جوبيه... وريث شيراك برحلة تمثيل اليمين الفرنسي بدل ساركوزي

13 نوفمبر 2016
جوبيه الأوفر حظاً في استطلاعات الرأي(كليمون ماهودو/Getty)
+ الخط -
قبل عدة أيام من الدور الأول للانتخابات التمهيدية داخل حزب "الجمهوريون" لاختيار مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017، يبدو رئيس الوزراء الأسبق، رئيس بلدية مدينة بوردو، آلان جوبيه، الأوفر حظاً في مواجهة منافسيه وعلى رأسهم الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، أو رئيس الوزراء السابق، فرانسوا فيون. هذا ما تظهره استطلاعات الرأي بعد مناظرتين تلفزيونيتين، عرض فيها جوبيه تفاصيل برنامجه السياسي ومواقفه على المستويين الداخلي والخارجي. وعلى الرغم من هذه الصورة الإيجابية لدى الرأي العام اليميني، إلا أن جوبيه لا ينجرف وراء الحماس، ويكرر في تصريحاته أنه "يتشبث بالحذر" ويتعامل بـ"حيطة كبيرة" مع نتائج الاستطلاعات الإيجابية.

والواقع أن جوبيه محق حين يختار لغة الحذر لأن استطلاعات الرأي تعاني من ضبابية في مصداقيتها، ويجد المحققون صعوبة كبيرة في استيعاب طبيعة وحجم "الجسم" الانتخابي اليميني. كما أن هناك غموضاً كبيراً يلف عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم في هذه الانتخابات التمهيدية. ويرجح المراقبون أن عددهم يتراوح ما بين 2 و5 ملايين ناخب. ولا أحد يعرف بدقة ما إذا كان المتعاطفون مع حزب "الجمهوريون" سيشكلون غالبية الناخبين، أم أن أصواتهم ستتشتت في ظل تدفق أصوات ناخبين من الوسط واليمين المتطرف واليسار. ذلك أنها المرة الأولى التي ينظم فيها اليمين التقليدي انتخابات تمهيدية مفتوحة. وهنا مكمن الصعوبة في عملية التكهنات، لأن هذه الانتخابات مفتوحة في وجه كل المواطنين الفرنسيين المسجلين في اللوائح الانتخابية قبل ديسمبر/كانون الأول 2015، وليسوا ملزمين بتقديم بطاقات الحزب كشرط للتصويت.

وهناك شكوك أن نوايا التصويت الحالية لصالح جوبيه قد يكون مبالغ فيها ولا تنسجم مع النتيجة النهائية للانتخابات التمهيدية. وهذا هو الكابوس الذي يؤرق رئيس بلدية بوردو والحلم الذي يدغدغ أنصار ساركوزي. فهؤلاء يأملون في أن تأتي النتيجة النهائية عكس استطلاعات الرأي. ويرى بعض المحللين أن نقطة الضعف الكبيرة التي يعاني منها جوبيه تكمن في عدم امتلاكه رصيداً انتخابياً مخلصاً، بخلاف ساركوزي الذي لديه قاعدة من الناخبين الأوفياء في أوساط اليمين، ناصروه منذ فوزه في انتخابات الرئاسة عام 2007.

كما أن المتعاطفين مع جوبيه ليست لديهم قناعة راسخة بأفضليته. ويشير استطلاع مشترك بين مؤسسة "إيبسوس" وصحيفة "لوموند" إلى أن 21 في المائة من الأشخاص الذين أبدوا استعدادهم للتصويت لجوبيه يؤكدون أنهم سيفعلون ذلك من أجل قطع الطريق على ساركوزي. لذلك، يخشى مناصرو جوبيه من أن تؤدي استطلاعات الرأي الإيجابية إلى نتيجة عكسية. أي أن يعزف الناخبون عن الذهاب إلى مكاتب التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات التمهيدية، ما قد يؤدي إلى خسارة جوبيه.


وفي هذا السياق الملغوم، يحاول جوبيه جاهداً أن يستعمل كل أنواع الأسلحة الانتخابية. ومن أهم هذه الأسلحة الظهور بمظهر الرجل السياسي المعتدل والمتزن والوسطي من أجل حشد الدعم في صفوف المتعاطفين مع الوسط اليميني، بعدما حصل على تأييد زعيم الوسط، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، فرانسوا بايرو.

ويتطلع جوبيه أيضاً إلى اليسار وتحديداً المتعاطفين مع الحزب الاشتراكي. لأن هؤلاء قد يساهموا في الانتخابات التمهيدية لحزب "الجمهوريون" ويصوتون لصالحه انتقاماً من ساركوزي الذي يعتبر الخصم رقم واحد للاشتراكيين. وتدرك أوساط اليسار أن حظوظ المرشح الاشتراكي في المرور إلى الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ضئيلة جداً. وهم بلا شك يفضلون أن تكون هناك منافسة في الدور الثاني بين جوبيه ومرشحة حزب الجبهة الوطنية، مارين لوبن، على سيناريو المنافسة بين ساركوزي ولوبن. وبات في حكم المؤكد أن غالبية ناخبي اليسار الاشتراكي سيختارون جوبيه في حال انتقل إلى الدور الثاني لقطع الطريق على لوبن ومنعها من الوصول إلى سدة الرئاسة.

بالإضافة إلى ذلك، لقد غازل جوبيه القاعدة التقليدية اليمينية حين أعلن أخيراً، في تجمع خطابي في منطقة كوريز، المعقل الانتخابي السابق للرئيس الأسبق، جاك شيراك، بأنه الوريث السياسي لشيراك وتلميذه الأكثر وفاء. وأتى هذا الكلام في حضور نجلة الرئيس الفرنسي الأسبق ومستشارته السياسية، كلود شيراك. والأخيرة اعتبرت أن جوبيه هو بمثابة "الابن البكر" لوالدها، وهو ما يشكل دعماً قوياً له. وقال جوبيه في خطابه: "شيراك هو حب الناس وعادة التقرب من الشعب والإصغاء إليه، وهذا هو النموذج المثالي الذي أسعى إليه". وبدا واضحاً أن جوبيه يسعى جاهداً لاستغلال "رأسمال الحب الرمزي" الذي يحظى به شيراك والذي يعتبر حتى الآن الشخصية الأكثر شعبية في صفوف المتعاطفين مع اليمين وحتى في أوساط الشعب الفرنسي عامة.