النظام السوري يكرّر سيناريو التهجير في مخيم خان الشيح

22 نوفمبر 2016
فرّغ النظام السوري مخيمات عدة بدمشق وحلب (فرانس برس)
+ الخط -

واصل النظام السوري مساعيه لما يدعوه "تأمين العاصمة دمشق"، عن طريق الضغط "المتوحش" على المعارضة السورية المسلحة، وحاضنتها الاجتماعية، عبر القصف الجوي المتواصل بمختلف أنواع الأسلحة، ومنها ما هو محرّم استخدامه وفق مواثيق دولية، وأيضاً من خلال الحصار المحكم، لدفعها للقبول باتفاقات "مصالحة" تفضي إلى خروج مقاتليها إلى الشمال السوري.

في هذا السياق، وصل اتفاق مع المعارضة في مخيم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين غرب العاصمة دمشق إلى مراحله الأخيرة، ومن المتوقع أن يبدأ سريانه خلال أيام. وذكرت مصادر في المعارضة، أن لجنة المفاوضات التابعة للنظام، برئاسة كنانة حويجة، المذيعة في التلفزيون الرسمي التابع للنظام، ابنة اللواء في قوات النظام إبراهيم حويجة، أعادت في اجتماع مع ممثلي المعارضة المسلحة، والمؤسسات المدنية في مخيم خان الشيح، يوم الأحد، طرح اتفاق تسوية.

وفي التفاصيل أن الاتفاق يقضي بتسليم المخيم للنظام، وحلّ كل المؤسسات التابعة للمعارضة، وتسليم السلاح المتوسط، والثقيل، وخروج مقاتلي المعارضة المسلحة بسلاحهم الفردي باتجاه إدلب شمال غربي سورية حصراً، على ألا يتجاوز عدد المغادرين الألف شخص، في مقابل تسوية أوضاع الراغبين بالبقاء. كما يتبع هذه الخطوات فتح المعابر والطرقات، وتفعيل مؤسسات النظام.

وذكرت المصادر أن المعارضة وافقت على بنود الاتفاق، باستثناء البند الذي حدد فيه النظام عدد المسموح لهم بالخروج، إذ طالبت المعارضة رفع العدد إلى 1500 شخص، وهو ما لم يقبل به النظام حتى الآن. غير أن المصادر رجّحت موافقة المعارضة على الاتفاق المشابه للاتفاق الذي عُقد مع مدن داريا ومعضمية الشام، وقدسيا، والهامة.

وقد سبق اجتماع لجنة التفاوض مع وفد المعارضة حملة قصف بالبراميل المتفجرة، وصواريخ أرض ـ أرض، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين، وذلك في ظلّ محاولات قامت بها قوات النظام، ومليشيات طائفية تساندها لاقتحام المخيم، باءت بالفشل، إثر تصدّي قوات المعارضة المتمركزة في محيط المخيم.

من جهته، ذكر الناشط الإعلامي في تجمّع خان الشيح، محمد الشامي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هناك مساعي للحصول على تعهّدات من جهات أممية مختصة بشؤون اللاجئين الفلسطينيين لضمان حياة وأمن من سيبقى في المخيم". وأضاف أنه "يقطن المخيم حالياً نحو تسعة آلاف لاجئ فلسطيني، إلى جانب نحو ثلاثة آلاف نازح من بلدات غرب دمشق، يعيشون في ظروف إنسانية صعبة لنفاد المواد الغذائية والأدوية، إثر حصار محكم ومضروب على المخيم منذ أكثر من 50 يوماً".



وكان المخيم الواقع على مسافة 20 كيلومتراً غرب دمشق، قد خرج عن سيطرة النظام في نهاية عام 2012، إبان الاندفاعة الكبيرة لقوات المعارضة، في مختلف أرجاء البلاد، التي كادت أن تطيح النظام لولا تدخل قوات حزب الله، ومليشيات طائفية ممولة من الحرس الثوري الإيراني. وتعرّض لحملات عسكرية متلاحقة من قبل قوات النظام، ومليشيات من أجل إخضاعه، وقُصف بعنف بمختلف أنواع الأسلحة، حتى المحرمة دولياً.

في هذا الإطار، أفاد عضو المجلس المحلي في المخيم، عماد مسلماني، أن "194 مدنياً فلسطينياً من أهل المخيم قُتلوا نتيجة القصف والأعمال العسكرية، التي قامت بها قوات النظام منذ خروج المخيم عن سيطرتها". ولفت إلى أنه "أُصيب نحو 290 مدنياً من سكان المخيم"، وأن "طيران النظام ألقى على المخيم 310 براميل متفجرات، وقنابل فوسفورية، وعنقودية"، منوّهاً إلى أن "الطيران الروسي أغار على المخيم 72 مرة".

وتُشكل المنطقة التي يقع فيها مخيم خان الشيخ، أهمية استراتيجية في مجرى الصراع على سورية، فهي البوابة الغربية للعاصمة دمشق، التي لطالما هددت المعارضة من خلالها النظام، تحديداً خلال عام 2013، حين خرج أغلب ريف دمشق الغربي عن سيطرة النظام، قبل أن يستعيد معظمه بعد فرضه حصاراً على بلداته، دفع المعارضة إلى القبول بـ"المصالحات" من أجل رفع الحصار عن المدنيين.

بدوره، رأى المنسق العام للتجمع الفلسطيني السوري الحر (مصير)، التابع للمعارضة السورية، أيمن أبو هاشم، أن "النظام سعى منذ بداية الثورة إلى تفريغ مخيمات الفلسطينيين في سورية من أهلها، خدمة للكيان الصهيوني". ولفت في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "مخيم خان الشيح هو أقرب المخيمات إلى حدود فلسطين المحتلة، ولا يبعد عنها سوى 30 كيلومتراً"، معتبراً أن "محاولة النظام إخضاعه رسالة للاحتلال الإسرائيلي بأنه الوحيد القادر على ضبط حدود سورية معها".

وقد أُقيم المخيم في خمسينيات القرن الماضي، وهو واحد من مخيمات عدة منتشرة في سورية، سكنها لاجئون فلسطينيون إثر نكبة عام 1948، وأبرزها مخيم اليرموك، جنوب دمشق، الذي يتعرّض لحصار خانق، ويسيطر على أغلبه تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ولا يزال يسكنه آلاف عدة، بعد نزوح غالبية سكانه من فلسطينيين وسوريين.

كما اضطر آلاف الفلسطينيين إلى الهجرة منذ بدء الثورة السورية عام 2011، نتيجة القصف المتواصل من قوات النظام على المخيمات. وذكرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" في آخر إحصائية لها، صدرت أمس الإثنين، أن "هناك 15500 لاجئ فلسطيني سوري في الأردن، و42500 لاجئ فلسطيني سوري في لبنان، و6000 لاجئ فلسطيني سوري في مصر. كما لجأ 8000 فلسطيني سوري إلى تركيا، و1000 لاجئ فلسطيني سوري في قطاع غزة."

وأشارت المجموعة إلى أن "أكثر من 79 ألف لاجئ فلسطيني سوري وصلوا إلى أوروبا حتى منتصف العام الحالي". وأوضحت أن "جيش النظام ومجموعات الجبهة الشعبية - القيادة العامة تحاصر مخيم اليرموك لليوم الـ1252 على التوالي"، لافتة إلى أن "الكهرباء انقطعت عن المخيم منذ أكثر من 1311 يوماً، والماء منذ 772 يوماً على التوالي، وأن عدد ضحايا الحصار وصل إلى 190 ضحية".

وأكدت المجموعة أن "النظام يستمر في منع الأهالي من العودة إلى منازلهم في مخيم سبينة، جنوب دمشق، منذ حوالى 1105 أيام على التوالي، كما أن مخيم حندرات في شمال حلب خال من سكانه منذ سنوات، كما دُمّر نحو 70 في المائة من مباني مخيم درعا في جنوب سورية".