تظاهرات إيرانية ضدّ المعارضة بذكرى إنهاء الحركة الخضراء

30 ديسمبر 2017
تخرج المظاهرات المؤيدة للنظام كل عام (بيهروز مهري/فرانس برس)
+ الخط -
بعد يومين من احتجاجات مطلبية عمّت مدن إيرانية، خرجت، اليوم السبت، تظاهرات ضدّ المعارضة في عدّة مدن، منها العاصمة طهران ومدينة مشهد شمال شرقي البلاد، تدعو لإعدام "المنافقين"، في إشارة لرموز "الحركة الخضراء" ممن يخضعون للإقامة الجبرية.

وندّدت الشعارات بما وصفتها بـ"الفتنة الجديدة"، في إشارة للاحتجاجات التي خرجت، في اليومين الماضيين، في عدد من المدن الإيرانية، ومنها مشهد، نيشابور، كرمانشاه، قم وأصفهان، اعتراضاً على غلاء الأسعار، والتي لم تخلُ من شعارات سياسية.

وكان المحتجون في هذه المدن، قد رفعوا، على مدى يومين، شعارات تندّد بسياسات الرئيس الإيراني حسن روحاني الاقتصادية، معترضين على غلاء الأسعار، وعدم تحصيل حقوقهم من مؤسسات استثمارية خسروا أموالهم فيها.
وأمس الجمعة، فرّقت الشرطة الإيرانية، المظاهرات المناهضة للحكومة، في مدينة كرمانشاه غربي البلاد، بعدما ألقت القبض على 52 شخصاً في احتجاجات يوم الخميس، في مدينة مشهد.

وتخلّل الاحتجاجات شعارات سياسية تندّد بتدخلات إيران الإقليمية، ولا سيما في سورية، وهو ما جعل السلطات تحشد لمسيرات، اليوم السبت، تدعو للحذر من أي "مؤامرات" قد توسّع رقعة ومسار الاحتجاجات التي تهدّد النظام الإيراني.

وتأتي تظاهرات اليوم السبت، المؤيدة للنظام، إحياءً لما يسمّى ذكرى "9 دي" وهو في التقويم الفارسي التاريخ الذي يوافق 30 ديسمبر/كانون الأول، عندما خرج الإيرانيون من مؤيدي التيار المحافظ ومعارضي "الحركة الخضراء"، في مسيرات عام 2009، احتجاجاً على "انتهاك" أنصار الحركة لمراسم عاشوراء آنذاك، بعد أن حوّلوا المناسبة الدينية لمظاهرات ذات مطالب سياسية.

وقال أمين مجمع تقريب المذاهب محسن أراكي، خلال كلمة في مصلى طهران، حيث شارك في مظاهرات، اليوم السبت، إنّ "على أعداء إيران أن يعلموا أنّ المؤامرات والفتن لن تؤثّر على إرادة الإيرانيين"، معتبراً أنّ "من يخططون للإطاحة بالبلاد يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي ويرتكزون على المشكلات الاقتصادية لتحقيق مآربهم"، حسب تعبيره.

وأضاف أراكي أنّ "على الحكومة الإيرانية أن تحلّ المشكلات باتباع ما يسمى اصطلاحاً بالاقتصاد المقاوم، والذي يعتمد على كفاءات الداخل".

وفي السياق، قال النائب في البرلمان الإيراني مجتبى ذو النور، وفق ما نقلت عنه وكالة "فارس"، اليوم السبت، إنّ "المرشد علي خامنئي، أبدى قلقه، في وقت سابق، من المعضلات الاجتماعية لكن الحكومة لم تتخذ أي خطوات في هذا الصدد، من قبيل عدم حلّ مشكلة بطالة ثمانية ملايين نسمة، فضلاً عن مشكلات اقتصادية أخرى".

لكن ذو النور، شدّد في الوقت عينه، على "ضرورة الحذر ممن يحاولون استغلال مشكلات الإيرانيين للتأثير على النظام الإسلامي"، بحسب قوله.



السطات تتوعّد "تجمّعات مخالفة للقانون"

تخرج هذه المظاهرات المؤيدة للنظام في إيران، كل عام في مثل هذا اليوم، غير أنها تأتي هذه المرة بعد احتجاجات معارضة ذات طابع اقتصادي، تخللتها شعارات سياسية، أقلقت المسؤولين في البلاد.

وحذّرت السلطات الإيرانية، أمس الجمعة، من المشاركة في أي تجمّعات "لم تحصل على تراخيص قانونية"، متوعّدة بأنّه "في حال تنظيم أي منها فستتعامل السلطات والقوات الأمنية مع الأمر بشكل حازم".
واليوم السبت، طلب وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي، من المواطنين، عدم المشاركة في"تجمّعات مخالفة للقانون". وقال، بحسب ما نقلت عنه وكالة "إيسنا"، "نطلب من السكان عدم المشاركة في التجمعات المخالفة للقانون، لأنّهم سيخلقون مشاكل لهم ولمواطنين آخرين".

وأضاف أنّ على "الأشخاص الراغبين في تنظيم تجمّع التقدّم بطلب والحصول على ترخيص"، موضحاً أنّه حصل على معلومات بشأن "دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي من أجل المشاركة في تجمّعات".

وعقدت الحكومة الإيرانية اجتماعاً طارئاً، أمس الجمعة، برئاسة روحاني، أكدت خلاله أنّها "تتابع عن كثب هذه المطالب الشعبية".

وأصدر الحرس الثوري بياناً رسمياً، بمناسبة ذكرى 30 ديسمبر/كانون الأول، والتي أنهت عملياً احتجاجات "الحركة الخضراء" في 2009، فدعا إلى الحذر مما وصفه "الفتن والمؤامرات التي مازالت تستهدف إيران".

وشهد عام 2009 في إيران، احتجاجات شوارع استمرت ثمانية أشهر، عندما أثارت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، جدلاً واسعاً حيث قال أنصار "الحركة الخضراء" إنّ الانتخابات جرى تزويرها، بينما فرضت السلطات، الإقامة الجبرية على عدد من رموزها ومنهم مير حسين موسوي، ومهدي كروبي.

وبحسب مركز الإحصاءات الإيراني، فإنّ نسبة البطالة بلغت 12.4% في السنة المالية الجارية بارتفاع 1.4 نقطة مئوية عن العام الماضي. وهناك نحو 3.2 ملايين عاطل عن العمل في إيران التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة.


واشنطن تدعو إيران لاحترام حقوق شعبها

من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة تأييدها لمطالب المتظاهرين في عدد من المحافظات الإيرانية، ضد غلاء المعيشة في البلاد، متهمة على لسان الرئيس دونالد ترامب النظام الإيراني بدعم الإرهاب.

ودعا ترامب في تغريدة على "تويتر"، اليوم السبت، الحكومة الإيرانية إلى "احترام حقوق شعبها".

وقال ترامب: "تردّدت عدة تقارير عن احتجاجات سلمية من قبل المواطنين الإيرانيين المتضررين من فساد النظام وإهداره لثروات البلاد وتمويل الإرهاب في الخارج". وأضاف: "ينبغي على الحكومة الإيرانية احترام حقوق شعبها بما في ذلك حقه في التعبير عن نفسه.. العالم يراقب"!


كما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً، مساء أمس الجمعة، قالت فيه إنّها تتابع "الاحتجاجات السلمية العديدة من جانب المواطنين الإيرانيين في أنحاء البلاد". 

وقالت الوزارة إنّ "قادة إيران حولوا دولة ثرية ذات تاريخ وثقافة غنية إلى دولة مارقة مستنفدة اقتصاديا، صادراتها الرئيسية هي العنف وسفك الدماء والفوضى".

وأضافت: "كما قال الرئيس ترامب، إن أكثر ضحايا المعاناة من قادة إيران هم الشعب"، متابعة "نحث جميع الدول على أن تعلن دعمها للشعب الإيراني ومطالبه ذات الصلة بالحقوق الأساسية ووضع حد للفساد".