أحزاب ومنظمات تونسية تدعو لـ"تجريم التطبيع" بعد اغتيال الزواري

19 ديسمبر 2016
اغتيال الزواري أعاد قضية التطبيع إلى الواجهة (حسام الزواري/الأناضول)
+ الخط -
أعادت قضية اغتيال الشهيد محمد الزواري على يد "الموساد"، وفق ما دعمته المعطيات الأولية، موضوع تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني من جديد إلى طاولة الحوار، إذ تتالت الدعوات إلى إعادة النظر في مشروع القانون المتعلق بمناهضة التطبيع على ضوء المعطيات الجديدة، والتي أثبتت، وفق تصريحات المعارضة وقياديين في "الاتحاد العام التونسي للشغل"، أن أيادي الكيان الغاصب ترتع بحرية داخل التراب التونسي.

وقال اتّحاد الشغل، في بلاغ صادر عنه، اليوم الإثنين، إثر اجتماع مكتبه التنفيذي المخصص للنظر في قضية تصفية الزواري، إنه يجدد مطالبته بتجريم التطبيع دستوريًّا وقانونيًّا، ويدعو كلّ القوى الوطنية إلى تكريس مناهضة التطبيع على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية.

وتعمل الكتل البرلمانية المعارضة على إعادة المشروع إلى دائرة النقاش من جديد. وعلاوة على طلبات مختلفة من كتل حاكمة ومعارضة بعقد جلسة حوار عاجلة مع الحكومة حول الموضوع؛ فإن كتلة "الجبهة الشعبية" جددت طرحها مبادرتها المتعلقة بمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني.

وأكد رئيس كتلة "الجبهة الشعبية" في البرلمان، أحمد الصديق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك ترجيحًا قويًّا، برز منذ الساعات الأولى لاغتيال الشهيد الزواري، حيث إن هناك جهات استخبارية صهيونية لها يد في العملية، لتتدعم إثر ذلك بتغطية إعلامية مباشرة لقناة إسرائيلية من أمام منزل الزواري، الذي يفترض أن يكون محصنًا، باعتباره موقع الجريمة، وأيضًا في شوارع العاصمة وعلى مقربة من مقر سيادي كوزارة الداخلية.

ورأى الصديق أنه يجب التأكيد على تحصين البلاد من كافة أشكال التطبيع، وإحدى أدواته الرئيسية هي تجريم التطبيع قانونًا، نافيًا أن يكون الهدف من إثارة الموضوع مجدّدًا هو المزايدات والتعويل على البعد الرمزي والسياسي للمشروع، وإنما أن يكون القانون أداة ملزمة لكل منظوري الدولة من مؤسسات وإدارات ومواطنين وثقافيين وإعلاميين في الالتزام بمقاطعة الكيان الصهيوني، وهو ما يسند للبلاد أداة قوية لحماية نفسها من العدو.



وأشار المتحدث إلى أن لا مكان اليوم للمزايدات في هذه القضية، وإثارة اللغط حول انتماء الزواري يومًا ما إلى طرف سياسي، فيكفي أن يكون ساهم بطريقة أو بأخرى في تدعيم صفوف المقاومة الفلسطينية، حتى يكون شهيد تونس وشهيد القضية الفلسطينية، وإذا ما أرادت البلاد حماية أبنائها؛ فلا مبرر لها اليوم لرفض مبادرة "الجبهة الشعبية" المتعلقة بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني.

وتدعم "الكتلة الديمقراطية" بدورها، مبادرة "الجبهة الشعبية"، وأفاد القيادي بحزب "التيار الديمقراطي"، وعضو الكتلة، نعمان العش، لـ"العربي الجديد"، أنه لا بدّ أن تطرح مبادرة الجبهة على اللجنة المختصة، والتصويت عليها في الجلسة العامة، فالمسألة أصبحت جد خطيرة، ولها صلة بالسيادة الوطنية.

ولفت العش إلى أن المعارضة نددت سابقًا بتشكيلة حكومة الصيد، ثم حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الشاهد، التي ضمت وزيرين متهمين بالتطبيع، وهما وزير الخارجية، خميس الجهيناوي، الذي عمل كرئيس مكتب اتصال في الأراضي المحتلة، ووزيرة السياحة، على حد تعبيره.

وطالب، في هذا السياق، أن يقف رئيس الحكومة وقفة صادقة وحازمة للبلاد، وألا يظل ذلك مجرد شعارات، معتبرًا أنه لا تساهل مع السيادة الوطنية المهددة.

يذكر أنه، خلال الفترة التأسيسية، طرحت مسألة التنصيص في الدستور على تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، لتخصص له المسودة الأولى للدستور سنة 2012، الفصل 27. غير أنه حذف أثناء إعادة الصياغة، ليعود مجدّدًا في شكل تنصيص في توطئة الدستور يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني، واعتبار إسرائيل حركة عنصرية غاصبة، ليسقط في ما بعد في الجلسة العامة عام 2014، حيث صوت لفائدته كل من "الكتلة الديمقراطية" (الجمهوري والجبهة الشعبية والمسار ومستقلون) و"المؤتمر من أجل الجمهورية" وحركة "وفاء"، فيما انقسم تصويت حزب "النهضة" بين الاحتفاظ والرفض.

وبررت "النهضة" آنذاك موقفها أنها تلقت توصيات من القياديين في حركة "حماس"، إسماعيل هنية، وخالد مشعل، بعدم التصويت لصالح الفصل. فيما اتهمت أطراف سياسية أيضًا رئيس المجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر، بعدم مناصرته تجريم التطبيع إثر تعرضه لضغط دولي، مستشهدة بمراسلة من رئيس "البوندستاغ" الألماني، الذي طالبه بعدم دسترة التنصيص على تجريم التطبيع، لأن "تونس تعزل بذلك نفسها"، وفق ما ورد في المراسلة.