"رجال حول الملك"... شخصيات تقود الحياة العامة في المغرب

22 نوفمبر 2017
يُعدّ الهمة أحد أقوى رجالات المغرب حالياً(فيليب ديماز/فرانس برس)
+ الخط -


"رجال حول الملك"، "نافذون في مملكة محمد السادس"، "أقوى رجالات العاهل المغربي"، هذه ألقاب ونعوت مختلفة أطلقت على الشخصيات النافذة والقوية التي تتواجد في محيط الملك محمد السادس في شتى المجالات، السياسية والأمنية والاقتصادية، والتي لها بصمة واضحة مباشرة أو غير مباشرة على الحياة العامة في المغرب.
وإذا كان من غير الممكن حصر لائحة الرجال النافذين في محيط العاهل المغربي، باعتبار أن بعضهم ينأى عن أضواء الإعلام وأحاديث الصحافة، لكن يمكن الإشارة إلى شخصيات محددة تؤدي أدواراً حاسمة لا تخفى في إدارة الشأن العام، وتوجيه بوصلة البلاد تحت إشراف القصر الملكي. من هذه الشخصيات النافذة، فؤاد عالي الهمة صديق ومستشار العاهل المغربي، ومحمد ياسين المنصوري مدير المديرية العامة للمستندات والدراسات، التي تعني جهاز الاستخبارات الخارجية، وعبد اللطيف الحموشي مدير مديرية مراقبة التراب الوطني التي تعني الاستخبارات الداخلية، ومحمد منير الماجيدي مدير الكتابة الخاصة للملك والمسؤول عن إدارة الثروة الملكية، وشخصيات أخرى، كالجنرال حسني بنسليمان قائد الدرك الملكي، ورجال أعمال أقوياء منهم عثمان بنجلون وأنس الصفريوي.

الهمة: صديق الملك ومستشاره

يُعدّ فؤاد عالي الهمة أحد أقوى رجالات المغرب في عهد الملك محمد السادس، فهو قبل كل شيء صديقه الذي رافقه منذ سنوات "المعهد المولوي" في قصر تواركة بالعاصمة الرباط، حيث درس معه السنوات التعليمية في المرحلة الإعدادية والثانوية، كما رافقه في فترة ولاية العهد إبان حكم الملك الراحل الحسن الثاني، ثم استمر صديقاً مقرباً له عندما اعتلى عرش المملكة، حتى أنه كثيراً ما يُشاهد مرافقاً له في سيارته الشخصية، وإطلالاته الرسمية والخاصة.
الهمة، الذي ينحدر من طبقة اجتماعية بسيطة من منطقة بن جرير وسط البلاد، قبل أن يتم اختياره من بين تلاميذ آخرين متفوقين للدراسة مع ولي العهد حينئذ محمد السادس، وإضافة إلى صداقته للملك، فهو بات وفق مراقبين صلة الوصل بين القصر والنخب السياسية والحزبية في البلاد.

وبعد أن أسس الهمة حركة "لكل الديمقراطيين" التي تحوّلت لاحقاً إلى حزب "الأصالة والمعاصرة" (المعارض)، وبعد أن تولى مناصب مهمة في وزارة الداخلية، أتى به الملك ليكون بجانبه مستشاراً خاصاً وعضواً بارزاً في الديوان الملكي، ويمسك بالملفات السياسية الداخلية وحتى الخارجية، بدليل تواجده برفقة الملك في زياراته الرسمية لعدد من البلدان.

وعلى الرغم من محاولة هذه الشخصية الكاريزمية النأي عن أضواء الإعلام في البلاد، فإنها تشكّل موضوعاً دسماً للصحف والصالونات السياسية، كما تحظى بهالة من التقدير لدى الكثير من النخب السياسية والحزبية في البلاد، بالنظر إلى قوتها ونفوذها السياسي المتنامي كأحد صنّاع القرار في المملكة. وظهرت قوة الهمة في الإمساك بمفاصل السياسة والأحزاب في المغرب خصوصاً في فترة الحكومة التي جاءت متزامنة مع "الربيع المغربي" برئاسة حزب ذي مرجعية إسلامية، هو "العدالة والتنمية"، وأيضاً الحكومة التي جاءت بعد انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016، إذ كان له دور بارز في ولادة "حكومة الإسلاميين" من خلال صلة الوصل التي لعبها بين الحزب المعني والقصر الملكي.
ولم تُخْفِ شخصيات سياسية مغربية الأدوار التي يقوم بها الهمة في ملعب السياسة بالبلاد، منها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران الذي اعترف بدور الهمة في إخراج حكومته، كما أنه كان مخاطبه الرئيسي لدى الملك، وأيضاً حديث قيادات في حزب "التقدم والاشتراكية" عن "تدخلات سامية" لبقاء هذا الحزب في الحكومة الحالية وعدم الخروج إلى المعارضة.

المنصوري: رجل الاستخبارات الخارجية

وبالإضافة إلى الهمة، يوجد محمد ياسين المنصوري، وهو أيضاً كان زميلاً للملك محمد السادس على مقاعد الدراسة، ويمكن اعتباره حالياً أحد أقوى رجالات المملكة، إذ اضطلع بحماية البلاد استخباراتياً على الصعيد الخارجي، والذود عن مصالح المملكة والتصدي لخصومها، خصوصاً في مجال الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب.
ومثل الهمة يبتعد المنصوري عن الأضواء والصور، بحكم حساسية المنصب الذي يتولاه، وأيضاً بالنظر إلى تأثير تربيته المحافظة وخصلة الخجل التي تسم سلوكه، وفق مقربين منه، لكنه على الرغم من ذلك يُعتبر أحد أشهر رجالات الملك محمد السادس، ويقوم بأدوار حاسمة في ملف الاستخبارات الخارجية، والعلاقات مع البلدان الأجنبية، وصد الاختراقات والتهديدات الممكنة للمملكة.

وتنقّل المنصوري بين عدد من المسؤوليات التي صقلت شخصيته ومهنته الحالية، فقد كان يعمل إلى جانب إدريس البصري، الرجل القوي الأسبق في عهد الملك الراحل، كما ساهم في الإشراف على انتخابات 1997، قبل أن يتقلد في سنة 2004 منصباً رفيعاً يتمثل في قيادة إدارة مديرية الدراسات والمستندات، ليكون أول شخصية مدنية تتولى هذا المنصب الذي لا يشرف عليه إلا من حظوا بثقة ملك البلاد.
وبخلاف الهمة، فإن حالات التشابك والخلاف لا توجد بين المنصوري والنخب السياسية والحزبية في البلاد، بالنظر إلى مجال عمل الرجل البعيد عن "صداع السياسة" وتحوّلاتها، إذ يُعنى المنصوري بملفات البلاد الحيوية وسط التجاذبات الإقليمية والمناطقية المضطربة، كما يُحسب له أنه وراء عودة المملكة إلى منظمة الاتحاد الأفريقي بعد طول غياب نتج عن انسحاب الرباط من المنظمة في 1984.

الماجيدي: اقتصادي القصر

أما محمد منير الماجيدي، أو كما يلقبه المغاربة "إم 3"، فهو أحد أقوى رجالات المملكة في عهد محمد السادس، ويلتقي مع الهمة والمنصوري في كونه درس إلى جانب الملك عندما كان ولياً للعهد في سنوات السبعينيات من القرن الماضي، وظل مقرباً إليه سنوات طويلة كسب من خلالها ثقته.
وإذا كان الهمة يمسك بملفات السياسة والأحزاب والشأن الأمني أيضاً، والمنصوري يتحكم في ملفات الاستخبارات الخارجية وعلاقات المملكة في شقها الأمني مع بلدان العالم، وخصوصاً التصدي لمناورات من تعتبرهم المملكة خصوماً لوحدتها الترابية، فإن الماجيدي أمسك بالملفات المالية للأسرة الملكية. ويتولى الماجيدي منصب الكتابة الخاصة للملك ومهندس ثروة العائلة الملكية، من خلال تسييره للهولدينغ الملكي، وهو منصب وصل إليه بفضل خبرته الطويلة في مجال المال والحسابات، الشيء الذي جعله في قلب التوجّهات الاستراتيجية للبلاد في قطاعاتها المالية والاقتصادية.

وأدى الماجيدي أدواراً مؤثرة وحاسمة في توجّه الاستثمارات المغربية نحو البلدان الأفريقية، لتتحول المملكة إلى ثاني بلد مستثمر في القارة السمراء، كما أن منصبه الحساس جعله مُهاباً من دون صدامات أو خصومات، مطبقاً مقولة "القوة الناعمة"، من دون أن يمنعه كل ذلك من الانخراط في المجال الرياضي أيضاً من خلال ترؤسه نادي الفتح الرباطي وأكاديمية محمد السادس لكرة القدم.

الحموشي: أمنيّ المملكة

وتأتي شخصية نافذة أخرى في عهد الملك محمد السادس، وإن كان أقل درجة من السابقين، هو عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني ومدير الاستخبارات الداخلية، الذي بات يُلقب بعين المملكة التي لا تنام، خصوصاً في مجال التصدي للجماعات المتطرفة، وتفكيك الخلايا الموالية لتنظيم "داعش". وتوجد نقطة تشابه بين الحموشي وسابقيه (الهمة والمنصوري والماجيدي)، تتمثّل في تفضيله العمل منزوياً بعيداً عن الأضواء، وأيضاً ميوله إلى التواضع والمهنية الصارمة. لكن هناك نقطة اختلاف معهم تتجلى في كونه لم يدرس إلى جانب ولي العهد كما الثلاثة الآخرين، إذ ينحدر من أسرة بسيطة وتابع تعليمه مثل باقي الطلبة في المغرب.

الحموشي اكتسب خبرة أمنية كبيرة بعد دخوله موظفاً إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني سنة 1993، ليتولى بعدها بسنة ملف الهجوم الإرهابي على فندق أطلس أسني في مدينة مراكش، والذي نجم عنه إغلاق الحدود البرية بين المغرب والجزائر بعد تبادل الاتهامات بين البلدين. وتدرج الحموشي في مناصب المسؤولية الأمنية إلى جوار الرجل القوي الراحل إدريس البصري، وبعده الجنرال حميدو العنيكري، إلى أن عُيّن من قِبل الملك مديراً لجهاز الاستخبارات الداخلية عام 2007، كأصغر مدير استخبارات في تاريخ المغرب، ليتولى بعدها ملفات حساسة تتعلق بالتصدي للإرهاب والتهديدات الأمنية التي تواجه البلاد.
وحظي عمل الحموشي بإشادات أجنبية رسمية واسعة، منها منحه أوسمة رفيعة من قِبل قصر الإليزيه وأيضاً من ملك إسبانيا، بسبب عمله في التصدي للجماعات الإرهابية في المغرب وتنسيق مديريته مع الاستخبارات الأوروبية، وهو ما أعطى ثماره أكثر من مرة من خلال الإطاحة بجماعات متطرفة وتفكيك خلايا قبل تنفيذ عملياتها الدموية.

المساهمون