لقاء بن سلمان والسيسي: إعلان مشترك وتضييق الخلافات

31 يوليو 2015
السيسي وبن سلمان اتفقا على استمرار التعاون الأمني والعسكري(Getty)
+ الخط -
استغل الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، زيارة ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى القاهرة، أمس الخميس، لمحاولة التأكيد على متانة العلاقة بين البلدين، في إطار سعيه لنفي المعلومات التي ترددت في الآونة الأخيرة عن وجود خلافات مصرية سعودية في العديد من الملفات محل الاهتمام المشترك أهمها سورية واليمن وليبيا، وكذلك العلاقات بتركيا والإخوان، إذ تعتبر الإدارة السعودية الجديدة الإخوان وحركة حماس لاعبين أساسيين في ساحة الشرق الأوسط، وهو ما يمتنع السيسي عن قبوله حتى الآن.

وتوقف مراقبون أمام حديث السيسي في كلمته عن الشراكة المصرية السعودية بقوله إنهما "جناحا الأمن القومي العربي"، واستخدامه تعابير مثل "مش هتشوفونا غير مع بعض"، مشيرين إلى أنها لا تعدو كونها محاولات لتجاوز مطبات حقيقية في العلاقة الثنائية بين البلدين، والتي تزامن بعضها مع الحفل، وتحديداً في ما يتعلق بفشل إدارة الجامعة العربية في تلافي الخلافات المصرية السعودية حول بروتوكول القوة العربية المشتركة الذي صاغته مبدئياً مصر والإمارات، ولا سيما أن عدداً من الدول العربية المؤثرة، أبرزها الجزائر والمغرب، أبدت تحفظات على البروتوكول قريبة من التحفظات السعودية، ما اضطر الجامعة العربية إلى تأجيل اجتماعها المخصص لهذا الشأن شهراً كاملاً.

وبحسب مصادر دبلوماسية مصرية، فإن ملف القوة العربية المشتركة كان أبرز الملفات التي طرحت ضمن مناقشات السيسي وبن سلمان اللذين اجتمعا أمس مرات عدة خلال فترة الزيارة التي امتدت يوماً واحداً. ووفقاً للمصادر، حاول السيسي فرض الرؤية المصرية لقيادة القوة المشتركة ضد الجماعات المتشددة على مستوى العالم العربي، وهو ما ترفضه السعودية مبدئياً، وتعتبر أن القوة يجب ألا تستغل في التدخل في الأوضاع الداخلية للدول العربية، إلاّ بموافقة الدول ذاتها.

والواضح من تصريحات المصادر لـ"العربي الجديد"، أن هناك خلافاً بين القاهرة والرياض حول تصنيف الجماعات الإرهابية في المنطقة، وهو متعلق أساساً برفض السيسي التعاطي مع أي تيارات إسلامية بما في ذلك الجماعات المعتدلة في ليبيا وسورية وفلسطين المحتلة واليمن، باعتبارها امتداداً لجماعة الإخوان. وهو ما يتناقض تماماً مع الرؤية السعودية الجديدة التي تعتبر أن بالإمكان الاستفادة من شعبية وقدرة هذه الجماعات وعلاقاتها الإقليمية بإيران وتركيا لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.

ويعتبر السيسي مشروع القوة العربية أبرز ما يمكن لنظامه تقديمه على المستوى الإقليمي، مستنداً إلى أن مصر تملك أكبر قوة عسكرية عربية بشرية وآلية في الوقت الحالي، وهو الشيء الوحيد الذي يقدمه نظامه للدول المتحالفة معه لضمان أمنها، مقابل استمرار تدفق المساعدات المالية.

والملف الثاني الذي تباحث حوله الطرفان هو الوضع في سورية، حيث أكدت المصادر أن الأيام المقبلة ستشهد تفاهمات جديدة حول خارطة المستقبل فيها، بحيث تحاول السعودية إعداد موقف موحّد مشترك للدول العربية من الأزمة يستبعد نظام بشار الأسد من أي تفاهمات مستقبلية، وهو ما تتردد فيه مصر بسبب علاقتها الجيدة مع روسيا، والتعاون المرتقب مع موسكو في مجالات الطاقة والسلاح على الرغم من أن هذا التعاون يتسم بالبطء حتى الآن.

وأوضحت المصادر أن السعودية تحاول إقناع مصر بالتخلي عن موقفها الداعم للأسد كأحد أطراف خارطة المستقبل، مستغلة تطور علاقة القاهرة عسكرياً وأمنياً بدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا، تتبنى مواقف قريبة وأحياناً متطابقة مع السعودية.

وأكدت المصادر نفسها أن السيسي وبن سلمان اتفقا على استمرار التعاون الأمني والعسكري في اليمن وليبيا، كما وجّه السيسي لبن سلمان دعوة شخصية لحضور حفل افتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس، الخميس المقبل، وأعرب عن أمله في حضور العاهل السعودي سلمان الذي يقضي عطلة حالياً في أوروبا، وولي العهد الأمير محمد بن نايف.
 
واعتبر رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في جدة، الدكتور أنور عشقي، أن زيارة بن سلمان إلى القاهرة هدفها "استعراض عدد من القضايا المهمة المشتركة بين البلدين اللذين يقودان المنطقة العربية".

وأوضح عشقي لـ"العربي الجديد"، أنّ أجندة وزير الدفاع السعودي تحمل قضيتين بارزتين. تقضي الأولى بالبحث في شأن توحيد المواقف المشتركة بين القاهرة والرياض في ما يتعلق بالمناطق التي يحتدم فيها الصراع (سورية واليمن والعراق). وفيما أشار إلى أن بن سلمان استعرض مع السيسي الموقف الحالي في تلك المناطق، ذكّر بأن لقاء ولي ولي العهد السعودي مع الرئيس المصري يأتي في مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وهو ما يحتاج أيضاً إلى تنسيق المواقف المصرية السعودية في أعقاب توقيع الاتفاق.

اقرأ أيضاً: ولي ولي العهد السعودي يتوجّه غداً إلى مصر

أمّا القضية الثانية، بحسب عشقي، التي هدفت الزيارة لمناقشتها، فهي سرعة تفعيل القوة العربية المشتركة التي سبق أن طرحت مصر فكرتها على الجامعة العربية، مشيراً إلى أنه "بعد توقيع الاتفاق النووي، بات على الأمة العربية أن تتحمّل مسؤولية نفسها".

واستبعد عشقي أن تكون زيارة بن سلمان تأتي في إطار الرد على ما أثير من توتر في العلاقات بين البلدين، قائلاً إنّ "هناك بالفعل محاولات للتشويش على العلاقة بين القاهرة والرياض من جانب جهات دولية"، مضيفاً أنّ "المملكة ومصر أكبر من تلك الاستفزازات، والعلاقة بينهما استراتيجية بهدف تحقيق الأمن القومي العربي".

من جهته، توقع الكاتب والمحلل السياسي السعودي، جمال خاشقجي، أنّ يكون الملف السوري سيطر على النقاش بين الطرفين، وخصوصاً أنّ هذا الملف يحمل أهمية بالغة لدى الرياض. وقال خاشقجي لـ"العربي الجديد"، إنّ "السعودية تسعى إلى وقف حالة الانهيار في اليمن وسورية، لطيّ صفحة إيران"، معتبراً أنّ "المملكة لن تتخلى عن فكرة طيّ صفحة إيران الموجودة في سورية والتي تسعى لإثبات وجودها في اليمن"، مشيراً في الوقت عينه، إلى أن المملكة مستعدة للتشاور مع إيران بشكل مباشر في حالة قدّمت طهران دلالات جادة".

وتعد زيارة بن سلمان إلى القاهرة، الأولى له بعد تعيينه ولياً لولي العهد، في أبريل/ نيسان الماضي، والثانية منذ تعيينه وزيراً للدفاع في يناير/ كانون الثاني الماضي.

اقرأ أيضاً: توقعات بتحرير العند قبل الهدنة.. وولد الشيخ إلى الرياض