أول غيث ترامب: نقل السفارة الأميركية إلى القدس

16 ديسمبر 2016
ترامب بهذه الطريقة قرّر نقل السفارة (مارك ويلزون/Getty)
+ الخط -

 باختياره دافيد فريدمان ليكون سفير إدارته في إسرائيل، يكون ترامب قد أبلغ من يهمه الأمر بأنه قرّر نقل السفارة الأميركية إلى القدس، في الأول من يونيو/حزيران المقبل. بل قبل ذلك، إذا تيسّر تقليص المدة بإجراء تنفيذي. في ذلك الموعد ينتهي مفعول "تنازل" الذي جدّده الرئيس أوباما في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري، والذي بموجبه جرى تأجيل تنفيذ قانون 1995، والذي قضى بنقل السفارة في مايو/أيار 1999، والذي احتوى على نص يمنح الرئيس وقف التطبيق لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.

ومنذ ذلك الحين، لجأ الرؤساء الذين تعاقبوا إلى هذا التدبير، لترحيل النقل، وبالتالي لتحاشي المساس بموضوع ذي حساسية عالية، قد تترتب عليه عواقب سياسية وأمنية خطيرة.

وكان ترامب قد سبق وتعهّد، ولو مداورة أحياناً، القيام بهذه الخطوة أثناء حملته الانتخابية كما بعد فوزه. مديرة حملته كاليان كونواي، أكّدت قبل أيام أن النقل "أولوية كبيرة". كذلك نال على ما يبدو، رئيس بلدية القدس المحتلة نير بركات، وعداً بهذه الخطوة؛ أثناء زيارته قبل أيام لنيويورك، ولقائه مع صهر ترامب الذي تسلّم رسالة من الزائر في هذا الخصوص.

الآن يأتي تعيين فريدمان ليحسم الأمر. تعيينه كسفير في إسرائيل، جاء ليس فقط بحكم الصداقة، باعتباره محامي ترامب في قضاياه الإفلاسية السابقة، بل أساساً لأنه يشكل رمز الخطوة التي يعتزم ترامب ترجمتها. فالرجل صهيوني "شاميري" وأعتى، إلى حدّ أنه لا يقوى حتى على تحمل اليهود الأميركيين الواقفين مع مشروع الدولتين.

فهو يضعهم في منزلة من هو "أسوأ من النازيين". ويعتبر المستوطنات "قانونية" وليس فقط "شرعية"، كما أنه ليس من المتبرعين للاستيطان، مع صهر ترامب، فحسب، بل من المحرضين على "ضم" قسم من الضفة الغربية؛ فضلاً عن أنه من أكبر "محامي" الدفاع عن قضية نقل السفارة إلى القدس. رجل يحمل إضبارة من هذا النوع الأيديولوجي الفج، ما كان ليقبل بمنصب السفير لو لم يكن ترامب عازماً على كسر سياسة التأجيل المعمول بها، ووضع قانون 1995 موضع التنفيذ.

ومن باب التسليم بهذا الأمر، على أنه بات بمثابة تحصيل حاصل، ثمة من يتساءل عما إذا كان ما زال في نية إدارة أوباما، القيام بخطوة ما للرد ولو الرمزي على مثل هذا الاستفزاز بنقل السفارة، على غرار ما وعد به أمس للرد على استفزاز الكرملين في قضية التدخل في الانتخابات، والتي ما زالت تتفاعل وتتفاقم. خاصة أن هناك همساً في أروقة وزارة الخارجية، بأن أوباما قد يكون على عتبة إخراج مفاجأة "فلسطينية" من جعبته في اللحظات الأخيرة.

تواكَبَ هذا الهمس مع اللقاءات التي أجراها وفد فلسطيني موسع على رأسه صائب عريقات، مع المعنيين في الخارجية ومنهم الوزير جون كيري، والذي اختلى برئيس الوفد عريقات وأحد معاونيه فقط. هذه التلميحات والتحركات جددت التكهنات حول الخيار الذي ما زال أوباما يملكه، والمتعلق بطرح مشروع قرار في مجلس الأمن، ينص على الاعتراف بدولة فلسطين.

وثمة من ربط بين تأجيل مؤتمر باريس وبين "هذا المتوقع" حصوله من جانب الإدارة قبل مغادرتها البيت الأبيض، من باب أن الخطوة الأميركية المحتملة قضت بصرف النظر الآن عن المؤتمر.

لكن السوابق ترجح وضع هذا الاحتمال في خانة التمني، لا أكثر. ولو أن من سمعوا التلميح حملتهم نبرته على عدم تجاهله بل أخذه على محمل الجدّ.

مع ذلك وحتى لو حصل مثل هذا الموعود المتأخر والرمزي في أحسن أحواله، فإن المبادرة صارت بيد ترامب العازم على إحداث انقلابات في السياسات والتوجهات. تعييناته المثيرة للجدل ليست مزاجية أو صدفة، ومنها تعيين فريدمان، وهذا أول الغيث.





المساهمون