المقبرة الدجانية في القدس العتيقة: استهداف الأموات أيضاً

24 ديسمبر 2017
مقبرة الدجاني في القدس المحتلة (العربي الجديد)
+ الخط -
الاعتداء الأخير الذي اقترفته مجموعة من غلاة المستوطنين المتطرفين، على مقبرة آل الدجاني في حي النبي داود داخل البلدة القديمة من القدس المحتلة، قاموا خلاله بتدمير 6 قبور في المقبرة التاريخية الشهيرة لعائلة الدجاني وتسويتها بالأرض، ليس الأول من نوعه ضد هذه المقبرة. والمقبرة بُنيت في عهد الشيخ سليمان الثالث وعُرفت لاحقاً باسمه ودُفن فيها عام 1816.

في هذا السياق، أفاد مازن الدجاني، لـ"العربي الجديد"، بأن "عائلة الدجاني أدركت أهمية المقبرة التي انتُزعت منهم عشية النكبة عام 1948 كما انتزعوا هم من حي النبي داود، أن الحفاظ على هذا الأثر في القدس واجب كل فرد منهم، حتى ولو لم يستعيدوا بعض ما سُلب من أملاكهم، وحتى من مدافن موتاهم، في وقت لم تتورع فيه سلطات الاحتلال عن اقتطاع أجزاء من أرض المقبرة، وتحويلها لممرات وطرق، وأزالت السياج الحديدي المحيط بالمقبرة". وأشار إلى أن "العائلة منذ عام 1948 حرمت من دفن موتاها في المقبرة، التي تضمّ 56 قبراً موزعة على ثلاثة مقابر".

وأكد الدجاني في حديثه أن "جهوداً كبيرة بذلتها العائلة على مدى العقود الماضية لاسترداد ما سُلب واغتُصب من أملاكها بما في ذلك المقبرة، إلا أن هذه الجهود لم تنجح"، مشيراً إلى أن "تنظيف أرض المقبرة يحتاج إلى تصريح من شرطة الاحتلال".

من ناحيتها، تحدثت المربية سناء سمير عرفات الدجاني، وهي معلمة في مدرسة الحسن الثاني في حي واد الجوز بمدينة القدس، وعضو متابع لحي النبي داود ومقام الجد في القدس الشريف، لـ"العربي الجديد"، فأشارت إلى أن "عائلتها نزحت عن الحي في حرب عام 1948 نتيجة المعارك عند بوابة النبي داود، ومنذ ذلك التاريخ توقف الدفن فيها".

وأضافت أنه "تمّ وقف الحي للشيخ أحمد الدجاني في عهد السلطان سليمان القانوني، بعد إخلائه من الرهبان الفرنسيسكان الذين مُنحوا بالمقابل أرضاً في باب الجديد أقاموا عليها كنيسة، وقد توسعت في هذه الأيام لتصبح الكنيسة الرعوية، وبذلك تنازلوا عن حقوقهم بالحي، قبل أن يعودوا ليطالبوا بها بعد نحو 600 سنة، علما بأن الوقفية كتبت بتاريخ 1560".



وسبق لعائلة الدجاني أن أطلقت مجلة باسم "ديوان آل الدجاني"، وفي سنة 1956 تقرر تغيير الاسم لمجلة "الأمل"، وكان يحررها ويرأس تحريرها آنذاك لبيب الدجاني، إلى أن توقفت عن النشر في عام 1988. وفي كتاب أصدرته عن دائرة الشروق، تطرقت الكاتبة أمل الدجاني إلى حي النبي داود، الذي أوقف لعائلتها، فأشارت إلى أن "هذا الحي، يقوم هذا على جبل صهيون، وفيه أيضاً مدرسة صهيون الإنكليزية، التي أسسها المطران غوبات، وكنيسة نياحة المطران التابعة للألمان الكاثوليك، وكثير من المقابر المسيحية".

ووفقاً لما ورد في الكتاب، فقد "احتل اليهود هذا الحي، الذي كان معظم ساكنيه سَدَنَة (خدام) مسجد النبي داود، في 18 مايو/أيار 1947، ثم اعتبر جزءاً مما سمي بالمنطقة الحرام، الفاصلة بين القدس الشرقية والقدس الغربية، والتي لا يجوز لأحد دخولها لا من العرب سكانها الأصليين، ولا اليهود الذين احتلوه. وعلى الرغم من ذلك نهب اليهود كل ما عثروا عليه من أموال منقولة وغير منقولة، كما أخذوا كل ما وجدوه مع المشرف على الحي والمسجد والمقبرة الشيخ محمد جمال الدجاني، من أوراق وحجج ومستندات تثبت عروبة الحي وإسلاميته، وحوّلوا المسجد إلى كنيس يهودي، بعد أن أخذوا بالقوة مفاتيحه من الشيخ محمد صدر الدجاني ابن المرحوم كمال الدين الدجاني، ورفعوا جميع ما في المكان من أثر للإسلام ومحوا ما كان على جدرانه من آيات قرآنية. وبعد هزيمة عام 1967، سمحت سلطات الاحتلال بعودة ساكني الحي إلى منازلهم، باستثناء آل الدجاني، كما منعت المسلمين من دفن موتاهم في مقبرة المحلة".

وفي المقبرة أيضاً، قبر الشيخ أنيس، وتخص فرع عائلة زكي الدجاني، وتبلغ مساحتها 87 متراً مربعاً. وأبرز من دفن فيها من أبناء العائلة كل من: شكري أنيس الدجاني، وسليم شكري أنيس الدجاني، وأنيس خليل الدجاني، وزكي أنيس خليل الدجاني، بالإضافة إلى مجموعة من زوجاتهم وأمهاتهم. أما المقبرة الكبيرة، فقد دفن فيها الشهيد حسن صدقي الدجاني، صاحب أول جريدة ظهرت في القدس وتحمل اسمه. كما دُفن فيها رئيس بلدية القدس في عام 1918، عارف باشا الدجاني، أول من حمل لقب الباشا في عهده، فضلاً عن العديد من الشيوخ كالشيخ عمر وعبد الرزاق ومحمود درويش الدجاني. ودُفن أيضاً في ذات المقبرة الحاج فايق الدجاني، وكان من أعيان القدس في مطلع القرن الماضي والمعروف بكرمه في حينه، وعثمان الدجاني وبكر الدجاني والد عارف باشا وإخوته. ومن الأسماء المعروفة أيضاً سعيد جودت الدجاني وأمين حافظ الدجاني وصبحي طاهر الدجاني، وأيضاً عبد القادر طهبوب، وهو زوج ابنة عارف باشا الدجاني.