هكذا عادت تركيا من عدوّ لصديق في الإعلام الروسي

05 يوليو 2016
من اللقاء الأول للافروف وجاووش أوغلو بعد "المصالحة"(فاتح أكتاش/الأناضول)
+ الخط -
"تغيير الموقف حيال بلد كامل مرهون باتصال هاتفي واحد لفلاديمير بوتين"، بهذه العبارات يلخّص أحد الصحافيين الليبراليين الروس في مقال بموقع "سلون رو"، الانفراج السريع في العلاقات بين روسيا وتركيا.

بعد سبعة أشهر من خطاب الكراهية تجاه أنقرة، تعود تركيا بين ليلة وضحاها بلداً صديقاً وشريكاً لروسيا عقب اعتذار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن حادثة إسقاط الطائرة الروسية "سوخوي-24" في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

ولم يمنع وصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، القيادات التركية بأنهم "أعوان الإرهابيين" قبل أشهر، وزير خارجيته، سيرغي لافروف، من الإدلاء بتصريحات مفادها أنه ليست هناك خلافات بين البلدين حول من يجب اعتباره إرهابيين في سورية، وذلك بعد لقائه مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، في منتجع سوتشي جنوب روسيا، الأسبوع الماضي.

أما المفارقة الأكبر، فتتمثل في الإعلان عن عودة السياحة الروسية إلى المنتجعات التركية بالتزامن مع الهجوم الإرهابي على مطار إسطنبول. إلا أن تصريحاً صدر أخيراً للسكرتير الصحافي للرئيس الروسي، دميتري بيسكوف، يؤكد أن خطر الإرهاب لا يقتصر على تركيا، بل "يلاحقنا جميعاً في العديد من البلدان".

ويقدّم الخطاب الرسمي الروسي تطبيع العلاقات مع تركيا كانتصار جيوسياسي آخر، ناتج عن تبني موقف حازم وعن الإصرار على تقديم الاعتذار حتى تسود العدالة في نهاية المطاف، ويشدد الموقف الروسي على أن تركيا استوفت شروط روسيا لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.

ويقول أحد الإعلاميين الموالين للكرملين في أثناء تقديمه برنامجه الأسبوعي بالتلفزيون الروسي مساء أول من أمس، الأحد، إن "الوضع الذي أوصل إليه (أردوغان) بلاده، لم يترك له سوى مجال ضيق من الحرية". وتجدر الإشارة إلى أن التقارير الإعلامية التي كانت تعرض خلال نفس البرنامج التلفزيوني الروسي في عام 2014، كانت تشيد بانتهاج أنقرة سياسة مستقلة في ظل اتفاقها مع روسيا على تحقيق مشروع "السيل التركي" لنقل الغاز، وقرار أردوغان "التوجه شرقاً" ورفضه "خوض حرب العقوبات" مع موسكو.

إلا أنه بعد حادثة إسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل سلاح الجو التركي، تحولت تركيا إلى العدو الأول في الخطاب الرسمي والإعلامي الروسي. ولم تتردد وزارة الدفاع الروسية آنذاك في تقديم ما أسمته "أدلة" على قيام تركيا بشراء النفط من المسلحين في سورية، وذلك من خلال بث مقاطع فيديو، تقول إنها تظهر تدفقاً من الصهاريج والشاحنات على الحدود السورية التركية.

وتتهم الوزارة أردوغان وعائلته بالتورط في منظومة إمدادات النفط من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية والعراق، ولم تتردد وسائل إعلام روسية في بث صور تظهر نجل الرئيس التركي، بلال أردوغان، مجتمعاً مع رجال ملتحين، تزعم أنهم قياديون في "داعش".

وكان بوتين قد أعلن، في تصريحات شديدة اللهجة خلال إلقائه رسالته السنوية أمام الجمعية الفيدرالية الروسية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن تركيا ستندم على إسقاط القاذفة الروسية، وأن رد موسكو لن يقتصر على "حظر استيراد الطماطم وبعض الإجراءات الاقتصادية".

بيد أن اللهجة العدائية تجاه تركيا بدأت في التراجع خلال الأشهر الماضية، وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في روسيا في سبتمبر/أيلول المقبل، وما يترتب عليه من عودة ملفات السياسة الداخلية والقضايا الاجتماعية والاقتصادية إلى مقدمة المشهد السياسي.
المساهمون