تركيا: عملية السلام مفتاح تشكيل الحكومة الجديدة

10 يوليو 2015
داود أوغلو أكد السعي للاستمرار بعملية السلام (الأناضول)
+ الخط -

ما زالت خيارات تشكيل الحكومة الائتلافية التركية مفتوحة تماماً، وذلك في ظل تواتر التصريحات والإشارات المتضاربة من مختلف الأحزاب السياسية، بينما تعود عملية السلام التي تقودها أنقرة مع حزب "العمال الكردستاني" لتُشكّل أحد أهم المفاصل في تكوين الحكومة الائتلافية الجديدة، مما يعني إبعاد حزب "الحركة القومية" (يميني متطرف) عن الحكومة المقبلة، وإعادة حزب "الشعب الجمهوري" خياراً أول لحزب "العدالة والتنمية"، بينما يتراجع "الشعوب الديمقراطي" (ذو الغالبة الكردية) عن تصريحاته الحادة ضد "العدالة والتنمية" التي أعقبت نتائج الانتخابات.

جاء ذلك بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة الانتقالية أحمد داود أوغلو والتي تُعتبر الأولى من نوعها له بعد الانتخابات، إذ أكد عزم "العدالة والتنمية" على الاستمرار في عملية السلام المتوقفة منذ أبريل/نيسان الماضي. وأشار داود أوغلو في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، إلى أن عملية السلام ستستمر إذا تم الالتزام بالوعود التي قُطعت عام 2013، قائلاً: "ليس أمراً كافياً مناقشة وقف إطلاق النار، على أولئك الذين يؤمنون بالديمقراطية الحقة والحريات والسلام وحقوق الإنسان أن يتحدثوا عن نزع السلاح"، وذلك في إشارة إلى حزب "الشعوب الديمقراطي" والذي يتوسط في العملية.

واتهم داود أوغلو في كلمته خلال إفطار جماعي شارك به في ولاية وان شرقي البلاد، حزب "الشعوب الديمقراطي" بأنه فشل في اتخاذ موقف واضح تجاه نزع السلاح، قائلاً: "إن الشعوب الديمقراطي لم يتخذ موقفاً واضحاً من المنظمة الانفصالية الإرهابية (العمال الكردستاني)، ولا زال يتحدث حول عملية السلام ولكنه يبقى صامتاً تجاه الهجمات التي يشنها الكردستاني، لقد وجّهنا أوامر واضحة للقوى الأمنية باتخاذ خطوات حازمة تجاه أولئك الذين يريدون تعكير الأمن العام".

يأتي هذا بينما أكدت الرئيسة المشاركة لـ"الشعوب الديمقراطي" فيغان يوكسداغ، على جاهزية حزبها للقيام بأي دور، سواء مباشر أو غير مباشر، للدفع نحو تشكيل الحكومة الجديدة، قائلة: "لن نتردد في أداء واجبنا لحل مشاكل تركيا، خلال فترة تشكيل الحكومة سواء بأداء دور مباشر أو غير مباشر في العملية".

وأشارت يوكسداغ، خلال زيارتها إلى بلدية وان، يوم الأربعاء، إلى أن داود أوغلو هو من أكد أن التحالف مع "الشعوب الديمقراطي" يُعدّ أمراً مستحيلاً، مؤكدة أن حزبها لم يغلق الأبواب في وجه خيارات تشكيل الحكومة الائتلافية، قائلة: "إن قيودنا هي برنامجنا ومبادئنا في السلام والديمقراطية والعدالة".

اقرأ أيضاً: تركيا نحو تشكيل الحكومة: سيناريوهات الائتلاف المقبل

وبينما يؤكد مراقبون أن عمر أي حكومة ائتلافية لن يتجاوز نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تشير الأجواء السياسية الحالية في أنقرة إلى أن التحالف الأقرب أو التحالف الكبير بين "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" لم يعد مستحيلاً بل بات الأقرب، وخصوصاً أن "الشعوب الديمقراطي" لن يتردد في دعم أي حكومة ائتلافية ما دامت تلتزم بعملية السلام مع "العمال الكردستاني".

في غضون ذلك، وافق البرلمان التركي على مشروع القرار الذي سيشكل من خلاله مجلس رئاسة البرلمان، والذي اعتمد على عدد المقاعد البرلمانية لكل حزب بدل نسبة الأصوات، وذلك على الرغم من اعتراضات "الحركة القومية" على مساواة عدد مقاعده بمقاعد "الشعوب الديمقراطي" على الرغم من أنه حصل على 18 في المائة من كامل الأصوات بينما حصل الأخير على 13 في المائة. ووفقاً للقانون سيتكوّن المجلس من 18 مقعداً، 8 منها لـ"العدالة والتنمية"، و4 لـ"الشعب الجمهوري"، بينما سيحصل "الحركة القومية" و"الشعوب الديمقراطي" على 3 مقاعد لكل منهما.

وبعد أن أكد داود أوغلو احتمال لقائه يوم الخميس بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستلام تكليفه بتشكيل الحكومة، دعا زعيم "الحركة القومية" دولت بهجلي في بيان له إلى عدم إضاعة الوقت والبدء بشكل عاجل في مفاوضات تشكيل الحكومة، مشيراً إلى شروط حزبه المستحيلة حالياً للتعاون مع "الشعوب الديمقراطي"، بالقول: "على مليشيا التنظيم (العمال الكردستاني) أن تحل نفسها، ويقوم أعضاء المليشيا بتسليم نفسهم وأسلحتهم إلى قوات الامن، وضمان مساءلة أولئك المتورطين بعمليات إرهابية أمام العدالة التركية، وعلى الشعوب الديمقراطي الابتعاد عن العمال الكردستاني وأن يتصرف ويتحدث بشكل يتناسب مع البنود الأربعة الأولى من الدستور"، في إشارة إلى البنود الأولى من الدستور والتي لا تعترف إلا بالقومية التركية، ويسعى "الشعوب الديمقراطي" إلى تغييرها.

يأتي ذلك بعد موجة من الانتقادات والاتهامات الحادة بين "الحركة القومية" و"الشعب الجمهوري" إثر انتخاب رئيس البرلمان، وعدم قيام "الحركة القومية" بدعم مرشح "الشعب الجمهوري" دنيز بايكال. وتفاعلت هذه الاتهامات بعد تبريرات زعيم الكتلة النيابية لـ"الحركة القومية" يوسف خليج أوغلو، الذي قال خلال مقابلة تلفزيونية: "لو أننا دعمنا بايكال لاتهمنا العدالة والتنمية بانتخاب مرشح حزب بلا دين ولا معتقد"، مما أثار عاصفة من الانتقادات المتبادلة حول محاولة إعادة الدين كأحد محاور السياسة الداخلية، الأمر الذي رفضه الجميع.

اقرأ أيضاً: أجواء حربية تواكب مفاوضات الحكومة التركية

المساهمون