إسرائيل تخشى "لحظة السقوط الدراماتيكي" لنظام الأسد

04 يونيو 2015
قلق إسرائيلي متزايد من التطورات السورية (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -
باتت إسرائيل تبدي درجة أقل من التزام الصمت إزاء ما يجري حولها من تطورات متلاحقة، ولا سيما في سورية والعراق، في ظل إدراك إسرائيلي متزايد أن تقدم قوى المعارضة السورية وتراجع قوات النظام يقلّص إلى حد كبير فرص اندلاع مواجهة مع حزب الله.

فقد هاجم "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، المرتبط بدوائر صنع القرار في تل أبيب، الدول التي ساعدت قوى المعارضة المسلحة على تحقيق تقدم كبير في شمال سورية، مطالباً الغرب بالتدخل ضدها. واعتبر المركز، الذي يديره وكيل وزارة الخارجية الجديد دوري غولد تركيا، أنّ هذه الدول "تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتمكين المعارضين من انتزاع مدينة حلب من يد نظام الأسد".
وفي ورقة تقدير موقف صدرت عنه ونشرت على موقعه، حذر المركز العالم من خطورة السماح بسقوط النظام، على اعتبار أن ذلك يمثل وصفة لتدشين "دولة الخلافة الإسلامية". ونبّه المركز من أن "الأردن سيكون العنوان الذي سيقصده الجهاديون بعد إتمام مهمتهم في سورية".

اقرأ أيضاً إسرائيل قلقة: كل الجهات البرية قابلة للاختراق

في موازاة ذلك، هناك من بات يدعو بشكل صريح إلى التدخل عسكرياً في الصراع الدائر بشكل يؤمن مصالح تل أبيب الاستراتيجية، ولا سيما في أعقاب الانتصارات التي حققتها المعارضة السورية وانسحاب الجيش السوري من الكثير من المناطق. فقد دعا نائب وزير التعاون الإقليمي، الليكودي أيوب قرا (درزي)، دوائر صنع القرار في تل أبيب إلى "توجيه ضربات استباقية للحركات الجهادية المشاركة في العمليات ضد نظام الأسد". وخلال مؤتمر نظم أخيراً في مدينة "بئر السبع"، اعتبر قرا أن عدم تدخل إسرائيل حالياً يعني السماح بسقوط قذائف الكاتيوشا على المدن والمستوطنات اليهودية، ولا سيما في شمال إسرائيل.
وبغض النظر عن دعوة قرا، فإن إسرائيل شرعت في اتخاذ خطوات عملية استعداداً لمواجهة تبعات التحولات المتلاحقة في سورية والعراق. فقد كشفت "يسرائيل هيوم"، أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً يوم الجمعة الماضي، عن أن الاستخبارات الإسرائيلية باتت تستثمر إمكانيات كبيرة في تعقب التنظيمات الجهادية في سورية، في حين يتم جمع معلومات استخبارية عن تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق.

وتفترض إسرائيل أن فرص توجيه الحركات الجهادية أو بعض منها سلاحها ضدها قائمة، مما يستدعي الاستعداد لمواجهة هذا السيناريو. كما تتوقع دوائر التقدير الاستراتيجي في تل أبيب أن يسقط نظام الأسد مرة واحدة وبشكل دراماتيكي وليس تدريجياً. وقد أشار المعلق في قناة التلفزة الثانية، إيهود يعاري، إلى أن التقدير السائد في تل أبيب هو أن "معجزة" يمكن أن تحول بدون سقوط نظام الأسد وأن ما يمكن أن يؤجل هذه النتيجة هو قيام إيران بتقديم دعم عاجل وواسع للنظام، على نحو يغير موازين القوى بين الطرفين.

وإن كانت التقديرات الإسرائيلية تؤكد أن توحيد قوى المعارضة في "جيش الفتح" يعدّ العامل الرئيس خلف التحول في موازين القوى، فإن أكثر ما يقلق تل أبيب هو دور التقارب التركي السعودي في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه. وحسب المعلق تسفي بارئيل، فإن التنسيق التركي السعودي في دعم المعارضة السورية، والذي جاء في أعقاب اشتداد الخلاف مع الإدارة الأميركية بشأن الملف السوري، يكرّس عملياً تحالفاً سنياً يغيّر من البيئة الإقليمية بشكل جذري. وفي السياق، فإن أهم استنتاج أجمعت عليه النخب الإسرائيلية، هو أن تقدم المعارضة السورية وتراجع نظام الأسد قلّص إلى حد كبير فرص اندلاع مواجهة مع حزب الله.

وقد اتخذ المعلقون الصهاينة من الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أخيراً بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لانسحاب الاحتلال من جنوب لبنان دليلاً على هذا الاستنتاج. ونقل المعلق العسكري يوآف ليمور عن دوائر إسرائيلية رسمية، قولها إنه بخلاف الخطابات التي ألقاها نصر الله على مدى 14 عاماً في هذه المناسبة، فقد خلا خطابه الأخير تقريباً من الإشارة لإسرائيل، إذ تم التركيز فيه على خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" بوصفه "خطراً وجودياً" يستدعي توحد اللبنانيين في مواجهته.
وفي تحليل نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، أشار ليمور إلى أن نصر الله بدا في هذا الخطاب غير واثق بأنه يسير في الاتجاه الصحيح.
ويرى معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن العدد الكبير نسبياً من الخطابات التي ألقاها نصر الله يعدّ دليلاً على عمق الأزمة التي يعيشها تنظيمه، ولا سيما في ظل توارد الأنباء من الجبهات السورية والتي تؤكد أن نظام الأسد يخسر معاقله الواحد تلو الآخر. وأشار هارئيل إلى أن نصر الله أدرك أن الجمود في موازين القوى الذي كان سائداً بين قوى المعارضة والنظام تغير بشكل جذري خلال الأشهر الخمس الماضية، وبات الأسد عاجزاً عن الاحتفاظ بالمناطق التي يسيطر عليها.
من جهته، قال رئيس جهاز "الموساد" الأسبق، إفرايم هليفي، إن مشاركة حزب الله في القتال الدائر في سورية تخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل. وأوضح هليفي أن "استغراق حزب الله في القتال ضد التنظيمات السنية يسهم في أضعاف هذه التنظيمات وإضعافه". وخلال كلمته أمام مؤتمر نظمه أواخر الأسبوع الماضي "مركز فيشر لدراسة الفضاء والطيران" في تل أبيب، أشار هليفي إلى أن "إضعاف التنظيمات السنية يقلّص من قدرتها على توجيه سلاحها ضد إسرائيل، في حين أن إضعاف حزب الله يحد من رغبته في فتح مواجهة ضد إسرائيل".

اقرأ أيضاً: إسرائيل تطمئن حزب الله وإيران مع بدء تمرينات داخلية

المساهمون