صراع الفلول وأجنحة النظام ورجال الأعمال يعصف بالسيسي

08 يونيو 2015
رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

يعيش نظام الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي أزمة حقيقية منذ توليه الحكم في يونيو/ حزيران 2014، لم يتمكن من حسمها لصالحه. تتلخص هذه الأزمة في صراع الأجنحة وشبكات المصالح داخل الدولة المصرية والنظام نفسه. وعلى الرغم من تأكيدات السيسي على عدم العودة إلى الوراء مرة أخرى، في إشارة منه إلى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلّا أنه يستعين برجال المخلوع.

ويواجه السيسي خلافات بين عدة أجنحة داخل ما يصطلح على تسميته بـ"الدولة العميقة"، وفلول نظام مبارك، فضلاً عن الأجنحة داخل الأجهزة الأمنية، ورجال الأعمال. بيد أن أزمة السيسي الكبيرة تكمن في عدم وجود رجال يدينون بالولاء الكامل له داخل أروقة ومؤسسات الدولة، تمهيداً للقيام بعملية إحلال وتجديد رجاله برجال مبارك، خصوصاً أنهم لا يزالون يسيطرون على مفاصل الدولة.

لجأ السيسي، منذ بداية حكمه، إلى إحاطة نفسه بقيادات من الجيش المصري، باعتباره آتياً من المؤسسة العسكرية ومدعوماً منها بشكل كامل، مثل المتحدث العسكري السابق أحمد علي، ومدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل، ورئيس ديوان رئيس الجمهورية. لكن لم يتمكن السيسي، على الرغم من عدد المؤيدين الكبير له، حتى من رجال ورموز مبارك، من تشكيل نخبة مؤيدة له تدعمه بشكل كبير بعد تشتت أطراف معسكر 30 يونيو/ حزيران.

اقرأ أيضاً: 3 انتصارات لرجال الأعمال على السيسي

كما أن هناك داخل النظام ذاته، صراعاً بين أجنحة الأمن الداخلي، تجلّت بشكل كبير في الإطاحة بشريك السيسي في الانقلاب، وزير الداخلية السابق، اللواء محمد إبراهيم، والذي كان وراء إطاحته، مستشار السيسي للشؤون الأمنية، اللواء أحمد جمال الدين. وكان هناك صراع مكتوم بين الرجلين، ونجح جمال الدين في الإطاحة بإبراهيم، وتعيين خلف له، وهو اللواء مجدي عبد الغفار، والذي يدين بالولاء له شخصياً.

ويقول الخبير الأمني، العميد محمود قطري، لـ"العربي الجديد"، "إن الصراع بين الأجهزة الأمنية المختلفة ليس وليد تولي السيسي الحكم، بل هي صراعات قديمة".

ويؤكد مصدر خاص لـ"العربي الجديد"، أن "جهاز الأمن الوطني غير راضٍ عن السيسي، ولديه موقف منه ومن الجيش بشكل عام، على خلفية مصادرة الجيش ملفات أمن الدولة عقب اقتحام عدد من المقرات بعد ثورة 25 يناير، وعدم إعادتها حتى الآن. وأسهمت تقارير أجهزة سيادية في تعميق الفجوة بين السيسي والأحزاب المؤيدة له، على خلفية نصيحة له، بعدم الاعتماد على الأحزاب في اتخاذ قراراته، لأنّها أحزاب ضعيفة لا تأثير لها في الشارع".

ويضيف المصدر، "كما أن هناك صراعاً خفياً بين السيسي ونظامه وفلول نظام مبارك، لأنّ رجال الرئيس المخلوع لا يزالون يسيطرون على مفاصل الدولة بشكل كبير، في المؤسسات الاقتصادية الكبرى والحكومية".

اقرأ أيضاً: النظام المصري "يدلّع" أباطرة الحديد ويثبّت احتكاراتهم

ويوضح، أنّ "السيسي يخشى من الإطاحة به أو تكتل رجال مبارك ضده، تحديداً في البرلمان المقبل، خصوصاً أن أغلب الأحزاب على الساحة، إما تسيطر عليها الفلول بالكامل، أو أغلبها من رجال مبارك، فضلاً عن تسلل بعض من رموز العهد البائد إلى أحزاب قائمة قبل ثورة 25 يناير.

ويفسر المصدر قلق السيسي الكبير من فلول مبارك، بـ"سيطرتهم على المشهد بشكل كبير، فيشكّلون عثرة في وجهه، إذا ما تشكل مجلس النواب وجاء بأغلبية منهم، لما للمجلس من صلاحيات وسلطات واسعة في تشكيل الحكومة، وفي تعطيل بعض القرارات".

ويعتبر أنّ "السيسي يحاول تفادي تشكيل مجلس نواب غير داعم له، من خلال تفخيخ "البرلمان"، أي الطعن بعدم دستوريته في أي وقت وبالتالي حلّه، فضلاً عن دعواته المتكررة لتشكيل قائمة موحدة للانتخابات تقف خلفه، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل".

ويقول الخبير السياسي، محمد عز، إن "الرئيس الحالي يخشى من فلول مبارك، لأنهم أكثر القوى المنظمة حالياً بعد إتاحة الفرصة لهم للعمل بشكل علني والاستعداد للانتخابات". ويضيف عز لـ"العربي الجديد"، أن "أزمة السيسي في الحقيقة، هي رجال مبارك، وعدم قدرته على التخلص منهم. وإذا ما تشكّل مجلس النواب من أغلبيتهم، سيكون انتصاراً كبيراً لهم، في ظل الخلاف بين الطرفين وتأييد الفلول لرئيس حزب "الحركة الوطنية" الهارب إلى الإمارات، أحمد شفيق.

اقرأ أيضاً: انقلاب سرقه السيسي من شفيق

ويشير الخبير إلى أنّ "السيسي يدرك أنه في حال وصول الفلول إلى مجلس النواب، فإن شفيق هو من سيدير المشهد من الإمارات، ولذلك يقوم بإرسال رسائل له، كل فترة، بعدم السماح له بأي دور في المشهد السياسي في الفترة المقبلة".

أما الصراع الأكبر داخل الدولة المصرية، فهو الخلافات مع رجال الأعمال، خصوصاً ما كان يشاع بطلب السيسي من بعض رجال الأعمال، التبرع لصندوق "تحيا مصر" ودفع مزيد من الأموال، وسط رفض قطاع عريض منهم.

وبغض النظر عن صحة وغرض الترويج لمثل هذه الروايات في الأوساط السياسية، إلا أنها تعكس خلافاً عميقاً بين السيسي ورجال الأعمال، وهؤلاء يريدون الحصول على امتيازات أكبر، مثل ما كانوا عليه في عهد مبارك. والأخطر من ذلك، يمتلك رجال الأعمال سلاح "القوة الناعمة" وهو الإعلام. فأغلب رجال الأعمال يمتلكون وسائل الإعلام المرئية والمقروءة الخاصة، وبالتالي لديهم قدرة على خلق رأي عام، إما مؤيد للسيسي أو معارض له".



ومن حين إلى آخر، يتجرأ إعلاميون على انتقاد السيسي، إما بإيعاز من رجال الأعمال أو الأجهزة الأمنية، وفق نظرية "الأذرع الإعلامية" التي تحدث عنها السيسي حين كان وزيراً للدفاع مع عدد من ضباط الجيش.

ويقول خبير سياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية، أن "السيسي استجاب لضغوط رجال الأعمال في الهجوم عليه في الإعلام، مثلما حدث مع يوسف الحسيني ومحمود سعد وتوفيق عكاشة وإبراهيم عيسى، وقام بإلغاء الضريبة على البورصة".

ويلفت الخبير إلى أن "رجال الأعمال لديهم خلاف مع السيسي لعدم العودة لسياسات مبارك نفسها، وإن كان الرجل لا يرفض لهم طلباً، من حيث قانون الاستثمار الجديد والتسهيلات التي حصلوا عليها، ولكنه في الغالب لا يريد توصيل رسالة أنه يقبل بكل الضغوط"، مشيراً إلى أن "رجال الأعمال غاضبون لعدم الحصول على حق امتيازات المشاريع الكبرى، والتي يحصل عليها الجيش".

اقرأ أيضاً: السيسي يهرب من الانتخابات المصرية: سيناريوهات "تفخيخ" البرلمان

المساهمون