أقام المحامي المصري خالد علي، بصفته أحد المواطنين الراغبين في التظاهر احتجاجاً على إقرار اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، لوقف تنفيذ وإلغاء قرار حظر التظاهر في محيط البرلمان، والمقار الحكومية.
وأوصى قرار مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة رقم 37، لسنة 2017 بحظر التظاهر في محيط 800 متر من جميع الاتجاهات المحيطة بالمقار الرئاسية، والمجالس النيابية، ومقار المنظمات الدولية، والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، والمنشآت الحكومية والعسكرية والأمنية والرقابية، ومقار المحاكم والنيابات والمستشفيات والمطارات والمنشآت البترولية والمؤسسات التعليمية والمتاحف والأماكن الأثرية، وغيرها من المواقع الحيوية، والمرافق العامة فى نطاق محافظة القاهرة.
وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت القرار، الخميس الماضي، بعد حصولها على حكم من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بنقل مظاهرة لتأييد مصرية جزيرتي تيران وصنافير؛ كان من المزمع تنظيمها، اليوم السبت، أمام مجلسي الوزراء والنواب وسط القاهرة، إلى ضاحية مصر القديمة وتحديداً في حديقة الفسطاط، البعيدة عن الأماكن الحكومية الحيوية.
في المقابل، اعتبرت دعوى المحامي علي، أنّ التظاهر بعيداً عن المقارّ المحدّدة في قرار الوزارة بمسافة 800 متر من جميع الجهات، يجعلها "مسافات تعجيزية" وفي مضمونها تصادر الحق في التجمع السلمي أو التظاهر أمام هذه الجهات.
كما اعتبرت الدعوى أنّ المسافة المحددة من قبل الوزارة، "تتضمن غلواً بيناً وعمدياً في التقدير حيث استغل مصدر القرار ما منحه النص التشريعي من رخصة تحديد الحرم الآمن بالتنسيق مع المحافظ ليضع هذا القيد الذي يناهض الضمانات الدستورية، ويخالف مقاصد التشريع"، بحسب الدعوى.
وأوضحت الدعوى أنّه على الرغم من صدور دستور 2014 ناصّاً على كفالة حق المواطنين في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، بشرط عدم حمل السلاح، إلاّ أنّ السلطة التنفيذية عمدت إلى تفريغ هذا النص من مضمونه، وتمكين الداخلية دون سند من الدستور، من تحويل الإخطار إلى ما يشبه الترخيص والإذن.
كذلك لفتت الدعوى إلى أنّ تفريغ النص من مضمونه، أتاح لوزارة الداخلية إلغاء التظاهرة المخطر عنها أو تغيير مكانها أو خط سيرها أو موعدها، بزعم توافر معلومات لديها بأخطار تهدد الأمن العام من تلك التظاهرة، حتى صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة 10 من قانون التظاهر التي كانت تمنح وزارة الداخلية سلطة إلغاء المظاهرة، وأكد الحكم وجوب لجوء الوزارة للقضاء أولاً، للبت في ذلك.
وذكرت الدعوى أنّ قرار وزارة الداخلية، يزعم تنفيذ المادة 14 من قانون التظاهر التي أحالت لوزير الداخلية بقرار منه بالتنسيق مع المحافظ المختص تحديد حرم آمن أمام المواقع الهامة مثل المقار الرئاسية، والمجالس النيابية، وغيرها من المواقع الحيوية والمرافق العامة.
وبدلاً من صدور قرار يوازن بين كفالة حق التظاهر أمام هذه الأماكن وبين إجراءات تأمينها، بحسب الدعوى، صدر القرار الطعين بشأن محافظة القاهرة متضمّناً حرماً بمسافة "غير معقولة وتحول دون تمكين الطاعن أو المواطنين من التظاهر أمام هذه الأماكن، بزعم حمايتها وتأمينها ومنحها حرماً آمناً".
ولفتت الدعوى، إلى أنّ "التظاهر مثلاً في محيط وزارة الخارجية، وفقاً لهذا القرار، يكون من جهة الشمال بمنتصف منطقة الزمالك، ومن جهة الجنوب يكون عند تقاطع شارع 26 يوليو مع شارع الجلاء، وبمنطقة الشرق يكون بكورنيش النيل أمام ميدان عبد المنعم رياض، ومن جهة الغرب يكون أمام الهيئة العامة للكتاب بمنطقة بولاق أبو العلا بكورنيش النيل".
واعتبرت أنّ "هذا المثال يمكن تعميمه على جميع المنشآت، مما يوضح إخراج المتظاهرين تماماً من حرم الجهات التي ينوون إيصال رسالتهم لها، مما يؤدي فعلياً إلى مصادرة الحق في التظاهر أمام هذه الجهات، وهو ما يعكس ليس فقط أنّ مصدر القرار يحمل فهماً خاطئاً للنص التشريعي، لكنه قصد وعمد هذه المسافة لوضع قيود على الحق في التظاهر، وتفريغه من مضمونه، والوصل لحد مصادرته أمام هذه الجهات، بزعم تنظيم الحرم الآمن بشأنها".
واستشهد علي في دعواه بعدد من الأحكام الصادرة في قضايا خاصة بالتظاهر من المحكمة الأوروبية، والمحاكم الألمانية والفرنسية، وجميعها تتفق على أنّ حق التظاهر مقدّم على حقوق أخرى لارتباطه بالنظام العام للدولة، ولكونه "حقاً حيوياً" يدعم النظام الديمقراطي، ويجب بالتالي تسهيل الطريق أمام منظمي المظاهرات، لإيصال رسائلهم للمسؤولين.