العراق يتراجع عن اتفاقه مع شركة "أوليف" المملوكة للإمارات

01 ديسمبر 2017
معبر طريبيل الحدودي بين الأردن والعراق (صلاح ملكاوي/Getty)
+ الخط -

كشف مسؤولون عراقيون في بغداد عن فسخ عقد الاستثمار الذي تم الاتفاق عليه بين الحكومة العراقية وشركة "أوليف" الأمنية المملوكة للإمارات، لتأمين الطريق الدولي الرابط بين بغداد وعمّان، بسبب تحفّظات سياسية عراقية على الشركة المتهمة بارتكاب انتهاكات خطيرة في اليمن وليبيا ودول أخرى بالمنطقة لحساب حكومة أبوظبي، فضلاً عن تقديم عدد من أعضاء لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، مقترحاً لرئيس الوزراء يقضي بتولي الشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب المهمة عوضاً عن الشركة، بعد انتهاء المعارك مع "داعش" وانسحاب نحو 40 في المائة من تلك القوات إلى قواعدها على أطراف المدن المحررة شمال العراق وغربه.
جاء ذلك بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على افتتاح الطريق الدولي بين بغداد وعمان، واستئناف حركة التجارة وتبادل البضائع من دون أن تباشر الشركة بتنفيذ العقد المبرم لتأمين الطريق، كما تقرر في الاتفاق الذي عقد برعاية الجانب الأردني مطلع العام الحالي.

وقال مسؤول حكومي عراقي رفيع لـ"العربي الجديد"، إن "الاتفاق مع شركة أوليف تم التراجع عنه من قبل بغداد، وبالتالي الشركة نفسها بدت مترددة في المباشرة بسبب مخاوف من هجمات ذات طابع سياسي تستهدفها". وبيّن أن "السبب الأول في تراجع بغداد هو ثبوت تورط الشركة وأعضائها بجرائم وأعمال استخبارية في دول عدة من المنطقة، فضلاً عن الشراكة غير المفهومة بين حكومة أبوظبي التي تملكها وصهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر الذي ضغط لفوز الشركة بالعقد، وبين خلفيات مجلس إدارة الشركة وحتى رؤساء الوحدات الأمنية العاملة فيها وخلفيتهم مع بلاك ووتر". ولفت المسؤول إلى أن "هناك تحفظاً إيرانياً من الوهلة الأولى على هذه الخطوة، وقد يكون هذا عاملاً آخر مهماً في عرقلة المشروع".

وحول ذلك، قال مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، لـ"العربي الجديد"، إن "اعتراضات سياسية وأخرى أمنية وجهات كثيرة أخرى، حالت دون تنفيذ العقد مع الشركة لتأمين طريق بغداد عمان بطريقة الاستثمار الطويل". وأضاف أن "الشركة نفسها أيضاً انسحبت أخيراً، واليوم المناطق تحررت ولا حاجة لتأمين خارجي، فالقوات العراقية وأبناء الأنبار قادرون على القيام بالمهمة".



وأوضح عضو البرلمان العراقي، القيادي بالتحالف الحاكم، إسكندر وتوت، أن "المعترضين على الشركة أكثر من الموافقين عليها، فقسم يقول إن الشركة غير مريحة استخبارياً، وآخرون يقولون إن لدينا قوات كافية لتأمين الطريق والقيام بمهام هذه الشركة، رغم أن للشركة إمكانيات كبيرة كالطائرات وأجهزة الرصد وغيرها، وأعتقد أنه لا يوجد شيء حاسم بإنهاء الاتفاق معها، لكن بشكل عام الموضوع انتهى من حيث بدأ".

وقرر البرلمان العراقي في الرابع من يوليو/ تموز الماضي، استضافة رئيس الوزراء حيدر العبادي، وعدد من القادة الأمنيين على خلفية تحقيق نشرته صحيفة "العربي الجديد"، لتأكيد هوية شركة "أوليف" العائدة للإمارات، وتورطها بجرائم وانتهاكات مختلفة وأعمال تجسس لصالح حكومة أبوظبي في عدد من دول المنطقة، فضلاً عن وجود عناصر سابقين من شركة "بلاك ووتر" فيها يمسكون مفاصل مهمة بالشركة، ثلاثة منهم متهمون من قبل القضاء العراقي بارتكاب مجزرة النسور في بغداد منتصف سبتمبر/ أيلول 2007. وسبق لمقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ماجد الغراوي، أن قال في مؤتمر صحافي في يوليو الماضي، من داخل مبنى البرلمان، إن "اللجنة طالبت بإلغاء العقد المبرم مع الشركة الأمنية، وخلال الأيام المقبلة ستتم استضافة رئيس الوزراء حيدر العبادي في البرلمان، بشأن موضوع شركة بلاك ووتر الأميركية وعودتها بمسمى آخر إلى العراق".

من جهته، اعتبر مستشار الأمن الوطني السابق موفق الربيعي، أن "شركة أوليف الأمنية هي نفسها شركة بلاك ووتر وغيّرت اسمها بداية الأمر إلى شركة كونستالس ومن ثم إلى أوليف. وباتت جاهزة للعودة بحلتها الجديدة، وتمكنت من الحصول على مناقصة استلام وصيانة وتأمين الخط الدولي الذي يربط بغداد مع عمّان".

وكان من المفترض أن تباشر الشركة عملها في العراق لتأمين الطريق الدولي السريع الرابط بين بغداد والعاصمة الأردنية عمان بطول 520 كيلومتراً، من شرق الفلوجة إلى معبر طريبيل الحدودي مع الأردن، لتسهيل حركة عبور الشاحنات التجارية وأساطيل نقل النفط الخام إلى الأردن عبر الصهاريج، التابعة لوزارة النفط العراقية. ومدة العقد هي 15 عاماً، على أن تحصل الشركة على رسوم وعائدات دخول الشاحنات من وإلى العراق، فضلاً عن بنائها محطات استراحة ومناطق تزود بالوقود ومطاعم يعود ريعها للشركة ذاتها.