بسبب رئيسة الحقيقة والكرامة: النداء والنهضة يخرقان قاعدة التوافق

06 ديسمبر 2016
النهضة والنداء يختلفان للمرة الأولى (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -
لأول مرة منذ دورتين نيابيتين، سجل اختلاف جذري بين كتلتي الحزبين عرابي التوافق، النهضة والنداء، وجاء التصويت مترجماً للمفارقة العميقة في تقييم مسار العدالة الانتقالية بينهما.

فقد شهدت جلسة الأمس المخصصة لمناقشة ميزانية هيئة الحقيقة والكرامة تجاذبات ومشادات، مردها تغيب رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، ترجمه نواب النداء بالتحقير من دور البرلمان، فيما اعتبرته "النهضة" مسألة جزئية يصب التركيز عليها في خانة ضرب مسار العدالة الانتقالية وتصفية الحسابات مع الرئيسة.

وحسم مقترح إرجاء النظر في ميزانية هيئة الحقيقة والكرامة بالتصويت، وتمكن النداء والحرة والجبهة وآفاق والوطني الحر من تأجيل الجلسة بـ 90 صوتاً موافقاً، و55 رافضاً، ودون تحفظ. ويعد هذا التصويت من الحالات النادرة التي يخالف فيها النداء قاعدة التوافق والتنسيق البرلماني مع النهضة، ويذهب أكثر من ذلك للتنسيق مع "الحرة" والوطني الحر وآفاق والجبهة ضدها.

وفسر رئيس كتلة النداء، سفيان طوبال، في حديث لـ"العربي الجديد" موقف كتلته المطالبة بحضور الرئيسة أو نائبها، على عكس موقف النهضة، أن احترام المؤسسات والسلطة التشريعية يقتضي ذلك، وأن النداء لا يعارض مسار العدالة الانتقالية الذي لا يجب أن يكون ذريعة للتهرب من المساءلة. علاوة على أن الجلسة تمثل الفرصة الوحيدة للنواب لمحاورتها، خصوصاً وأن الهيئة تعيش أزمة داخلية يتفق كثر على أنها المسؤولة عنها.

في المقابل، اعتبر نواب حزب النهضة والكتلة الديمقراطية، الذين صوتوا لصالح عدم تأجيل الجلسة، أن ما حدث كان استهدافاً لرئيسة الهيئة وخنجراً في خاصرة العدالة الانتقالية، المراد به الإطاحة بكامل المسار لا الحرص على مصلحة الهيئة.

وبين رئيس كتلة النهضة، نور الدين البحيري، في مداخلته، أن رفض التأجيل يتعلق بسببين، أولهما إرباك رزنامة عمل البرلمان وربط مصير البلاد بمسألة جزئية.

وعبر النائب عن حزب النهضة، حسين الجزيري، في ذات الصدد، عن امتعاضه من اللجوء للتصويت لحسم الموقف، معيباً على نظرائه من النداء التصعيد في الموقف.

ولا تخفي النهضة البتة أن ملف العدالة الانتقالية كان وما زال يمثل موضوعاً خلافياً بين الحزبين، وأن الرؤى فيه على طرفي نقيض، وأن الأمر لا ينقص من "التوافق" شيئاً.

وظهر الاختلاف جلياً، لا من خلال التصويت فقط، وإنما من خلال المشادات الكلامية والخلافات الحادة إثر الجلسة بين نواب الحزبين.

ويرى مراقبون أن الجلسة أبرزت نقطتين مهمتين، تتمثل الأولى في الشذوذ عن قاعدة التوافق، وهو أمر منطقي في ملفات مفصلية لدى أحدهما، خاصة وأن ملف العدالة الانتقالية يمثل التزاماً هاماً لقيادات النهضة تجاه أنصارها وقواعدها، وأن التوافق لا يعني الانصهار وتبني جميع الرؤى.

بالإضافة إلى نقطة ثانية تمثلت في غياب منطق التعاطي مع المؤسسات لا الأشخاص، وسقوط النواب في فخ الشخصنة، فبرهنوا أن الأمر يتعلق بمساءلة علنية تستهدف رئيسة الهيئة سهام بن سدرين لا بمناقشة ميزانيتها.

 

 

المساهمون