خارجية السيسي تبرّر سحب قرار إدانة الاستيطان بـ"توازن المواقف"

24 ديسمبر 2016
السيسي يُسقط آخر ورقة توت عن ادعاءاته (تيموثي كلاري/Getty)
+ الخط -


وفق "عذر أقبح من ذنب"، حاولت الخارجية المصرية تبرير سحبها مشروع قرار إدانة الاستيطان من مجلس الأمن الدولي، وذلك غداة تصويت المجلس بغالبية ساحقة لصالح القرار بعد تقديمه من قبل أربع دول غير عربية، فاخترعت عبارة "توازن المواقف"، كذريعة لما أقدمت عليه.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أحمد أبو زيد، اليوم السبت، في تصريح، إنّ "مصر قررت طرح مشروع القرار الفلسطيني الخاص بالاستيطان، أمام مجلس الأمن، فور إخطارها من الجانب الفلسطيني بانتهاء عملية التشاور حوله، إلا أنّها طلبت المزيد من الوقت للتأكد من عدم استخدام حق النقض (الفيتو) على المشروع، لا سيما بعدما أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أن موقف الإدارة الانتقالية هو الاعتراض على المشروع، مطالباً الإدارة الأميركية الحالية للرئيس باراك أوباما باستخدام حق الفيتو".

وسحبت مصر، أمس الجمعة، مشروع قرارٍ كانت قد تقدمت به لإدانة الاستيطان الإسرائيلي، بعد طلبها تأجيل التصويت عليه، وهو ما قابلته أربع دول هي السنغال وماليزيا ونيوزيلندا وفنزويلا، بالتقدّم بمشروع يحمل نفس المضمون، لتتم الموافقة عليه.

وأضاف أبو زيد أنّه "على ضوء استمرار وجود احتمالات لاستخدام الفيتو على مشروع القرار، وتمسّك الجانب الفلسطيني وبعض أعضاء المجلس بالتصويت الفوري عليه رغم المخاطر، فقد قرّرت مصر سحب المشروع لإتاحة المزيد من الوقت للتأكد من عدم إعاقته بالفيتو، وهو ما تحقق بالفعل لاحقاً، وشجع دولاً أخرى على إعادة طرح ذات النص للتصويت"، على حد قوله.

ورأى أنّ مصر باعتبارها "شريكاً رئيسياً" في رعاية أي مفاوضات مستقبلية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بالتنسيق مع الإدارة الأميركية الجديدة، كان من المهم أن تحافظ على ما وصفه بـ"التوازن المطلوب في موقفها"، لضمان قدرتها على التأثير على الأطراف، "بهدف الوصول إلى تسوية شاملة وعادلة، تضمن استرجاع كافة الحقوق الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية"، بحسب قوله.



في المقابل، قال مصدر دبلوماسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "وفد مصر في الأمم المتحدة أخطأ التقدير، وكان عليه أن يبلغ جهة القرار في مصر بحجم إصرار المجتمع الدولي على تمرير القرار، من باب تلقين كل من ترامب وإسرائيل درساً في السياسة الدولية وخفض غرورهما".

وتابع، "كان يجب على الوفد التأكيد على درجة غضب أوباما، ونيته في رد الإهانات المتكررة التي تعرّض لها على مدار فترة حكمه"، معتبراً أنّ التعامل المصري "أساء إلى سمعة الدبلوماسية المصرية".

ووصف المصدر تبرير المتحدث باسم الخارجية بـ "التحايل الساذج الذي لا يمكن أن يصدقه طفل رضيع"، متوقعاً أن يكون الضرر جراء الموقف المصري "فادحاً، وسندفع ثمنه من أرصدة أوشكت على النفاد".

وفي المواقف، اعتبر رئيس حركة "مصريون ضد الصهيونية" محمد عصمت سيف الدولة، أنّ الموقف المصري "يمثّل تجاوزاً لكل حدود الوطنية"، مشيراً إلى أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "يُسقط آخر ورقة توت عن كل الادعاءات التي يردّدها داعموه".

ورفض سيف الدولة، في حديث لـ"العربي الجديد"، "كلام البعض عن مؤامرة أميركية على مصر"، لافتاً إلى أنّ أولويات النظام المصري الحالي "هي علاقته مع الولايات المتحدة وإسرائيل".

من جهته، أكد النائب محمد السادات، أنّ التعامل المصري يمثّل "فضيحة دبلوماسية بكل المقاييس أساءت إلى صورة مصر"، مطالباً باستدعاء وزير الخارجية سامح شكري للبرلمان، لمعرفة تفاصيل الأمر.

وقال السادات، في تصريح، إنّ "القرار المصري أثار سخطاً فلسطينياً وعربياً واسعاً، في مقابل حالة من الاحتفاء الإسرائيلي، لما يحمله المشروع من خطورة على مشروعات الحكومة الإسرائيلية وأعضائها"، لافتاً إلى أنّ موقف مصر من القرار "جاء مخيّباً للآمال".

وأقرّ مجلس الأمن مشروع القرار، بموافقة 14 دولة من أعضاء المجلس، وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، على الرغم من ضغط إسرائيل عليها باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع تمريره.