معركة الموصل: القوات العراقية تستعد لفتح جبهات جديدة

15 ديسمبر 2016
نازحون ينتظرون حصتهم من المياه بمخيم قرب الموصل(حميد حسين/الأناضول)
+ الخط -
تخلص جميع المعطيات والتقارير العسكرية في العراق إلى أن معركة تحرير الموصل من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد تستغرق مدة مماثلة لما قطعته حتى الآن. وأسباب هذا التأخير متعددة، إذ هناك عوامل عدة شكلت عائقاً أمام تقدم القوات العراقية في أحياء المدينة ضمن الجدول الزمني الذي سبق وتم إعلانه مع بداية المعركة في السابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. آنذاك، توقع المخططون العسكريون أن تنتهي المعركة قبل نهاية العام الجاري. لكن المعطيات الميدانية لا تبشّر بحسم عسكري قريب، على الرغم من الغطاء الجوي غير المسبوق الذي نالته المعركة من قوات "التحالف الدولي"، فضلاً عن عدد المقاتلين المشاركين فيها، إذ تجاوز العدد عتبة الستين ألف مقاتل من قوات نظامية وغير نظامية.

وتقدر أعداد مقاتلي تنظيم "داعش" مع بداية المعركة بنحو ستة آلاف، غالبيتهم من جنسيات عراقية وسورية، وتقول قوات "التحالف" وبغداد إنها قتلت منهم ما لا يقل عن ألفي مسلح حتى مطلع الأسبوع الجاري. ومع دخول معركة الموصل شهرها الثالث، شهدت محاور القتال نهار أمس الأربعاء، هدوءاً نسبياً، باستثناء المحور الذي تسيطر عليه مليشيات "الحشد الشعبي" في مناطق غرب الموصل.

وباشرت القوات الأمنية العراقية المتمثلة بجهاز مكافحة الإرهاب وقوات الجيش العراقي وأفواج من قوات الشرطة الاتحادية بإنشاء خطوط الصد وبالإمساك بالمناطق المحررة في شرق وجنوب شرق الموصل، استعداداً لبداية المرحلة الثانية من عملية تحرير الساحل الأيسر لنهر دجلة (أي الجانب الشرقي) من المدينة، وذلك بحسب مصادر عسكرية عراقية في قيادة العمليات المشتركة. وأجرت قوات الأمن العراقية عمليات تفتيش مكثفة في المناطق المحررة في شرق الموصل، بحثاً عما وصفتها بـ"الخلايا النائمة" التابعة لـ"داعش"، وذلك على خلفية الهجمات العديدة التي تعرضت لها القوات العراقية في المناطق المحررة في كوكجلي والانتصار والزهور، يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين بحسب إعلان قيادات في جهاز مكافحة الإرهاب.

من جانب آخر، ساهمت الظروف الجوية التي شهدتها مدينة الموصل أمس الأربعاء، في تحييد دور طيران الجيش العراقي وطيران "التحالف الدولي" الذي لم يتمكن من شن طلعات جوية فوق أجواء مدينة الموصل، بسبب استمرار هطول الأمطار بغزارة منذ ساعات الصباح الأولى. وقال الضابط في قيادة عمليات نينوى، العميد فراس بشار، لـ"العربي الجديد" إن "التغييرات المتوقع إجراؤها في خطة معركة الموصل تتلخص في الزج بمزيد من التعزيزات العسكرية في محاور القتال حول مدينة الموصل، خصوصاً في المحور الشرقي وجنوب الشرقي من المدينة، إثر تراجع القوات العراقية في بعض المناطق ضمن هذه المحاور". وأضاف أن "التغيير الثاني المتوقع إجراؤه هو فتح جبهات جديدة للقتال حول مدينة الموصل بهدف التعجيل من عملية استنزاف قوة تنظيم داعش داخل المدينة ،وبالتالي التعجيل بعملية تحريرها". ولفت إلى إن "المحاور التي من المتوقع تفعيلها وفتح جبهات جديدة فيها هي محور جنوب الموصل باتجاه المطار الدولي، وكذلك فتح جبهة جديدة في مناطق غرب المدينة ومهاجمة الساحل الأيمن فيها، لا سيما بعد سيطرة قوات الحشد الشعبي على جميع القرى والمناطق الواقعة بين مدينة تلعفر وأطراف الموصل"، بحسب قوله.


وأعلن ضابط في قيادة شرطة محافظة نينوى لـ"العربي الجديد" أن "عدة ألوية من أفراد الشرطة الاتحادية مستعدة للانضمام للهجوم على شرق الموصل لتعزيز قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي تواجه هجمات مضادة عنيفة من عناصر تنظيم داعش منذ أسابيع".

في غضون ذلك، أكد قائد العمليات الثانية في قوات جهاز مكافحة الإرهاب، اللواء معن السعدي، لـ"العربي الجديد" أن "قطعات جهاز مكافحة الإرهاب تمكنت من السيطرة على الطريق المؤدي إلى قبر النبي يونس ضمن الجانب الأيسر في الموصل والوصول إلى حدود منطقة التلة الأثرية". وأضاف أن "قوات جهاز مكافحة الإرهاب تمكنت من تحرير 36 حياً في الجانب الأيسر والمتبقي أحياء قليلة للوصول إلى ضفة نهر دجلة". وأكد أن "القطعات العسكرية الآن في طور إعادة ترتيب تنظيمها وتسليم المناطق المحررة إلى قطعات الجيش العراقي والشرطة المحلية". إلا أن هذا الإعلان، حتى الآن، يبقى موضع شك، لا سيما أن مصادر مطلعة أكدت أن معارك عنيفة جرت في مناطق تسبق طريق النبي يونس، ويسيطر على بعضها تنظيم "داعش"، وأنه ينبغي على القوات التي تريد إحكام سيطرتها على الطريق المذكور أن تحرر مناطق الكراج والدورة والأسواق المركزية، وهو ما لم يتم حتى الآن، بحسب المعلومات المتوفرة لدى "العربي الجديد". يشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، طالب أخيراً بحصر التصريحات الرسمية بمجريات المعارك بخلية الإعلام الحربي، متهماً بعض الجهات التي تشارك في المعركة بإطلاق تصريحات غير دقيقة حول مجرياتها.

وفي محور غرب الموصل، تواصل مليشيات "الحشد الشعبي" عملياتها العسكرية للسيطرة على النواحي والقرى المترامية الأطراف حول مدينة تلعفر. وأعلن القيادي في "الحشد"، أبو ناصر التميمي، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات من الحشد التركماني (التابعة للحشد الشعبي) تمكنت من صد هجوم واسع لتنظيم داعش على السواتر الأمامية لقرية تل عزيز الواقعة غرب مدينة تلعفر، ما أسفر عن مقتل 10 عناصر من داعش".

في السياق نفسه، أعلن مكتب الإعلام الحربي أن مليشيات "الحشد الشعبي تمكنت من تحرير ثلاث قرى أهمها قرية أشواه التي تبعد 20 كيلومتراً عن ناحية تل عبطة غرب الموصل"، كما سيطرت على قرى حسين جمعة وقرية خويتلة غرب تلعفر، وتمكنت من "قطع آخر خطوط إمداد داعش مع قضاء تلعفر من الجهة الجنوبية"، بحسب المصدر نفسه.

من جهة ثانية، أعلن مصدر طبي محلي في مدينة الموصل لـ"العربي الجديد" أن "ما لا يقل عن 40 مدنياً من سكان مدينة الموصل قتلوا وأصيب 40 آخرون بسبب القصف المتبادل الذي تشهده مناطق شرق الموصل". ولفت إلى أن "السلطات الأمنية والطبية تتوقع وجود عشرات الجثث لمدنيين تحت أنقاض المنازل التي تعرضت للقصف خلال العمليات العسكرية التي شهدتها مناطق شرق الموصل".

إلى ذلك، أكد ضابط في قيادة عمليات نينوى لـ"العربي الجديد" أن "قوات الجيش العراقي تواصل نقل مئات النازحين بشكل يومي من مناطق شرق الموصل إلى مخيمات النزوح التي أقيمت لسكان الموصل في مناطق الخازر وحسن شام شرق الموصل". وأوضح أن "آليات الجيش العراقي تقوم بنقل العائلات النازحة بعد قيام استخبارات الجيش والشرطة المحلية بعملية التأكد من عدم وجود عناصر داعش متسللين في صفوف الأسر الهاربة من مناطق القتال في شرق الموصل، في مركز أمني أقيم في منطقة برطلة شرق الموصل".
المساهمون