مستشارو هادي: إشراك محدود للحراك الجنوبي وترتيب دور المؤتمر

03 اغسطس 2015
يعد العطاس أحد القيادات الجنوبية البارزة (فرانس برس)
+ الخط -
أثار قرار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أول من أمس، بإضافة ثلاثة مستشارين جدد إلى طاقمه الرئاسي، ردود فعل متباينة، ولا سيما أنه لأول مرة تدخل شخصية جنوبية بارزة تطالب بالانفصال إلى مؤسسة الرئاسة. وقد اختير رئيس الوزراء اليمني السابق والقيادي في الحراك الجنوبي، حيدر أبو بكر العطاس، إلى جانب نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، أحمد عبيد بن دغر (المنتمي إلى الجنوب) ورئيس تكتل الائتلاف الوطني والأمين العام لحزب العدالة والبناء، عبدالعزيز جباري (المنتمي إلى الشمال) ضمن قائمة المستشارين.

وقد جاء القرار بشكل غير متوقع بعد أن كانت هناك معلومات تفيد عن توجه لاستحداث منصب نائبٍ ثان لهادي، يكون من الشمال، لإيجاد توازن بين شمال وجنوب بعد اختيار رئيس الوزراء الحالي خالد بحاح (منتمٍ إلى الجنوب)، قبل أشهر كنائب للرئيس. ويبدو أن القرار الجديد جاء لتجاوز موضوع النائب الثاني، في محاولة لتخطي أي حساسيات في طاقم الحكم في مؤسسة الرئاسة، وفق تأكيد مصدر سياسي يمني في الرياض لـ"العربي الجديد".

ويدافع البعض عن قرار هادي باعتباره خطوة نحو إشراك الجميع في مستقبل الأحداث في البلد من خلال هذا الطيف من المستشارين، ولا سيما بعد إشراك الذين كانوا ينتقدون التفرد بالقرار لصالح طيف سياسي معين.

في المقابل، يتخوف البعض من تداعيات كثرة المستشارين في ظل توجهات كل طرف منهم والمشاريع التي يحملونها، واحتمال أن يفضي ذلك إلى نقل الخلافات إلى مؤسسة الرئاسة، ولا سيما أنها تضم ممثلين لكل التناقضات في اليمن. وتوجد خلافات جوهرية يقودها هؤلاء المستشارون، السابقون والجدد. وهي حساسيات طغت في وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية، ولا سيما أن العطاس قد قال في وقت سابق، إن من هم حول هادي يؤثرون عليه، منتقداً دور مستشار الرئيس لشؤون الدفاع، اللواء علي محسن الأحمر.

اقرأ أيضاً: الحوثيون يرفضون "مبارك" سفير هادي في واشنطن

على الرغم من ذلك، أشارت مصادر لـ"العربي الجديد" إلى أن العطاس لم يعترض على قرار تعيينه، وإنما أكد أنه سيباشر الدوام في مكتبه كمستشار، والأمر نفسه مع بن دغر.

ويبدو أن قبول العطاس بالمنصب يأتي ضمن سعيه للمشاركة في الحكم، إذ ينقل مقربون منه أنه دائماً ما يردد أن حل القضية الجنوبية لا يأتي إلا بالمشاركة في الحكم. وسبق أن اعتبر العطاس أن عدم مشاركة الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء، كان خطأ ارتكبته القيادات الجنوبية.

ويعتبر العطاس أحد قيادات مكون مؤتمر القاهرة الذي يصنف على أنه ضمن تيارات الحراك الجنوبي، ويتبنى فيدرالية محددة زمنياً يليها منح حق تقرير المصير للجنوبيين. لكن الرجل بات مثيراً للجدل، ولا سيما في ظل تقلباته السياسية التي تتراوح بين التشدد والاعتدال. وأخيراً شارك في مؤتمر الرياض، على عكس باقي قيادات مكون مؤتمر القاهرة، التي رفضت المشاركة فيه بل لم تؤيد "عاصفة الحزم" التي أطلقها التحالف العربي في اليمن، واستمرت في تحالفها مع الحوثيين والمخلوع.

ويرى البعض أن اختيار العطاس ليكون إلى جانب ياسين مكاوي في مؤسسة الرئاسة، كقريبين من الحراك الجنوبي، يأتي ضمن رغبة من دول الخليج لسحب العطاس من جناح الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، ولا سيما أنه توجد معطيات تشير إلى تحركات تهدف لحل القضية الجنوبية.

ولقي تعيين العطاس مستشاراً لهادي تبايناً في المواقف في الشارع الجنوبي. وفيما ذهب البعض إلى اعتبار أن العطاس تخلى عن موقفه في ما يخص استعادة دولة الجنوب وانضم إلى صف الشرعية، إلا ان أطرافا أخرى ترى أن تواجد العطاس كشخصية سياسية جنوبية بارزة ومهمة في مؤسسة الرئاسة خطوة صحيحة، ولا سيما في هذه المرحلة الخطرة وفي ظل التحالف العربي. كما هناك مطالبات جنوبية بمد يد التعاون إلى هادي في ما يخص الجنوب وعدم إعطاء الفرصة لحزب الإصلاح والمؤتمر المحيطين بهادي للاستفراد بالقرار.

وفي المجمل، يعتبر تواجد العطاس، كأحد القيادات الجنوبية البارزة، في مؤسسة الرئاسة إحدى ركائز التوازنات التي كانت قيادات جنوبية تتهم الرئاسة بعدم أخذها بعين الاعتبار. وكان العطاس أحد هؤلاء الذين طالبوا بإيجاد هذا التوازن.

في موازاة ذلك، يشكل ضمّ أحمد بن دغر إلى طاقم الرئاسة دلالات سياسية كثيرة في هذه المرحلة، ولا سيما أن الأخير كان نائباً لرئيس حزب المؤتمر الذي يقوده الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. لكن بن دغر انضم إلى مؤتمر الرياض بعد انطلاق "عاصفة الحزم"، وأعلن تأييده للشرعية و"المقاومة" والتحالف، بينما كانت، ولا تزال، تدور شكوك حول مصداقية المتمردين على صالح.

لكن مصدراً سياسياً يمنياً في الرياض قال إن "هناك تغيراً في مواقف هذه القيادات المؤتمرية، ولا سيما الجنوبية منها، بعد التطورات الميدانية على الأرض، من خلال تقارب المتمردين القدامى والجدد على صالح ومن بينهم بن دغر".

وأشار المصدر السياسي لـ"العربي الجديد" إلى أن "قيادة المؤتمر الشعبي العام المنشقة عن صالح، بزعامة عبد الكريم الإرياني وبن دغر، حسمت توجهها السياسي المقبل في الجنوب، بتبني خيار دعم الشرعية ودعم المقاومة الرسمية فقط، وشرع المؤتمر في إعادة ترتيب أطره التنظيمية وفق التوجه الجديد، وأوكلت مسؤولية ملف الجنوب، لكل من أحمد بن دغر، ومهدي عبدالسلام، وأحمد الميسري".

ويأتي تحول بن دغر ضمن رغبة تمثل التوجه الجديد للقيادة المؤتمرية المتمردة على صالح، ولا سيما أنّ هذا الجناح يستغل شرعية الرئيس هادي الداعمة له ويسعى إلى تقديم نفسه كبديل مقبول إقليمياً وتحديداً في الجنوب، مستفيداً من أزمة الثقة بين التحالف العربي بزعامة السعودية وبعض قيادات الحراك الجنوبي التي يجري اتهامها بأنها متحالفة مع إيران، فضلاً عن أزمة الثقة الأخرى بين الإمارات ومصر من جهة وبين حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) على خلفية ثورات الربيع العربي.

أما في ما يتعلق بقرار ضم عبدالعزيز جباري كمستشار للرئيس، فيأتي لتعويض غياب أطراف كانت خارج نطاق مؤسسة الرئاسة، ولا سيما أن جباري يمثل رئيس تكتل الائتلاف الوطني، الذي يضم عشرات من المكونات والحركات والأحزاب السياسية والمنظمات. كما أنه الأمين العام لحزب العدالة والبناء، فضلاً عن كونه من الأصوات الوطنية الشمالية المعتدلة. وكان من ضمن أوائل الشخصيات السياسية، التي أعلنت تأييدها للشرعية والتحالف و"المقاومة". وكان جباري، الذي يتبع لإقليم آزال وفق التقسيم الفدرالي (أي صعدة، صنعاء، عمران وذمار)، مرشحاً لأن يتولى منصب النائب الثاني لرئيس الجمهورية ممثلاً للشمال وتم تكليفه برئاسة لجنة حوار الرياض فضلاً عن ضمه إلى وفد الشرعية في مؤتمر جنيف.

اقرأ أيضاً: يمنيون مختفون قسرياً.. الحوثيون يكررون جرائم صالح بحق معارضيهم

المساهمون