المغرب: سيناريوهات مختلفة لحكومة ما بعد الانتخابات

27 اغسطس 2016
تختلف توقعات المغاربة للحكومة المقبلة (فيليب ديماز/فرانس برس)
+ الخط -


يتطلع ملايين المغاربة إلى الانتخابات التشريعية في السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والتي من المرتقب أن تفرز نتائجها تشكيلة حكومية جديدة تخلف الحكومة الحالية التي يقودها حزب "العدالة والتنمية"، لتُعد بذلك ثاني انتخابات برلمانية في عهد ما اصطلح على تسميته دستور "الربيع العربي" في المغرب. ورأى مراقبون أن من "حسنات" الحكومة الحالية التي يرأسها عبد الإله بنكيران، أنها أعادت للشأن السياسي ألقه ومعناه لدى قطاع كبير من المواطنين المغاربة، وصار للمواطن رأيه وصوته الذي يوصله لصنّاع القرار بطرق شتى، بعد أن كان في ما قبل يعزف عن متابعة الأحداث والأخبار السياسية، وحتى عن التصويت في الانتخابات.
وتتوزع آراء مواطنين مغاربة التقتهم "العربي الجديد" حيال الحكومة الجديدة المنتظرة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بين من يتوقعون عودة حزب "العدالة والتنمية" لرئاسة الحكومة لولاية ثانية، وبين من يرون غريمه حزب "الأصالة والمعاصرة" الأقدر على الفوز بالانتخابات، بينما هناك من يحبك سيناريو "حكومة ائتلاف" تجمع بين الحزبين اللدودين.
وفي هذا السياق، رأى الناشط الحزبي محمد ضافر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "العدالة والتنمية" قادر على الفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة، ومن ثم الحفاظ على رئاسته للحكومة من جديد، معتبراً أنه "حزب لم تمسسه يد الفساد، وظل قياديوه بعيدين عن الشبهات، وشعبيته في ازدياد". ولفت إلى أن الحزب سيعود إلى ترؤس الحكومة بتأييد من المواطنين، خصوصاً الطبقات الفقيرة وذات المداخيل المحدودة، لأنه كان وراء دفع الحكومة لاتخاذ قرارات هامة لصالح الأرامل والمطلقات من خلال صندوق التكافل الاجتماعي، ووراء تخفيض أسعار العديد من الأدوية المكلفة، وإصلاح أنظمة التقاعد، وصندوق المقاصة.
وبحسب ضافر وأنصار هذا السيناريو، فإن "العدالة والتنمية" يُعدّ الأقرب لقطف ثمار عمله داخل الحكومة التي تضم أربعة أحزاب، واستطاع أن يقودها طيلة خمس سنوات بشكل واقعي تجاوز خلالها عدداً من العراقيل المفتعلة أحياناً، كانسحاب حزب "الاستقلال" من النسخة الأولى للحكومة، ليعوضه حزب "التجمع الوطني للأحرار".


من جهته، أضاف سعيد فلوحي، الموظف في القطاع الخاص، في تصريح لـ"العربي الجديد"، عاملاً آخر رآه حاسما لتبوّء "العدالة والتنمية" صدارة الانتخابات المقبلة، حدده في "نظافة يد" وزراء الحكومة الحالية، لا سيما وزراء الحزب الحاكم، إذ لم تثر ضدهم أية شبهات حتى اليوم، بخلاف شبهات فساد تحوم حول شخصيات أخرى من خارج الحكومة، وفق قوله.
نظافة اليد ليست معياراً وعاملاً حاسماً للفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة، وفق المواطن مصطفى إينوا، موضحاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المواطن المغربي ليس بحاجة لمن له يد نظيفة ويغرق البلاد والعباد في ديون هائلة، ولا كفاءات ولا طاقات له، وليس في رأسماله سوى الشعارات الطنانة بمحاربة الفساد"، في إشارة لحزب "العدالة والتنمية". وسأل إينوا: "كيف لحزب العدالة والتنمية أن يفوز بالانتخابات بعدما فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه المحددة في برنامجه الحكومي الذي قدّمه أمام ملايين المغاربة، فقد وعد بنسبة تنمية تصل إلى سبعة في المائة ولم يحقق ذلك، ووعد بتشغيل الشباب لكن رئيس الحكومة أقر بإخفاقه في هذا الملف".
أما الناشط النقابي السابق فؤاد القروي، فتوقع في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تكون الحكومة المقبلة "من نصيب حزب لم تطأ رجلاه بعد الحكومة، وهو حزب الأصالة والمعاصرة"، معتبراً أن "المغاربة جرّبوا "العدالة والتنمية"، ولمسوا أن شكواه المتكررة مما سمّاه "التحكم" و"الدولة العميقة" ليس سوى واجهة يخفي خلفها حصيلته المخيبة".
وبين من يتوقع فوز "العدالة والتنمية" في الانتخابات التشريعية المقبلة، ومن يؤيد سيناريو تصدّر "الأصالة والمعاصرة" نتائج الاستحقاق المقبل، بدأت أصوات تتحدث عن إمكانية حصول ائتلاف بين الحزبين الغريمين، ليترأس أحدهما الحكومة، ويشارك الآخر في السلطة التنفيذية.
وعلى الرغم من استبعاد الكثيرين لإمكانية التحالف بين الحزبين، بالنظر إلى تصريحات سابقة لقادتهما شددت على أن تحالفهما بعد الانتخابات "خط أحمر"، فإن هناك توقعات طفقت تتحدث عن "سيناريو ثالث" يمكن تحققه في خضم "الثنائية القطبية" التي باتت تسِمُ المشهد السياسي والحزبي المغربي، بين حزبي "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة". ويتمثل السيناريو الثالث، بحسب المنظّرين لهذا التوجّه، في أن يتصدر "العدالة والتنمية" الانتخابات المقبلة، ولا يجد حليفاً له لتشكيل أغلبية مريحة في البرلمان إلا بمد اليد إلى "الأصالة والمعاصرة"، أو أن يحتل هذا الأخير الصدارة ويتحالف مع "العدالة والتنمية".


المساهمون