الجزائر تراجع خططها الأمنية على الحدود مع ليبيا ومالي

06 اغسطس 2015
الجيش يؤكد جهوزيته للتصدي لأي عمل مسلّح (فرانس برس)
+ الخط -

مع كل إخفاق في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في ليبيا، وعودة المجموعات المسلحة للنشاط في شمال مالي القريب من الحدود مع الجزائر، يتزايد القلق لدى المسؤولين الجزائريين بشأن أمن الحدود والتهديدات المحتملة، وهو ما دفع الجزائر إلى تحمّل عبء أمني ومالي كبير لأجل مراقبة حدودها، خصوصاً مع مالي وليبيا، في ظل غياب سلطة الدولة في الجهة المالية والليبية.

وقال مسؤول أمني رفيع لـ"العربي الجديد"، إن السلطات الجزائرية تقوم، في الوقت الحالي، بمراجعة دقيقة لخطط تأمين الحدود، على أن تبدأ بتطبيق التحديثات، بداية شهر سبتمبر/أيلول المقبل، لهدف زيادة مستوى تأمين الحدود. مشيراً إلى أن "هذه الخطة هي جزء من مجهود أمني وعسكري استباقي تقوم به الجزائر لإبعاد أي خطر إرهابي يتهدد حدودها". وأضاف المسؤول أن "تردي الأوضاع في ليبيا وفشل الليبيين في التوصّل إلى حل سياسي، يعيد بسط سيطرة الدولة ومؤسساتها، وهشاشة الوضع في شمال مالي واستمرار تحرك المجموعات الإرهابية في منطقة جبل الشعانبي في تونس، كلها أمور تدفع الجزائر إلى هذا الخيار".

ويأتي ذلك تزامناً مع دعوة قائد أركان الجيش الجزائري الفريق قايد صالح، قوات الجيش والوحدات المنتشرة على الحدود "إلى مزيد من الحذر واليقظة لمواجهة أي تحرّك للمجموعات الإرهابية في المناطق الحدودية". وأكد صالح، خلال مناسبة علمية نظمها الجيش، أن "قوات الجيش متحفزة للرد على أي تهديد إرهابي لأمن الجزائر"، لافتاً إلى أن "كل قوات الجيش في جهوزية تامة لذلك". كما شدد على أن العمليات الأخيرة التي استهدفت قوات الأمن والجيش بينها مقتل تسعة جنود من الجيش في منطقة عين الدفلى غرب الجزائر، "ستزيد من إصرار قوات الجيش على اجتثاث المجموعات الإرهابية والقضاء عليها نهائياً".

اقرأ أيضاً: مجموعات "داعش" في الجزائر... ظاهرة صوتية

في سياق آخر، حذر مسؤول سياسي جزائري من "جدية التهديدات الإرهابية والمخاطر الأمنية المتأتية من دول جوار الجزائر"، في إشارة إلى ليبيا ومالي. وقال وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي، في اجتماعات عقدها مع مسؤولين محليين في ولايات الجنوب والصحراء، إن الجزائر تتابع بقلق الأوضاع التي تشهدها بعض دول الجوار بسبب تداعياتها على أمن واستقرار الجزائر وخصوصاً المناطق الجنوبية.

ولفت بدوي إلى أن "التحديات الكبرى التي تجابهها الجزائر على مختلف الأصعدة، خصوصاً مع الحالة الأمنية لبعض دول الجوار". ودعا القوى كافة في الجزائر، وخصوصاً في المدن الحدودية مع مالي والنيجر وليبيا إلى "تعزيز الأمن والتعاون مع الجيش وباقي الهيئات الأمنية لحماية الحدود ومكافحة الجريمة، والحفاظ على المكاسب التي حققها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في الجزائر".

ورأى الخبير في الشؤون الاستراتيجية قوي بوحنية، في تصريح لـ"العربي الجديد" تعليقاً على التحذيرات المتتالية للمسؤولين الجزائريين بشأن الأمن على الحدود والتهديدات من دول الجوار، أن "الظروف الإقليمية لا تدفع بلداً كالجزائر إلى الدخول في مرحلة استرخاء، فكل العوامل الأمنية في المنطقة تدفع الجزائر إلى الحذر". ولفت إلى "أن السلطات الجزائرية لا تريد أن يتكرر حادث الهجوم الإرهابي على منشأة الغاز في عين أميناس الذي كان في يناير/كانون الثاني 2013، والتي كانت ضربة أمنية مؤلمة، على الرغم من نجاح الجيش في تطويقها وحصر أضرار الهجوم". مشيراً إلى أن "تزايد الانقسام الداخلي في ليبيا وعدم استقرار الأوضاع في مالي، يفتح الباب أمام تزايد نشاط المجموعات الإرهابية التي تستفيد من هكذا وضع، وضعف سيطرة الدولة في ليبيا ومالي تحديداً على مناطق شاسعة، وهذا في حد ذاته عبء إضافي ستتحمله الجزائر أمنياً".

ومنذ حادثة اقتحام مجموعة مسلّحة تتكوّن من أكثر من 30 مسلحاً منشأة الغاز في عين أميناس في ولاية اليزي جنوبي الجزائر، راجعت الجزائر خطط مراقبة الحدود، ودفعت بـ25 ألف عسكري لتعزيز أمن ومراقبة الحدود مع مالي وليبيا، إضافة إلى القوات المرابطة أصلاً في هذه المناطق. كما أقرت خطة بناء نقاط مراقبة إضافية وتسيير دوريات مشتركة بين الجيش والأمن على كامل الحدود، وقامت باستقطاب وتوظيف عدد كبير من سكان المناطق الحدودية في الجنوب والصحراء خصوصاً، للمساعدة في مراقبة الحركة على الحدود، وبناء محطات هبوط للطائرات العسكرية المروحية، تسمح بطلعات استطلاع على المناطق الحدودية كافة.

اقرأ أيضاً: "القاعدة" و"داعش" في الجزائر... الصراع الخاسر

المساهمون