روسيا قلقة من تدفق الأموال الغربية على الرقة... والنظام يحلم باسترجاعها

22 أكتوبر 2017
روسيا اعتبرت الدعم الغربي محاولة لإخفاء آثار القصف(فرانس برس)
+ الخط -
13 مليون يورو خصصتها بريطانيا، اليوم الأحد، كمساعدات تُمهد لتدفق الحياة مجدداً في مدينة الرقة، وذلك بعد أن أعلنت فرنسا، عقب أن وضعت المعارك أوزارها مع تنظيم "داعش" الإرهابي بالمدينة، تقديم دعمٍ مماثل، قيمته 15 مليون يورو، وهو ما أثار امتعاض روسيا، التي اعتبرت إبداء دولٍ غربية اهتمامها بإعمار الرقة مجرد "رغبة في إخفاء آثار القصف الوحشي لطيران التحالف والأميركيين"؛ فيما كشف مسؤولان بنظام الأسد، عن أمل الأخير باستعادة السيطرة على المدينة، التي كانت على مدار اليومين الماضيين محط اهتمام مسؤولي دول غربية.

الاستياء الروسي عبّر عنه اليوم المتحدث باسم وزارة الدفاع في موسكو، إيغور كوناشينكوف، بقوله: " ما إن التقطت الرقة أنفاسها من قصف التحالف الدولي، حتى تعالت التصريحات في واشنطن وباريس وبرلين، من قبل قادة رفيعي المستوى، لتقديم تمويل مستعجل بقيمة عشرات ملايين الدولارات واليورو، بزعم أن هذه الملايين يجب أن تصرف لإعادة الحياة السلمية في المدينة. إننا نرحب بهذا التجاوب، لكن هناك أسئلة"، زاعماً أن بلاده "ناشدت مراراً خلال السنوات الماضية الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية إرسال مساعدات إنسانية إلى السوريين المتضررين من الحرب (...) لكننا في كل مرة كنا نتلقى جواباً واحداً من قبل واشنطن وبرلين وباريس ولندن: نحن لا نستطيع ولا يمكننا القيام بذلك".

وادعى المسؤول الروسي أن الدول الغربية، التي استعجلت الآن تباعاً إعلانها تخصيص ملايين اليوروات لمدينة الرقة، ترغب "في إخفاء آثار القصف الوحشي لطيران التحالف الدولي والأميركيين بسرعة، والذي دفن تحت الأنقاض في الرقة آلاف المدنيين المحررين من تنظيم داعش الإرهابي"، وهو ما أثار سخرية سوريين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ إن روسيا نفذت آلاف الغارات على مئات القرى والبلدات والمدن في مناطق سيطرة المعارضة السورية، جنوبي البلاد وفي شمالها الغربي، وقتلت وجرحت آلاف المدنيين السوريين، فضلاً عن تسبب هجماتها بدمار هائل.


وكانت ما تُعرف بـ"قوات سورية الديمقراطية"، المدعومة من التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن ضد "داعش" في سورية والعراق، قد أعلنت رسمياً، قبل يومين، انتهاء معارك الرقة ضد التنظيم المُتطرف، متعهدة بـ "تسليم إدارة مدينة الرقة وريفها إلى مجلس الرقة المدني، ومهام حماية أمن المدينة وريفها لقوى الأمن الداخلي في الرقة (...)، ومستقبل محافظة الرقة سيحدده أهلها ضمن إطار سورية ديمقراطية لا مركزية اتحادية"، على حد تعبير بيانها.

وأعلنت باريس، بالتزامن، عبر وزير خارجيتها، جان إيف لودريان، تخصيصها خمسة عشر مليون يورو لدعم المناطق التي طرد التحالف منها "داعش"، وتبعتها لندن اليوم، بتأكيد وزيرة التنمية الدولية هناك، بريتي باتل، أنها تعتزم تقديم مساعدات بقيمة ثلاثة عشر مليون يورو، قائلة إن "بريطانيا تقدم مساعدة للكثير من السوريين، الذين فقدوا كل ما كان لديهم، بما في ذلك المساعدات الطبية والمياه والبطانيات".

ومن المتوقع، بحسب وكالة "أسوشييتد برس" أن ترسل لندن المساعدات على شكل أجهزة لكشف الألغام، فضلاً عن معدات طبية، واستشارات صحية ونفسية، وتقديم سلال غذائية لآلاف السكان.

وتواردت معلوماتٌ من وسائل إعلام خليجية أن أبو ظبي والرياض تبحثان مع واشنطن ملف إعادة إعمار الرقة؛ في حين كان وزير الدولة السعودي للشؤون الخليجية، ثامر السبهان، قد زار فعلاً محافظة الرقة الاسبوع الماضي برفقة المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي، بريت ماكغورك، والتقى بشخصياتٍ عشائرية ضمن ما يعرف بـ "مجلس الرقة المدني"، الذي شكلته "قوات سورية الديمقراطية".


وبالتزامن مع ذلك، قال ما يعرف بـ"الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي"، هلال الهلال، إن النظام السوري عازمٌ على استعادة مدينة الرقة، وذلك أثناء جولةٍ له، السبت، في مناطق الرصافة وجعيدين وغيرها، والتي سيطر عليها النظام قبل أسابيع جنوبي محافظة الرقة.

وفي السياق نفسه، وصف عضو ما يُسمى "مجلس الشعب" في دمشق، صفوان قربي، إعلان "قوات سورية الديمقراطية" بأنه دعاية إعلامية وسياسية، معتبراً أن المدينة ستعود بـ"التدريج" لنفوذ نظامه.

وقال القربي، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" أمر "مؤقت وعابر لن يطول كثيراً"، رغم كل محاولات تعظيم وجود القبائل العربية ضمن تلك القوات، مشيراً إلى أنه "لا بد من وجود إدارة محلية شعبية بعيدة عن التجاذبات السياسية، ترعى إعادة هذه المحافظة إلى الدولة السورية"؛ ولكنه اعتبر في الوقت ذاته أن "تسليم الرقة لإدارة محلية جزء منه مجرد دعاية او بروبوغندا إعلامية وسياسية، ونوع من استعراض العضلات".

لكن وزير الخارجية الفرنسي ذكر، اليوم، خلال حديثٍ مع صحيفة " لوجورنال دي ديمانش"، أن الرقة يجب ألا تعود لسيطرة نظام الأسد "لأنه تم استرجاعها من قبل قوات معارضة النظام"، مضيفاً أن بلاده فرنسا تقترح، ابتداء من الشهر القادم، إجراء "محادثات جدية بين القوى الكبرى المنخرطة في سورية حول أجندة لفرض الاستقرار في البلد، وصياغة دستور جديد وتهيئة انتخابات حرة. وإذا فشلنا في الأمر ستتعرض سورية للتفكك".

أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فقد أشاد في بيانٍ له اليوم بـ"هزيمة تنظيم داعش في الرقة"، معتبراً أنها "تمثل تقدماً حاسماً في حملتنا العالمية لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وفكره الشرير. بتحرير عاصمة تنظيم الدولة الإسلامية والغالبية العظمى من أراضيه أصبحت نهاية خلافة تنظيم الدولة الإسلامية قريبة".

وأضاف ترامب أن حملة بلاده ضد "داعش" ستدخل قريباً مرحلة جديدة، تقوم فيها واشنطن "بدعم قوات الأمن المحلية، وتنهي تصعيد العنف عبر سورية، وتعزز الظروف الملائمة لإحلال سلام دائم ومن ثم لا يمكن للإرهابيين العودة لتهديد أمننا المشترك مرة أخرى"، متابعاً: "معاً، أي مع حلفائنا وشركائنا، سندعم المفاوضات الدبلوماسية التي تنهي العنف وتسمح للاجئين بالعودة بسلام إلى ديارهم، وتؤدي لتحول سياسي يحترم إرادة الشعب السوري".


المساهمون