدف القطعات العراقية، وقد أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين والعسكريين"، بحسب المصدر نفسه.

استخدام أسلحة كيميائية؟
وكشفت مصادر طبية في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق عن تعرّض مدنيين من أهالي مدينة الموصل لإصابات بأسلحة كيميائية يُعتقد أنّ "داعش" استعملها بقصفه على المدينة. وقال أحد الأطباء المتخصصين بمستشفى طوارئ غرب أربيل، في تصريح صحافي، إنّ "عائلة عراقية من أربعة أفراد، الأب والأم وطفلين، نقلوا إلى المستشفى لتلقي العلاج، جرّاء إصابات تعرّضوا لها بقنابل احتوت مواد كيميائية". ورجّح الطبيب أنّ "يكون الغاز المستخدم في الهجوم هو غاز الخردل، استناداً لتجربتنا في التشخيص" وفق تعبيره. وسبق لتنظيم "داعش" أن استخدم مثل تلك القنابل في استهداف قوات البشمركة شرقي وشمال مدينة الموصل.

وأكد الخبير العسكري، العميد المتقاعد جمال التميمي، أنّ "توجه القيادات العسكرية نحو فتح محاور قتال جديدة يعدّ الخطة الأمثل لمعركة الموصل". وأوضح خلال حديثه مع "العربي الجديد" أنّ "مجريات المعركة أظهرت تباطؤ وصعوبة كلما اقتربت القطعات من مركز المدينة". وبيّن أنّ "المعلومات العسكرية تؤشّر إلى أنّ التنظيم يعمل على تقوية دفاعاته في حدود بلدة الدواسة، محاولاً منع القطعات من الوصول إلى المجمّع الحكومي ومركز المدينة"، وفق تأكيده. وأوضح أنّه "وفقاً للخطة الجديدة، ومع فتح المحاور الجديدة، سيضطر داعش إلى تشتيت قطعاته لصد الهجمات بالمحاور الجديدة، الأمر الذي سيضعف كثيراً من خطوط دفاعاته وسيمنح القطعات فرصة اختراقها والتقدّم نحو مركز المدينة" وفق تقديراته. وبيّن أنّ "المعركة باتت محسومة لصالح القطعات العراقية، لكنّ تأخيرها ليس في صالح القطعات، لأنّ داعش تنظيم خطير وقد يغيّر من استراتيجيته، مما سيكلّفها خسائر في صفوفها"، وفق تعبيره. لكن الخبير العسكري رجّح "حدوث تغيّر في سير المعركة لصالح القطعات مع بدء فتح المحاور الجديدة".