الموت البطيء في سجون مصر... مهند إيهاب وأقرانه نموذجاً

05 أكتوبر 2016
يشكو الأهالي من تردي أوضاع المعتقلين باستمرار (Getty)
+ الخط -
لا يزال الموت البطيء الذي تمارسه السلطات المصرية بحق المعتقلين في السجون يحصد المزيد من الأرواح، وكان آخرهم الشاب مهند إيهاب الذي توفي بعد صراع مع مرض سرطان الدم في الولايات المتحدة الأميركية، وشغلت قصته الرأي العام المصري والعربي على مدار الأيام القليلة الماضية.

كانت منظمة هيومن رايتس ووتش، قد أشارت في تقرير أخير لها منذ أيام، إلى أنه بين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2015 مات على الأقل 6 من نزلاء سجن العقرب وراء القضبان، بينهم حالتا وفاة بالسرطان والثالثة بالسكري. ومات العشرات في السجون المصرية منذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013، بحسب تقارير حقوقية مصرية ودولية.
وبحسب توثيق مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مقرها لندن) في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، فقد وقعت 323 حالة وفاة داخل مراكز الاحتجاز في مصر.
ويبين تقرير مؤسسة الكرامة أن الأشخاص الـ323 الذين لقوا حتفهم في مراكز الاحتجاز المصرية بين أغسطس/آب 2013 وسبتمبر/أيلول 2015، توفوا نتيجة ممارسة التعذيب أو الحرمان من الرعاية الطبية أو سوء الأوضاع المعيشية بمراكز الاحتجاز.


مهند إيهاب... السجن يغتال عمر الشباب


في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول الحالي توفي الناشط السياسي المصري، مهند إيهاب، نتيجة إهمال علاجه في السجن، وهو مصاب بسرطان الدم.
كانت قوات الأمن المصرية، قد ألقت القبض على مهند في السابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول عام 2013، أثناء قيامه بتصوير التظاهرات في أحد أحياء الإسكندرية، وأُحيل إلى مصلحة "الأحداث" بعد صدور حكم عليه بالسجن خمس سنوات، تم تخفيفها لثلاثة أشهر في درجة الاستئناف.

ثم في الحادي والعشرين من يناير/كانون الثاني عام 2015، ألقي القبض على مهند مجدداً للسبب نفسه (التصوير) وأحيل إلى سجن برج العرب بالإسكندرية، وتعرض لأنواع تعذيب وحشية خلال فترة حبسه، بحسب ما أكد أهله ومحاموه.
وفي مايو/أيار 2015، حكى مهند لأهله عن ملاحظته عوارض تساهم في تدهور صحته بقوله يومها: "بدأت أرجع (أتقيأ) وأنزل دم من مناخيري وما قدرش أتكلم ومش عارف أمسك حاجة، ومش عارف أدخل الحمام وحدي".
بدأت رحلة مرض غامضة مع مهند، نقل على إثرها لمستشفى السجن، وجاءت التوصيفات متتالية "قالولي في الأول عندك أنيميا، وبعد كدة تيفوئيد، بعدين فيروس في الكبد، وودوني مستشفى الحميات، ماعرفوش يشخصوا المرض"، إلى أن تمكن والده من عرض التحاليل والفحوصات الخاصة بابنه على معمل خاص خارج السجن، فخرجت النتيجة سرطان دم".
استمرت حالته الصحية في التدهور، ومع تعدد شكاوى أهله، تم إخلاء سبيله، وسافر للعلاج في الولايات المتحدة الأميركية. ووفقاً لأحد أصدقائه فإنه "في البداية، رفضت إدارة السجن علاجه، فخرج مصاباً بسرطان الدم بنسبة 93 في المائة‏. باع والداه كل ما يملكان لعلاجه في أميركا، وسافر بالفعل على نفقة أحد الشخصيات المحبة لثورة يناير وشبابها".

طارق الغندور... براءة بعد الموت
في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، توفي القيادي في حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)، أستاذ الطب في جامعة عين شمس، طارق الغندور، بعدما تعرض في سجنه لنزيف حاد استمر ثماني ساعات بلا مغيث.
كان الغندور يعاني من سوء رعاية صحية وإهمال طبي متعمد من جانب إدارة السجن، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية من دون أن يتحرك أحد من المسؤولين وتم تقديم العديد من الطلبات لإخلاء سبيله لسوء حالته الصحية، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل. وقد تعنتت إدارة سجن شبين الكوم في نقله إلى معهد الكبد ما أدى إلى مزيد من التدهور في حالته الصحية.
ألقي القبض على الغندور، من منزله في ديسمبر/كانون الأول 2013، بتهمة تكدير السلم العام والانضمام إلى جماعة محظورة، وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات، وكان يعاني من أمراض عدة قبل اعتقاله، لكن سوء الرعاية الطبية، أو بالأحرى الإهمال الصحي للمعتقلين، أدى إلى تدهور حالته الصحية حتى وفاته. وفي السادس والعشرين من مايو/أيار الماضي، "حكمت المحكمة حضورياً ببراءة المتهم طارق الغندور من كل التهم الموجه إليه"، بحسب نص الحكم.

عصام دربالة... مات بعد ساعات من لقاء القاضي
مثّل القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، عصام دربالة، حالة أخرى من حالات الموت البطيء في السجون، إذ رفضت وزارة الداخلية إمداد دربالة الذي كان مصاباً بالسكري بالدواء الموصوف له، على الرغم من أوامر من قاضٍ ومن النيابة بتوفيره.

رفضت السلطات إمداده بالدواء، حتى بعد مثوله أمام المحكمة في أغسطس/آب 2015، وكان يرتجف وشبه فاقد للوعي، وغير قادر على وقف التبول. مات دربالة بعد ساعات من الجلسة.
كانت قوات الأمن المصرية قد ألقت القبض على دربالة، مطلع 2015 بتهمة التحريض على العنف والانضمام لجماعة تأسست على خلاف القانون.

فريد إسماعيل... جنازته تتحول إلى تظاهرة غاضبة
بدوره واجه القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، فريد إسماعيل، المعاناة نفسه قبل وفاته، إذ كان مريضاً بفيروس الكبد الوبائي ج (أو "فيروس سي") ومات في 13 مايو/أيار 2015 بعدما دخل غيبوبة كبدية داخل زنزانته الانفرادية بسجن العقرب شديد الحراسة بعد قضائه حوالي عامين في الحبس الاحتياطي منذ 2 سبتمبر/كانون الأول 2013 وحتى وفاته.
وتحولت جنازته بمسقط رأسه بمحافظة الشرقية في دلتا مصر، إلى تظاهرة معارضة للنظام المصري، شارك بها المئات. وحصل أيضاً إسماعيل، على حكم بالبراءة، بعد عام من وفاته في السجن.

أبو بكر القاضي.. موت هادئ في صعيد مصر
توفي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أبو بكر القاضي، في سجن في محافظة قنا، جنوبي مصر، من جراء "إهمال طبي". خرجت جنازته وسط حالة من الاستنفار الأمني، خشية حدوث مناوشات من قبل المشيعين، الذين بدورهم رددوا هتافات مناهضة لقوات الجيش والشرطة.
القاضي البالغ من العمر 46 عاماً، كان يعمل محاسباً بمصنع سكر قوص، وكان يعاني من ورم سرطاني في المعدة. دخل السجن عقب اتهامه مع آخرين في قضية اقتحام وتحطيم محطة السكك الحديدية بقنا في يوليو/تموز 2013.

محمد الفلاحجي وصفوت خليل
في مايو/أيار 2015، توفي عضو البرلمان المصري السابق وأحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، محمد الفلاحجي، داخل محبسه في سجن جمصة شمالي مصر. كانت قوات الأمن المصرية قد ألقت القبض على الفلاحجي (58 عاماً) في 26 آب/أغسطس 2013، بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية والتظاهر والشغب، والتحريض على العنف. وأُودع سجن جمصة شمال مصر في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2013، حيث تدهورت حالته الصحية قبل أن يتوفى.
أما في 27 سبتمبر/أيلول 2013، توفي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، صفوت خليل (57 عاماً)، بسجن المنصورة، في محافظة الدقهلية، متأثراً بإصابته بمرض السرطان.


المساهمون