ماكرون: لا شيء مهمّاً سوى التشدد مع المهاجرين.. والفرنسيون غير مقتنعين

16 أكتوبر 2017
ماكرون كرر قولته: "أنا أفعل ما أقول" (طوماس لونس/Getty)
+ الخط -
انتظر الفرنسيون، طويلا، "اللقاء الكبير" للرئيس إيمانويل ماكرون مع وسائل الإعلام (القناة الأولى وقناة "إل سي إي")، منذ أن خالف تقليدا دأب عليه رؤساء سابقون، في العيد الوطني 14 يوليو/تموز، فلم يتحدث إلى الفرنسيين، لكنه لم يعلن عن شيء كبير. 

وإن كان ماكرون لم يهجر، قط، وسائل الإعلام، وإنما كان حضوره بطريقة مدروسة ومتحكَّم فيها، أثارت غضب كثير من وسائل الإعلام، التي رأت فيها وسيلة مقنَّعة لِلَجم الصحافة المستقلة والمنتقدة.

وقضى الرئيس الفرنسي أكثر من ساعة، في اللقاء الصحافي، ليكرر فيها قولته: "أنا أفعل ما أقول".

وعلى الرغم من أن انتظارات الفرنسيين كبيرة، إلا أن الرئيس لم يعلن عن شيء كبير، عدا تأكيده أن نتائج سياسته الاقتصادية، التي يطبقها منذ خمسة أشهر، ستظهر نتائجها الإيجابية في عام أو عامين.

ويعلم الرئيس أن الشعب سيحاسبه بخصوص قضية البطالة، التي وعد الفرنسيين بخفض معدلاتها إلى 7 في المائة، كما عاقب ساركوزي وهولاند من قبل، ولهذا أشهر سلاح التكوين والتلقين، الذي سيطلق في ربيع السنة القادمة، في إصلاح كبير، لأن "80 في المائة من الحالات تنتهي بالعثور على شغل".

ورفض ماكرون الصفة الملاصقة له بأنه "رئيس للأثرياء"، وفي الآن نفسه عبّر عن استهجانه لـ"الغيرة" التي يبديها بعضهم تجاه الأثرياء.

وفي لفتة تجاه ناخبيه من اليمين، عبّر عن موقفه من قضايا الأمن في البلد، إذ استحضر الجريمة الإرهابية التي حدثت في محطة سان- شارل في مارسيليا، والتي أدت إلى مصرع فتاتين بسكّين شخص كان قد اعتقل في مدينة ليون أثناء اتهامه بعملية سرقة في متجر، وأطلق سراحه رغم أنه كان في وضعية غير قانونية. 

واعترف ماكرون: "اكتشفتُ مثلكم هذه القضية. كان ثمة تعوُّدٌ على عدم القدرة على ترحيل هؤلاء. هذا الأمر سيتغير". وتوعَّد الرئيس بـ"طرد كل شخص يرتكب جنحة من هؤلاء (الموجودين في وضعية غير قانونية) من فرنسا"، مُشيراً إلى "قانون جديد متشدد متعلق باللجوء والهجرة" سيرى النور في السنة القادمة.

وعاد الرئيس لقضية الكلمات والتصريحات التي صدرت عنه، والتي اعتبرها البعض صادمة، فشدَّد على أنه "يتحمل تبعاتها بشكل كامل"، لأن ما يهمه، وهو الذي "يستيقظ كل صباح مع حب فرنسا"، وقبل كل شيء، هي "النوايا وليست الكلمات في حد ذاتها"، ثم أضاف، كما فعل مساعدوه من قبل، بأن "كلماته أُخرِجَت من سياقها".                

ورأى الرئيس ماكرون أنه أنجز الشيء الكثير في غضون خمسة أشهر فقط، ثم أشار إلى أن مهمته الرئيسة هي "إحداث تحولات في المجتمع الفرنسي"، وهو ما يعني أن الرئيس لا يعير أهمية كبيرة لاستطلاعات الرأي، لأن "قضاء الأيام في النظر إلى مستويات الشعبية سيدفعني إلى إلحاق الفشل بفرنسا، وبالتأكيد سيؤدي إلى فشلي"، وهو هنا يغمز من قناتي نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند.

 

مواقف سياسية واستطلاع الرأي

وكما كان متوقعا، فإن اليسار الفرنسي رأى في هذا اللقاء وهذه الإعلانات تعبيرا عن "الفشل في إعادة التوازن إلى حكومته، التي تميل يميناً ولا تزال، منذ البداية".

وأما اليمين الكلاسيكي، خاصة حزب "الجمهوريون"، الذي يستعد، هذه الأيام، لانتخاب قيادته الجديدة، والتي ستكون محافظة ومتشددة، على الأرجح، فإن قيادات كثيرة من داخله، ومنها فرانسوا كوبي ورافاران ولارشي، وغيرهم، تبتهج علانية لأن "ماكرون وحكومته يقودان سياسة يمينية". 

أما المتشددون، وعلى رأسهم بريس هورتوفو، رجل ساركوزي الأسبق، والمقرب من رولان فوكييز، الأوفر حظا لقيادة الحزب اليميني، فيعلق بسخرية على لقاء الرئيس ماكرون مع الصحافة بالقول: "الرئيس معه حق حين يقول إنه ليس مع اليمين ولا مع اليسار. لأنه مع النخبة".

أمّا الشعب الفرنسي، الذي كان ينتظر هذا اللقاء بين الرئيس والإعلام، فتقول نسبة 61 في المائة منه، حسب آخر استطلاع للرأي، أجراه معهد هاريس أنتر- أكتيف، بعد انتهاء اللقاء، إن "الرئيس لم يكن مُقنعاً"، مقابل 39 في المائة من الذين يرون عكس ذلك.

وتختلف الآراء حسب المواضيع التي يتطرق لها الرئيس، فـ50 في المائة يرون ماكرون مقنعاً في القضايا الدولية، و40 في المائة يرونه مقنعا في السياسة الاقتصادية، بينما يراه 35 في المائة، فقط، مقنعا في السياسة الاجتماعية.

وعلى الرغم من أن الرئيس الفرنسي يصرّح، ليل نهار، بأنه ليس من اليمين ولا من اليسار، إلا أن 56 في المائة من الفرنسيين يرون أن مشروع الحكم هو في آن واحد من اليمين واليسار، في حين أن 38 في المائة يرون أن الرئيس ينفذ سياسة يمينية، بينما يرى 6 في المائة فقط من الفرنسيين أنه يطبق سياسة يسارية.