خارطة الانتشار الروسي في مرفأ ومطار الساحل السوري

17 سبتمبر 2015
لافروف أكّد استمرار الإمدادات العسكرية لسورية (ألكسندر نيمينوف/فرانس برس)
+ الخط -
يُنبئ تدفق الطائرات الروسية المحمّلة بالأسلحة والعتاد إلى الساحل السوري، والتعزيزات العسكرية شبه اليومية مع اعتماد جسر جوي، أنّ روسيا ليست بصدد البحث عن أهداف تكتيكية في هذه المرحلة، بقدر ما تسعى إلى تحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى، في وقت يصعب حتى الآن تصوّر الدعم العسكري الروسي الذي يقدّم للنظام السوري خلال المرحلة المقبلة.


اقرأ أيضاً: قلق واشنطن من موسكو في سورية... أقرب إلى الحيرة

ولم يكن ما قاله مسؤولان أميركيان لوكالة "رويترز" قبل أيام قليلة عن مشاهدة سبع دبابات روسية من نوع "تي 90" في مطار حميميم، وما أكّده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم الأحد الماضي، عن "استمرار الإمدادات العسكرية التي يرافقها خبراء روس يساعدون في تركيب العتاد وتدريب السوريين على كيفية استخدام هذه الأسلحة"، سوى دلالات على انتقال موسكو من الدعم السياسي عبر قرارات حق النقض في مجلس الأمن الدولي إلى الدعم العسكري، ومن ثم التدخل المباشر على الأرض.

ويأتي ذلك بالتزامن مع ما كشفته مصادر في وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" عن أنّ روسيا تعدّ لبناء قاعدة جوية في سورية، وهو ما يعتبره المسؤولون ‏الأميركيون تصعيداً نوعياً قد يمنح موسكو موطئ قدم عسكرية في الشرق الأوسط عقوداً عدّة مقبلة، لافتين في الوقت نفسه إلى إمكانية استخدام القاعدة كمنطقة لإطلاق الضربات الجوّية لدعم ‏قوات النظام. ولا يبدو أنّ روسيا قد وضعت حداً لسقف توقعاتها، إذ كشف نائب قائد المجلس العسكري الأسبق في "الجيش السوري الحر" العقيد مالك كردي، أنّ "‏الروس قد استشعروا سقوط النظام لا محالة، وهم ينوون الآن المحافظة على تواجدهم في ساحل المتوسط بل وتعزيزه".

وأكّد كردي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك معلومات تشير إلى أن الروس يبدأون بتجهيز موقع ميناء الروس قرب قرية بستان الباشا في مدينة جبلة، جنوبي اللاذقية، ليكون بمثابة قاعدة بحرية لهم. وميناء الروس هو عبارة عن خليج صغير كان قد استخدمه اليونانيون في فترات حكمهم لسورية، وقد استخدم من قبل القوات المتحاربة في الحربين العالميتين ودعي بميناء الروس نظراً لاستخدامه من قبل روسيا في فترة سابقة. وموقع الميناء مؤمّن حالياً من قبل سرية مدفعية ساحلية متواجدة على التل المتاخم للخليج من الناحية الشمالية وبكتيبة دفاع جوّي متمركزة على بعد 800 متر إلى الشرق من الخليج".

وأضاف القيادي العسكري السابق أنّ "الأراضي والبساتين المحيطة بالموقع تعود لآل مخلوف، أخوال (رئيس النظام) بشار الأسد في بستان الباشا، وتأتي الأهمية لهذا الموقع من كونه يتوسط مدينتي اللاذقية وجبلة ومن قربه من مطار جبلة، وهذا يسمح بسهولة وسريّة الإمداد من المطار إلى القاعدة، وتسمح الطبيعة المحيطة بنشر كافة أنواع الأسلحة الاستراتيجية، إذ إن الموقع كان معدّاً لإطلاق الصواريخ البحرية الساحلية الاستراتيجية".

في سياق مواز، لفت العقيد مالك الذي يتحدّر من مدينة الحفة بريف اللاذقية الشرقي إلى أنه "على بعد ميلين يتم إضافة مدرج إقلاع وهبوط في مطار حميميم مع ملحق قاعدة جوية روسية، وهذا بطبيعة الحال يشير إلى هدف التواجد الدائم"، موضحاً أنّ "الدبابات وعناصر المشاة الروسية التي وصلت قبل أيام قليلة هي لتأمين القواعد الروسية، وقد تقوم كذلك بتأمين الأعمال القتالية للنظام في المنطقة للمحافظة على وضع الساحل تحت سيطرة النظام، وهذا يضمن استمرار التواجد الروسي فيه".


ويعدّ مطار حميميم الذي يحمل اسم "مطار باسل الأسد"، أبرز معاقل النظام السوري في الساحل، وتعتمد عليه روسيا في تمكين تواجدها العسكري، كونه يؤمّن لها الجسر الجوي بالدرجة الأولى، إضافة إلى كونه مطاراً مدنياً. ويقع المطار شمال مدينة اللاذقية بمسافة 18 كيلومتراً، ويطلق عليه مطار حميميم، نسبة إلى القرية المجاورة.

وقال النائب العسكري السابق الذي خدم في قيادة القوى البحرية قبل الثورة، مالك كردي، إن "القوات الروسية أنشأت محطات مراقبة ورصد متطورة في أماكن تموضع القوات السورية في الساحل، وهذا يؤمّن المعلومات الضرورية والفورية لقوات النظام"، مشيراً إلى أن "قيام الروس باستقدام منظومات دفاع جوي وقطع بحرية بالتأكيد ليس لمقاتلة المعارضة أو (داعش) بل لمواجهة أي تحرك إقليمي مستقبلاً على غرار عاصفة الحزم في اليمن".

وتوقع كردي أن يقوم النظام "بعد وصول التعزيزات الروسية بشنّ هجوم في منطقتي جبل الأكراد والتركمان بهدف توسيع السيطرة في المناطق الجبلية، اذ يسعى النظام بداية إلى تأمين الوضع الدفاعي، خصوصاً في منطقة النبي يونس، التي تعتبر الهدف الاستراتيجي الأهم في مسرح الأعمال القتالية، ثم الانتقال إلى تأمين مرحلة الهجوم، في حال تمكن النظام من استكمال استعداداته فيها وعمل ما يمكنه من أجل السيطرة على نقاط حكمه المطلة على سهل الغاب"، مضيفاً أن هناك كذلك "إمكانية تطوير الهجوم لاستعادة السيطرة على طريق اللاذقية جسر الشغور".

وفي السياق، قال الناشط الإعلامي سليم العمر، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الروس طلبوا من النظام ضم الأراضي التي تقع إلى جانب المطار، الذي يمتد على طول 1200 دونم، وسيكون مطاراً دولياً، ويعد لاستقبال مختلف الطائرات العسكرية من روسيا".

من جهته، يشير قائد لواء جبل التركمان، المكنّى بأبي فضل، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الدعم الروسي للنظام كان منذ بداية الثورة بكافة الأشكال وخصوصاً العسكري، والذي يتضمن إرسال خبراء، ومع اقتراب ما يدعى بمؤتمر جنيف 3 الذي سمعنا أنه سيُعقد في نهاية هذا العام، ازداد الدعم الروسي للنظام، والسبب في ذلك تقوية موقف الأسد داخل قاعات الحل السياسي".

وبالنسبة لمعارك الساحل، قال القيادي العسكري إنه من خلال "تنصتنا على القبضات اللاسلكية التي يستخدمها النظام، نستمع بشكل دائم لكلام فارسي ولهجة لبنانية. ومن خلال عمليات البحث التي قمنا بها تأكدنا بأنّ عدداً كبيراً من المرتزقة البيلاروس قد وصلوا للساحل"، مؤكداً أن "هؤلاء المقاتلين ليسوا من روسيا، بل من بيلاروسيا".

اقرأ أيضاً: "البنتاغون": روسيا تعد لأكبر تواجد عسكري لها بالشرق الأوسط 

المساهمون