أجواء حرب في كركوك... وجهود أميركية توقف التصعيد

13 أكتوبر 2017
حشود عسكرية عراقية قرب كركوك (علي مكرّم غريب/الأناضول)
+ الخط -



توتر الوضع، أمس الخميس، في إقليم كردستان العراق، لساعات قبل تهدئة الأمور. وقد أدى ذلك إلى إقدام قوات البشمركة على إغلاق طريقين رئيسين يربطان أربيل ودهوك بالموصل ساعات عدة قبل إعادة فتحهما. أما رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فأكد أن "القوات العراقية لن تخوض حرباً ضد المواطنين الأكراد"، لكن حكومته اشترطت "قبول أربيل بسيادة بغداد على صادرات النفط والمعابر قبل الحوار". كما نوّه المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، إلى أن "تركيا ستغلق المعابر الحدودية تدريجياً مع شمالي العراق بالتنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد ومع طهران، وذلك قبل زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إلى بغداد، يوم الأحد المقبل.

على صعيد قطع الطرقات، فقد أوضح مسؤول في إقليم كردستان لوكالة "فرانس برس"، أنه "تمّ إغلاق الطريق خشية من احتمال حصول هجوم للقوات العراقية على المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل قبل إعادة فتحهما". وأكد مسؤولون عراقيون في بغداد أن جهود تهدئة كبيرة بذلتها واشنطن بين الجانبين، أسفرت عن وقف التصعيد في المواقف بين بغداد وأربيل، والاتفاق على إبقاء القوات العراقية والبشمركة في مواقعها من دون تغيير أو إرسال تحشيدات إضافية من كلا الطرفين.

من جهته، نوّه مجلس أمن إقليم كردستان في بيان له، إلى أنه "تلقى مؤشرات خطيرة تفيد أن القوات العراقية والفصائل القريبة من إيران، تعدّ لشن هجوم واسع على الإقليم، انطلاقاً من مناطق واقعة قرب كركوك والموصل". مع العلم أن القوات العراقية تتمركز في مناطق جنوب غربي كركوك، بعدما تمكنت من تحرير مدينة الحويجة بالكامل، وهي منطقة تتبع محافظة كركوك إدارياً. كما تتمركز قوات أخرى في شمال الموصل وشرقها لا سيما في سهل نينوى.

من جانبه قال القيادي بالتحالف الوطني الحاكم، جاسم محمد جعفر، إن "قوات كثيرة وصلت من جانب أربيل إلى المناطق المتنازع عليها، وبالمقابل فإن القوات العراقية جاهزة وبأعداد كبيرة وهذا سبّب هلعاً وخوفاً لدى سكان كركوك وقسم منهم غادر المدينة باتجاه أربيل تحسباً".

وأضاف أن "كلام رئيس الوزراء، حيدر العبادي، الثلاثاء الماضي، عندما تمنى من الإخوة الأكراد إفساح المجال لتصل القوات العراقية واضح، ولدينا الآن آلية لدخول كركوك وإمساكها أمنياً. ولا أتمنى أي مواجهة داخل المدينة، لأن المدنيين هم المتضرر الأكبر، لكن من حق بغداد أن تبسط سيادتها على أي مدينة، وليس من حق أربيل إيقافها أو عرقلتها".



وحول الموقف الأميركي قال "الأميركيون مع بسط بغداد سيطرتها على المناطق المتنازع عليها، خصوصاً كركوك، لكنهم يرفضون أي مواجهات مسلحة، وكلنا نتمنى ذلك لكن مسألة إصرار بغداد على فرض سلطتها على تلك المناطق محسوم ولا رجعة فيه ومجرد مسألة وقت". وحول الحوار وما نتج عنه قال "عليهم إلغاء الاستفتاء والمجيء للحوار ضمن الدستور الذي وافقوا عليه وباركوه من البداية، وغير ذلك لا مجال لأي حوار مع القيادة في أربيل".

بدوره، أكد العبادي أن "القوات العراقية لن تخوض حرباً ضد المواطنين الأكراد"، موضحاً أن "حكومته ملزمة بالحفاظ على تطبيق الدستور ووحدة البلاد وحماية المواطنين والثروة الوطنية". ونقل بيان صادر عن العبادي قوله إنه "لن نستخدم جيشنا ضد شعبنا، ولن نسمح بالعودة إلى المربع الأول وإعادة الخطاب الطائفي والتقسيمي".

وبحسب مسؤول عراقي رفيع فإن "العبادي تلقى مكالمات من مسؤولين أميركيين حيال التصعيد الأخير، أعربوا فيها عن تأييدهم موقف بغداد في رفض الاستفتاء، لكنهم أكدوا تحفظهم على العقوبات الأخيرة التي اتخذتها ضد الإقليم. كما أكدوا رفضهم حلّ الأزمة عسكرياً، لفرض بغداد سيطرتها على المناطق المتنازع عليها".

وقال وزير عراقي بارز ببغداد لـ"العربي الجديد" إن "الأميركيين تعهدوا لرئيس الوزراء بالعمل على دفع (رئيس الإقليم مسعود) البارزاني للقبول بالحوار ضمن الدستور وحل الملفات على شكل مراحل عدة خلال هذه الفترة". وبيّن أن "مبادرة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، التي كان مقرراً طرحها هذا الأسبوع، تم تأجيلها بسبب التصعيد الأخير بين الجانبين وتراجع البارزاني عن مناقشة تجميد الاستفتاء مؤقتاً إلى رفضه القاطع المساس به". وأكد أن "وصول الوفد العسكري الأميركي إلى بغداد (أمس) لا علاقة له بالتوتر الحالي، لكن هناك طيراناً كثيفاً للتحالف الدولي في مناطق تماس القوات الاتحادية وقوات البشمركة تحديداً ضمن محور كركوك".

وحول سحب مليشيات "الحشد الشعبي"، قال الوزير "يجب إعادة تنظيم الحشد الشعبي لا سحبهم، وتم وضع القوات النظامية في الخطوط الأمامية من محور الرياض والحويجة في كركوك، تجنباً لأي استفزاز لها من البشمركة قد يؤدي إلى صدام بينهم".



ووصل وفد عسكري أميركي رفيع إلى بغداد، صباح أمس، وعقد اجتماعات ولقاءات مغلقة مع عدد من القيادات العسكرية العراقية، بحسب العميد أحمد كاظم الكناني من قيادة العمليات المشتركة العراقية، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أن "الزيارة جاءت لمناقشة ملف إغلاق حدودنا مع سورية وتحرير القائم وراوة".

أما القيادي في التحالف الكردستاني، فرهاد كريم، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "الجميع عاد إلى نقطة الصفر، وبات الحديث ليس عن حوار بل، هل سيكون هناك صدام مسلح؟". وتابع "مع الأسف وصلنا لهذه الحالة بسبب تعنت بغداد بالدرجة الأولى وتصعيد إجراءاتها ضد الإقليم، ونأمل ألا نصل لمستوى الصدام المسلح والجهود الأميركية والفرنسية والأممية كبيرة في منع أي تدهور بالأزمة"، متهماً أحزاب مقربة من إيران بدفع العبادي إلى التصعيد تماشياً مع الموقف الإيراني الحالي".

من جانبه، كشف قائد قوات البشمركة في كركوك، كمال كركوكلي، أن "القوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي حشدت قوات كبيرة بمحيط كركوك"، لافتاً إلى أن "البشمركة سترد بقوة على أي هجوم من أي طرف". وأضاف في حديثٍ لتلفزيون "كردستان 24، الناطق باللغة الكردية، أن "تمركز قوات البشمركة في هذه المناطق بهدف قتال تنظيم داعش لا لقتال القوات العراقية، لكن البشمركة ستدافع أيضاً عن هذه المناطق في حال هاجمها أي طرف آخر".

وأكد كركوكلي أن "حركة مقاتلات التحالف الدولي زادت في المنطقة، منذ يوم الأربعاء، وقد حذّر التحالف الدولي بغداد على أعلى المستويات لديهم، خصوصاً الحشد، بعدم القيام بأي خطأ من شأنه توجيه المنطقة نحو عواقب لا تحمد عقباها".