هل يحسم البرلمان التونسي غداً اختيار رئيس الهيئة العليا للانتخابات؟

29 أكتوبر 2017
فشل البرلمان ثلاث مرات بانتخاب رئيس للهيئة (محمد كريت/Getty)
+ الخط -


يعقد البرلمان التونسي، غداً الإثنين، جلسة من المقرر أن يختار خلالها رئيساً للهيئة العليا للانتخابات، بعدما فشل في ذلك 3 مرات منذ استقالة رئيسها، شفيق صرصار، نتيجة تجاذبات سياسية أدت إلى تأجيل عملية الاختيار، بسبب عدم التوافق حول أحد المرشحين.

وتأمل عدد من الأحزاب التونسية أن يحسم البرلمان خلال الجلسة اختيار رئيس الهيئة، للحؤول دون أي تداعيات سلبية لشغور المنصب، على تنظيم الانتخابات البلدية المقررة في 25 مارس/ آذار المقبل.

وفي هذا الإطار، قال الناطق الرسمي باسم "حركة النهضة"، عماد الخميري، لـ" العربي الجديد"، اليوم الأحد، إنّ "اختيار الرئيس سيعيد الهيئة العليا للانتخابات إلى وضعها الطبيعي، ويمكّنها من القيام بمهامها في الانتقال الديمقراطي"، مذكّراً بأنّ "حركة النهضة كانت منفتحة على كل الخيارات، ومع ذلك لم يتم التوافق حول انتخاب الرئيس".

وينحصر التصويت، خلال جلسة الإثنين، بين المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من أصوات النواب، في الجلسة السابقة، وهما محمد التليلي المنصري (95 صوتاً) ونجلاء براهم (48 صوتاً)، بحسب الخميري الذي أمل أن يتم التوافق على أحدهما.

وكان البرلمان فشل في جلسة تصويت ثانية، الجمعة الماضي، في انتخاب رئيس جديد للهيئة، بعدما لم ينل أي مرشح، غالبية النصف زائد واحد (109 من أصل 217 صوتاً).

وأمس السبت، قال رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، إنّ اختيار رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات سيتم حسمه، غداً الإثنين، آملاً ألا يؤثر تأخير انتخاب رئيس الهيئة على موعد إجراء الانتخابات البلدية.

وأشار الغنوشي، في تصريح على هامش مشاركته في اختتام "المؤتمر الثالث لشباب النهضة"، إلى أنّ التوافق بين كتلتي "النهضة" (68 نائباً) وحركة "نداء تونس" (56 نائباً)، "تعرّض في العديد من المرات لصعوبات، وتم تجاوزه في كل مرة".

وفي مايو/أيار الماضي، استقال رئيس الهيئة العليا للانتخابات، شفيق صرصار، ونائبه مراد بن مولى، بسبب ما وصفاها "ضغوطاً على هيئة الانتخابات، وتهديداً لمسار الانتقال الديموقراطي وصدقية الانتخابات".

ومنذ ذلك الحين، فشل البرلمان التونسي بانتخاب خليفة لصرصار، في وقت ترى فيه عدد من القوى السياسية أنّ التوافق بين أكبر كتلتين في البرلمان؛ "حركة النهضة"، و"نداء تونس"، سينهي التأخير الحاصل، ويؤدي إلى انتخاب رئيس للهيئة.

وفي هذا الإطار، تساءلت النائبة عن "التيار الديمقراطي"، سامية عبو، "كيف يمكن لحكومة تدّعي أنهّا حكومة وحدة وطنية وصادق عليها 167 نائباً، ألا تجد 109 أصوات لاختيار رئيس للهيئة؟"، معتبرة أنّ هذا الأمر "كشف عن هشاشة التوافق السياسي وحسابات يتخبط فيها الائتلاف الحكومي".

وقالت عبو لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إنّ "اختيار رئيس للهيئة رهن التوافق بين النداء والنهضة، أو بالأحرى بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي والغنوشي"، معتبرة أنّ "المصلحة الحزبية بين الطرفين أصبحت طاغية على المصلحة الوطنية، وحتى على الانتقال الديمقراطي".

ورأت عبّو أنّه "منذ استقالة صرصار، وعضوين آخرين من الهيئة، كشفت التجاذبات التي ظهرت عن مخاض عسير، ولكن لا أحد يعرف إن كانت نتيجة هذا المخاض ستفضي إلى هيئة مستقلة أم هيئة عليلة؟".

وشدّدت عبّو على ضرورة "العودة إلى أسباب استقالة رئيس الهيئة العليا للانتخابات التي مرت مرور الكرام، ولم يتم البحث فيها"، واصفة ما حصل بخصوص الهيئة منذ استقالة صرصار، بأنّه "أمر خطير ولا بد من البحث في تفاصيله".

واتهمت عبّو "البعض" (من دون تسمية) بأنّه "سعى إلى تأجيل الانتخابات البلدية (تأجّلت مرتين) حتى موعدها الحالي مارس/ آذار2018"، محذرة من أنّ "ما يحصل من تأخير متكرر في اختيار رئيس هيئة الانتخابات، سيؤدي إلى مزيد من تعطيل المسار الانتخابي، وهذا سيىء للانتقال الديمقراطي"، بحسب قولها.


بدوره، حذر النائب عن "حركة الشعب" زهير المغزاوي، من أنّ التجاذبات السياسية لاختيار رئيس للهيئة العليا للانتخابات، ستؤثر على المسار الانتخابي، قائلاً إنّ "حركة الشعب توجهت إلى هيئة الانتخابات لتقديم مرشّح يتم التوافق حوله".

وتحدّت المغزاوي، لـ"العربي الجديد"، عن عراقيل تحول دون التوافق على مرشح، ومن بينها أنّ "هناك من يرغب في وضع اليد على هيئة الانتخابات، ومن ثم السيطرة عليها، كما هناك رغبات من البعض الآخر لكي لا تحصل انتخابات أصلاً".

وتابع أنّ "الأخطر من هذا وذاك أن يتم القضاء على الهيئة العليا للانتخابات كشكل ديمقراطي"، مضيفاً أنّ "هناك من يريد أن تعود الانتخابات إلى وزارة الداخلية، تماماً مثلما كان يحصل في النظام السابق".

وشككّ المغزاوي بإمكانية حسم اختيار البرلمان رئيس الهيئة العليا للانتخابات، غداً الإثنين، متهماً كتلتي "النهضة" و"نداء تونس" بأنّهما، بـ"رغبتهما الواضحة في السيطرة والهيمنة، وضعتا الهيئة في وضع حرج"، معتبراً أنّ "كل طرف منهما يحاول أن يجد التوافق الذي سيمكّنه من الفوز بالانتخابات البلدية قبل إجرائها".