هل ينجح سلام ليبي بلا "المؤتمر الوطني"؟

25 اغسطس 2015
لم يتضح موقف "المؤتمر" من الجلسة المقبلة بعد(فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من إصرار المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، على متابعة جلسات الحوار الليبي، للوصول إلى حلّ للأزمة السياسية، وكثرة التسريبات حول مناقشة الأسماء المرشحة لتولي "حكومة الوفاق" المقبلة، إلّا أنّ متابعين للشأن الليبي يرون أنّ رعاة الحوار لم يدركوا بعد أهمية تأخر إعلان "المؤتمر الوطني العام" مشاركته في الجلسات المنتظرة، كونه اللاعب الأساسي الذي يمكن أن يشكّل تهميشه عرقلة كبيرة للحوار.

استطاع "المؤتمر"، أخيراً، تأجيل الجلسة التي كان متفقاً عقدها، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، في مدينة الصخيرات المغربية إلى الخميس المقبل. ويرى مراقبون أنّ عدم وضوح موقف "المؤتمر الوطني" من الجلسة المقبلة، هو التحدي المباشر لمسار الحوار الذي يبدو أنّ الراعي الأممي للحوار والدول الكبرى لم تلتفت بعد إلى أهميته. يسيطر "المؤتمر" على جميع المؤسسات الحكومية في العاصمة طرابلس، ما يعني أنّ الحكومة المنتظرة، التي يُتّفق عليها داخلياً وخارجياً، لن تتمكن من الوصول إلى المقار والمؤسسات الحكومية التي تدار منها كل الوزارات والمناصب السيادية ومنها مؤسسة النفط والبنك المركزي.

ولا يخفي مراقبون أن الحكومة المنتظرة ستجد نفسها في مواجهة القوات الموالية لـ"المؤتمر"، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية وقادة الأحزاب في طرابلس وشخصيات دينية كالمفتي العام للبلاد، الشيخ الصادق الغرياني، الذي يحظى بشعبية واسعة بين أوساط المقاتلين، خصوصاً وأنّ المفتي انتقد سابقاً، أكثر من مرة، خلال خطاباته، ذهاب الأطراف الليبية للتوقيع على الاتفاق السياسي، معتبراً أنّه اتفاق أحادي من دون حضور "المؤتمر" ولا يمتّ إلى الواقع بأي صلة.

وعلى الرغم من وصف بعضهم، أخيراً، ذهاب ممثلي مدينة مصراتة، المدينة الأبرز ضمن حلفاء "المؤتمر الوطني"، للمشاركة في حفل التوقيع بالأحرف الأولى على وثيقة الاتفاق السياسي بـ"الموقف الضعيف"، إلّا أنّ هذه الأنباء لا تزال مجرد مزاعم، باعتبار أنّ كلاً من "المؤتمر" ومصراتة لا يزالان يصرّان على إبعاد اللواء خليفة حفتر عن المشهد المقبل.

فقد أوضح "المؤتمر" في رسالة وجّهها إلى ليون، أخيراً، قال فيها، إنّه "سيكون مستعداً للمشاركة في الجلسة المقبلة للحوار، إذا تم تناول تحفظاته". ومن خلال تصريحات ممثلي "المؤتمر" في الحوار، فإنّ تحفّظاته تتمحور حول المزيد من النفوذ في الحكومة المقبلة، إضافة إلى الشرط الأساسي الذي يكمن في استبعاد حفتر عن المشهد العسكري والسياسي المقبل.

اقرأ أيضاً: مطالب ليون و"المؤتمر" وراء تأجيل جلسة الحوار الليبي

ويعتبر متابعو الشأن الليبي، أنّ زعماء التشكيلات المسلحة التي شاركت في أكثر من قتال خلال الأربع سنوات الماضية، المرتبطين بـ"المؤتمر" والمسيطرين على رقعة واسعة من البلاد، "لا يمكن إهمالهم ويجب استيعابهم، وإلّا ستكون التكلفة كبيرة"، معتبرين أنّ "استيعابهم يأتي من خلال شق تدابير بناء الثقة ضمن الاتفاق وايجاد طرق، منها كفالة الاتفاق بصدور عفو عام من الحكومة المقبلة".

ويرى مراقبون، أنّه على الرغم من فشل دمج التشكيلات المسلحة ضمن جهازي الشرطة والجيش سابقاً، إلّا أنّ الحاجة باتت ملحّة، اليوم، إلى إعادة النظر في طرق أخرى بديلة، ومنها تأسيس جسم عسكري جديد موازٍ للجيش، كالحرس الوطني أو غيره، مشيرين إلى أنّ هذه التشكيلات المسلحة لا تزال تتلقى دعماً كبيراً من مسلحي مصراتة.

ويتفق "المؤتمر" مع كل المجموعات المسلحة الأخرى على وجوب استبعاد حفتر من قيادة الجيش، لا سيما وأنّ الأخير بدت علامات الإخفاق واضحة في عملياته العسكرية التي أطلقها في بنغازي قبل عام. وأعلنت مصراتة والمجموعات المسلحة المرتبطة بـ"المؤتمر" مرات عدة، أنّ حفتر يسعى إلى استنساخ التجربة المصرية في الاستيلاء على الحكم بالقوة لعسكرة الدولة لاحقاً.

وبحسب مراقبين، يبقى الدور المحوري والرئيسي للمجتمع الدولي الذي يجب أن يكون مستعداً لحماية بنود الاتفاق والإشراف على تطبيقها، لافتين إلى أنّ المجتمع الدولي قد يضطر إلى استخدام أيّ وسيلة، أو حتى إضافة العقوبات التي أشار إليها مجلس الأمن، أخيراً، ضد معرقلي الحوار. ويرى مراقبون، أنّه يجب على المجتمع الدولي أن يكون مستعداً لتقديم العون لأي طرف يسعى إلى تطبيق الاتفاق بجدية، لدعم عملية السلام في البلاد. ويرى كثيرون أنه ربما يكون من ضمن الدور الدولي في ليبيا منع اللاعبين الإقليميين العرب، الداعمين بشدة للواء حفتر، من التأثير على مسار تطبيق الاتفاق.


اقرأ أيضاً: "حكومة الوفاق" الليبية: حلّ للأزمة أم مراوحة في المكان؟

المساهمون