بلديات لبنان: مواجهة بين لائحة السلطة و"بيروت مدينتي"

09 مايو 2016
النتائج النهائية لم تتضح معالمها بعد (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
المعركة الانتخابية البلدية في بيروت، بين "لائحة البيارتة" المدعومة من كل مكوّنات السلطة ولائحة "بيروت مدينتي" المدعومة من ناشطين مدنيين وآخرين يساريين، لم تنته بالسهولة المتوقعة. حتى الساعة الواحدة من فجر الإثنين، لم تكن الانتخابات البلدية في العاصمة قد وضحت معالمها بشكل نهائي.

وبعد قرابة خمس ساعات على بدء عملية فرز الأصوات، لم تكن نسبة أقلام الاقتراع التي تم فرزها قد تجاوزت الأربعين في المئة من مجمل الأقلام في بيروت. ويعزو متابعون التأخير الحاصل لمجموعة من العوامل الانتخابية منها وجود حالات واسعة من التشطيب في اللوائح، أو حتى عوامل تقنية كغياب أجهزة عرض اللوائح على الشاشات داخل كل قلم ما اضطّر المسؤولين عن الفرز إلى اطلاع مندوبي كل لائحة على كل ورق يتمّ الإعلان عنها من صندوقة الاقتراع.

لكن المستغرب في الأمر، غياب الأرقام الأولية حتى من جهة الماكينة الانتخابية لتيار المستقبل. فعادة ما تبدأ الماكينات الانتخابية للأحزاب بإصدار الأرقام الأولية الصادرة عن عملية الفرز بعد انتهاء كل مركز اقتراع، في إطار وضع مناصريها في أجواء سير العملية الانتخابية. وذلك لم يحصل أيضاً في بيروت أمس، ما يشير إلى إمكانية وجود عدم رضى لدى المستقبل عن النتائج الانتخابية ولو أنّ فوز "لائحة البيارتة"، بدا شبه محسوم حتى قبل انطلاق المعركة الانتخابية بفعل الإجماع السياسي بين قوى 8 آذار و14 آذار. فقد تكون الأرقام التي حقّقتها "بيروت مدينتي" محرجة قليلاً لتحالف السلطة.

وعلى الرغم من ذلك، أكد قياديون في تيار المستقبل خلال عملية الفرز على تقدّم لائحتهم بفارق كبير عن المنافسين، وهو ما دفع أيضاً زعيم المستقبل، رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، إلى استقبال وفود شعبية في منزله في وسط بيروت. وأكدت مصادر في ماكينة المستقبل لـ"العربي الجديد"، وجود فارق يتراوح بين 20 ألف صوت و30 ألف صوت مع "بيروت مدينتي"، ليشددوا على الأريحية التي يشعر بها المستقبليون في هذه المعركة.

لكن في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أنّ وجود فارق مماثل يعني في الوقت نفسه أنّ اللائحة المنافسة حققت في المقابل رقماً عالياً نسبياً، خصوصاً أنها غير مدعومة سياسياً أو طائفياً أو مالياً من أي جهة. وهو ما يعني أنّ "بيروت مدينتي" قد تمكّنت من تحقيق مكسب سياسي على الأحزاب انطلاقاً من صناديق الاقتراع. مع العلم أنّ ما يقارب 85 ألف مقترع شاركوا في الانتخابات البلدية في بيروت، أي ما يساوي تقريباً عشرين في المئة من عدد الناخبين.

وفي حال اعتماد فارق 30 ألف صوت بين اللائحتين، فذلك يعني أنّ اللائحة المدنية تكون قد نالت ما يقارب 20 أو 30 في المئة من مجمل هذه الأصوات، وهو إنجاز بحدّ ذاته لكون لائحة السلطة استفادت من كل المقدّرات الانتخابية اللازمة من دعم مالي وسياسي وطائفي، إضافة إلى استعادة مثلاً تيار المستقبل لاسم رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، الذي اغتيل في بيروت في فبراير/شباط 2005، وأصبح رمزاً وطنياً وسنياً قادراً على استقطاب الناس واستعطافهم وتجييشهم.

وبعيداً عن الأرقام التي لا تزال جميعها غير رسمية، لا بد من الإشارة إلى أنّ الماكينة الانتخابية لـ"بيروت مدينتي"، التي افتقدت في كثير من مراكز الاقتراع للمندوبين والمراقبين، سجّلت الكثير من التجاوزات خلال العملية الانتخابية وعملية الفرز التي تلتها، كان أبرزها نقل صناديق الاقتراع بسيارات مدنية ومشاركة عناصر من قوى الأمني بعمليات الفرز، بالإضافة إلى طرد مندوبين جوالين للائحة من مراكز الفرز.

وأشار رئيس اللائحة، إبراهيم منيمنة، إلى أنّ توثيق هذه المحالفات مستمر محملاً وزارة الداخلية مسؤولية "الأعمال المشبوهة ومحاولات وتبعات التقارير عن عدد المخالفات الفاضحة والتزوير". وعلى الرغم من كل ذلك، استمرّت آمال بعض المسؤولين في اللائحة تحقيق خرق انتخابي لـ"لائحة البيارتة". وتشير كل هذه الوقائع إلى أنّ المعركة بين تحالف قوى السلطة و"بيروت مدينتي" لم تكن سهلة، ولا تزال غير محسومة فعلياً بانتظار صدور الأرقام الرسمية والنهائية عن وزارة الداخلية. 
 
انتخابات زحلة

التخبّط الانتخابي مع انطلاق عملية الفرز حصل أيضاً في الانتخابات البلدية في مدينة زحلة، حيث تتصارع ثلاث لوائح مكتملة، الأولى مدعومة من النائب نقولا فتوش والثانية من أرملة النائب الراحل إيلي سكاف والثالثة من تحالف القوى المسيحية، أي تحالف التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب. وبينما كان الفرز مستمراً في المدينة، تضاربت أرقام الماكينات الانتخابية للوائح الثلاث بشكل كامل. فأشار كل منها إلى تقدّمها على اللائحتين الأخريين، الأمر الذي ترك أهالي زحلة في حيرة من أمرهم بانتظار صدور الأرقام الرسمية. لتكون معركة زحلة الانتخابية، معركة فعليةً بين كلّ المكوّنات السياسية والعائلية في المدينة.