النرويج تترحّم على الديكتاتوريات العربية: تملك حلولاً لأزمة اللاجئين

05 مارس 2016
أكثر من نصف مليون لاجئ في أوروبا(Getty)
+ الخط -
نشرت صحيفة "في غي" الإلكترونية باللغة النرويجية، وثيقة سريّة مُسربة عن الخارجية النرويجية في أوسلو، يشرح معدّوها في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي مخاطر اللجوء على أوروبا؛ مع إشارة الوثيقة إلى أن "تدفق اللاجئين كان خف لو بقيت الديكتاتوريات حاكمة ومسيطرة في الشرق الأوسط"، في تبنٍّ رسمي غربي لما يعتبره كثيرون رواية مصدرها القيمون على "الثورات المضادة" في العالم العربي، مفادها أن مشكلة الإرهاب عموماً، واللاجئين أيضاً، لا تكمن في الأنظمة العربية التي كانت حاكمة قبل العام 2011، بل في موجة الثورات العربية وتوق المتظاهرين لإحلال الديمقراطية والحرية.

واللافت أيضاً في الوثيقة، التي اطلع عليها "العربي الجديد"، أن تدفق اللاجئين يجري تحميله مسؤولية "نشوء فرز سياسي وتقوية القوى المتطرفة، وعودة الصراعات والنزاعات بين دول الشمال وشرق وغرب أوروبا في الاتحاد، وتقوية القوى القومية المتشددة ضد الاتحاد في مؤسسات دول مهمة بشرق أوروبا، وانهيارات في العقد الاجتماعي بين الدول وشعوبها".

اقرأ أيضاً: نيويورك تايمز: أزمة اللاجئين امتحان "صعب" للضمير الأوروبي

وزعمت الوثيقة أنه يوجد في أوروبا أكثر من نصف مليون مهاجر لم يجر تسجيلهم، وهؤلاء يشكلون خطراً كبيراً على الأمن الأوروبي، ومن المحتمل أن يقوموا بعمليات "إرهابية"، بحسب الوثيقة، التي حملت تعابير تدل على القلق الكبير من بقاء المهاجرين واللاجئين، "حتى لو عمّ السلام في سورية"، مع رسم صورة سوداوية لمستقبل السويد وألمانيا، وخلط للتوترات بين روسيا وتركيا وتأثير الصراع في سورية على أوروبا.

سياسياً، تحوي الوثيقة على 10 صفحات، أبرزها الصفحة الثامنة التي تتضمن خلاصات تتبنّى بالتحديد رؤية أنصار اليمين الأوروبي المتطرف، المتفقة بالكامل مع أدبيات ما يمكن تسميته رموز "الثورات المضادة" في العالم العربي وإسرائيل.
خلاصات تقول صراحةً إن "تدفق اللاجئين كان ليخفّ لو بقيت الديكتاتوريات حاكمة ومسيطرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، في تبنٍّ صريح لأسطورة أن "الديكتاتوريات شكّلت نوعاً من الاستقرار".

وذكرت الوثيقة السريّة أن "ثمانياً من الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليست اليوم دولا فاعلة، ومن المهم بالنسبة لأوروبا في قضية اللجوء والهجرة، أن نتجنب تحول المزيد من الدول في المنطقة نحو الفشل. فأنظمة حسني مبارك ومعمر القذافي وزين العابدين بن علي، كانت مسيطرة وتشكل نوعاً من الاستقرار في شمال أفريقيا وبما يرتبط في قضايا الهجرة"حسب الوثيقة.

ولا يتوقف الأمر عند الإشادة بدور الأنظمة الديكتاتورية، بل تقترح الوثيقة، بكل وضوح، تعاوناً أمنياً بين أوروبا ودول ديكتاتورية "من أجل الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي في السنوات المقبلة"، مضيفةً أنه "على أوروبا في السنوات المقبلة التعاون مع السودان وإرتيريا وأنظمة أخرى لتحسين حقوق الإنسان والحد من النزاعات المسلحة والحفاظ على الاستقرار والسيطرة على أراضي الدول، فالاستقرار مهم جداً".

وإلى جانب المواقف التي حملتها الوثيقة، فإن ما يميزها هو أنّها صادرة عن النرويج، التي تعتبر جزءا من إسكندنافيا، التي ينظر إليها كأم الديمقراطيات واحترام حقوق الإنسان، إلا أن الوثيقة المذكورة الصادرة عن وزارة الخارجية، توحي وكأن هذه الدولة أضحت ترى أن الديكتاتوريات هي ما تستحقه الشعوب غير الأوروبية، أو على الأقل التي تعيش في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط. كلام لا يزال يتردد على ألسنة مسؤولين غربيين رفيعي المستوى، من أمثال مقرّر الشؤون الخارجية في حزب الشعب الدنماركي، سورن اسبرسن، صاحب القول الشهير بأنه "كان يجب الحفاظ على الأنظمة التي خلعتها شعوبها، ويجب مساعدة الأسد على البقاء".


اقرأ أيضاً: اللاجئون في المجر... ضحايا حسابات اليمين المتطرّف

دلالات