كواليس اجتماع حزب "الدعوة": انشقاق قريب لجناح العبادي

30 نوفمبر 2017
يحظى العبادي بدعم دول عربية لولاية حكومية ثانية (Getty)
+ الخط -


كشفت مصادر سياسية عراقية بارزة في بغداد عن كواليس الاجتماع الأخير لحزب "الدعوة الإسلامية" الحاكم في البلاد، الذي عُقد ليلة الإثنين الماضي بحضور قيادات الحزب كافة، من بينهم رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس الحكومة السابق نوري المالكي، بناء على طلب من الأخير للاجتماع، الذي شهد مشادات كلامية انتهت بانسحاب العبادي وعدد من أعضاء جناحه داخل الحزب بعد تهديدات واتهامات أطلقها المالكي تتعلق بإعلان العبادي الحرب على الفساد وقرب تقديم ملفات مسؤولين في الحكومة السابقة التي كان المالكي يرأسها لثماني سنوات إلى القضاء. فيما كشف القيادي في ائتلاف "دولة القانون" النائب منصور البعيجي عن أن العبادي سيخوض الانتخابات المقبلة عبر قائمة لوحده بعيداً عن كتلة "دولة القانون" التابعة لحزب "الدعوة" بقيادة المالكي.

وقال قيادي بارز في حزب "الدعوة الإسلامية"، لـ"العربي الجديد"، إن "الاجتماع الذي عُقد بحضور قيادات الحزب، شهد مشادات كلامية وارتفاع أصوات الحاضرين بعد طرح المالكي موضوع التسقيط الذي يقوده العبادي ضده وتكراره اتهام حكومته السابقة بالفساد بشكل غير مباشر". وأشار إلى أن "المالكي اعتبر حملة العبادي الجديدة على الفساد غير صادقة وتهدف للإطاحة به في الانتخابات، وهو ما نفاه العبادي بشكل قاطع وأكد أن الحملة ستشمل جميع من تورط بالفساد بلا استثناء منذ عام 2003 ولغاية الآن حتى لو كانوا وزراء ومسؤولين في حكومته الحالية"، مضيفاً أن "العبادي انسحب إثر ذلك من الاجتماع مع قيادات أخرى في الحزب تؤيد خطواته وسبق أن اعتبرت تصرفات وسياسة المالكي تضر بشعبية حزب الدعوة داخل الشارع الشيعي العراقي".

وبحسب القيادي نفسه، فإن "العبادي يعتبر تراجعه عن حملته على الفساد انتحاراً له، ويصر على المضي بها بعد أخذ الضوء الأخضر من مراجع النجف وكذلك الترحيب الشعبي العراقي بالقرار"، مشيراً إلى أن العبادي يريد أن يبقى الملف قضائياً، لذا سيترك إعلان الاستدعاء والاستجواب والتحقيق مع المتهمين من قبل القضاء عبر محكمة النزاهة الرئيسية في بغداد.

وكشف أن حركة "العطاء" التي أعلن عنها مستشار الأمن الوطني ورئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض أخيراً لخوض الانتخابات، فاقمت الخلافات داخل حزب "الدعوة" بسبب قرار الفياض خوض الانتخابات مع أي تشكيل يعلنه العبادي، وهو ما اعتبره المالكي حرباً ضده ومحاولة لتجريده من عوامل النجاح في الانتخابات المقبلة، إذ كان يعوّل على ضم الفياض إلى جانبه في الانتخابات. كما أن إعلان زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر دعمه العبادي لولاية ثانية، ومن ثم إياد علاوي، أدى إلى تراجع حظوظ المالكي في الحصول على ولاية جديدة لرئاسة الحكومة أو حتى مقاعد مريحة داخل البرلمان، وفق القيادي في "الدعوة"، الذي رجّح أن يتم الإعلان عن انشقاق حزب "الدعوة" إلى جناحين قبل إغلاق مفوضية الانتخابات باب تسجيل الأحزاب والكيانات السياسية الجديدة نهاية مارس/آذار المقبل.


من جهته، أكد القيادي في حزب "الدعوة الإسلامية"، النائب عن ائتلاف "دولة القانون" في البرلمان العراقي، منصور البعيجي، في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود خلافات بين الجانبين في الحزب. وقال البعيجي: "أعتقد أن دولة القانون كائتلاف انتخابي سينزل في الانتخابات المقبلة بقائمتين منفصلتين، الأولى يرأسها العبادي والثانية المالكي، مع قيادات أخرى ستلتحق بالجناحين المختلفين".

كما اعترف القيادي في حزب "الدعوة" النائب علي البديري بحصول "مشادات داخل حزب الدعوة"، من دون أن يشير إلى الاجتماع الأخير وما جرى خلاله. وقال البديري في حديث مع "العربي الجديد": "هناك مشاكل موجودة بين العبادي والمالكي، وهي تحصل مع كل الكتل السياسية، وأعتقد أنه كلما اقتربت الانتخابات ستزداد المشادات والتراشق والاتهامات داخل الكتلة الواحدة".

وحول هذا الملف، توقّع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، الخبير في الشأن السياسي العراقي، سلام عبد الله السنجري، أن يكون العبادي قد حسم أمره مبكراً بشأن خارطة تحالفاته السياسية المقبلة بعيداً عن المالكي. وأضاف السنجري في حديث لـ"العربي الجديد": "هناك ظروف خارجية وأخرى داخلية تمنع العبادي من البقاء مع المالكي، وبالتالي فإن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي معرض بالتأكيد للتفتت وكذلك حزب الدعوة نفسه".

وأشار إلى أن "السعودية ودولاً عربية أخرى تدعم العبادي لولاية ثانية، والمعلومات تشير إلى تشجيع الرياض لكتل سنّية على دعم العبادي، لذا من غير المنطقي بقاؤه تحت عباءة المالكي، كما أن ذلك سيضعفه داخلياً في الانتخابات"، متوقعاً أن "يخرج العبادي بقائمة إسلامية مدنية مختلطة بعيدة عن حزبه الأم أو كتلة المالكي الانتخابية". ورجّح ألا تطاول حملة الفساد الحالية التي أطلقتها الحكومة، المالكي على الرغم من وجود ملفات ثقيلة ثبتت عليه، لأسباب سياسية وحتى أمنية تتعلق بعدد من فصائل الحشد الشعبي"، إلا أنه وفقاً للسنجري "سيتم فتح تلك الملفات بعد التجديد لولاية ثانية للعبادي على رأس الحكومة".