تركيا: أسهم الحكومة الائتلافية ترتفع

14 يونيو 2015
شكّل داود أوغلو فرقاً للتفاوض الحكومي (آدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -
تدفع جميع الأحزاب التركية باتجاه تشكيل حكومة ائتلافية، بما في ذلك الرئيس التركي السابق عبد الله غول، ,الذي أكد بأنه تحدث مع كل من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، وقائد حزب "العدالة والتنمية" أحمد داود أوغلو، مؤكداً لهما بأن "الحكومة الائتلافية هي الخيار الأنسب للمرحلة الراهنة، بدلاً من الذهاب إلى انتخابات مبكرة".
واستبعد غول ما تناوله الإعلام من احتمال عودته لقيادة "العدالة والتنمية"، وقال "لا تصلوا إلى نتائج مختلفة من هذه المحادثات الهاتفية، بطبيعة الحال، إنهم في وضع أحسن لتقييم الموقف، لقد قمت بتشجيعهم، غير ذلك هو أمر ليس في حساباتي".

ويرى غول بأن "الدفع باتجاه حكومة ائتلافية بين العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، الخيار الأنسب في هذه المرحلة"، إلا أن عاملين أساسيين يحددان نوع الحكومة وصيغتها، العامل الزمني والموقف من عملية السلام التي تديرها أنقرة مع حزب "العمال" الكردستاني.

ولا يصبّ البطء أو التأخير في تشكيل الحكومة في مصلحة أحزاب المعارضة، والتي تعلم ذلك جيداً، لأن فشل تشكيل الحكومة أو تأخرها، بكل ما سيلقيه ذلك من ظلال على الاقتصاد، سيعزز معادلتين أساسيتين يبدو بأن "العدالة والتنمية"، وأردوغان لن يتنازلا عنهما بسهولة.

تتجلّى المعادلة الأولى في مبدأ "إما نحن (العدالة والتنمية) أو عدم الاستقرار"، والثانية في شعار "لا بدّ من التحوّل إلى النظام الرئاسي لضمان الاستقرار". مع العلم أن التعاطف مع "العدالة والتنمية" بدأ يكبر وفق استطلاعات رأي تشير إلى ارتفاع شعبية الحزب بعد إعلان نتائج الانتخابات، بكل ما يعنيه ذلك من رفع نسبة أصوات الأخير في أي انتخابات مبكرة.

اقرأ أيضاً: أردوغان يدعو لحكومة ائتلافية

وعلى الرغم من قرار حزب "الشعوب الديمقراطي" بالبقاء في صفوف المعارضة، تبقى عملية السلام العامل الثاني المهم في تحديد شكل الحكومة المقبلة، ولم يعد بالإمكان التراجع عن هذا المشروع الأساسي، والذي قد يكون الأهم في تاريخ الجمهورية التركية، لذلك فإن خيارات "العدالة والتنمية" في تشكيل الحكومة تبدو محكومة به.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مقربة من "العدالة والتنمية" أن "داود أوغلو تحدث بشكل صريح مع قيادات حزبه في اجتماعات القيادة، يوم الخميس، قائلاً: إن التحالف مع حزب الحركة القومية يبدو أمراً مناسباً وممكناً، خصوصاً للقواعد الحزبية، لكن التحالف مع الشعب الجمهوري سيجلب المزيد من الحلول، بسبب رغبة الشعب الجمهوري العالية بالعودة إلى الحكومة، مما سيسهل عملية التفاوض".

وأضاف "أنا أشعر بقلق كبير من أن أياً من التحالفات لن يستمر طويلاً، لذلك لا بد لنا من التحضير للانتخابات المبكرة ومن اليوم". وأكد داود أوغلو في الاجتماع، بأنه "على الحزب استغلال حالة التوافق بين كل من رئيس الشعب الجمهوري السابق وقائد التيار القومي دينيز بايكال، والرئيس الحالي كمال كلجدار أوغلو، لأن الأخير سيواجه الكثير من التحديات الحزبية الداخلية إن لم يدخل الحكومة، بينما تبدو القاعدة الحزبية للحركة القومية مرتاحة جداً لخيارات وتصريحات زعيمهم دولت بهجلي حتى الآن".

ويبدو التحالف مع "الحركة القومية" الأقرب لـ"العدالة والتنمية"، خصوصاً أنهما يشتركان بالخلطة "القومية الإسلامية" أو ما يُطلق عليه "الإسلام التركي". وتقف في وجه هذا التحالف بشكل أساسي، مطالبة "الحركة القومية" بإيقاف عملية السلام مع "العمال"، ما يعني كارثة سياسية وفتح مصير البلاد على جميع الاحتمالات.

أما "الشعب الجمهوري" فقد أبدى في مراجعاته الأخيرة وبرنامجه الانتخابي دعماً واضحاً لعملية السلام، بشروط تتلخّص بمناقشة العملية تحت قبة البرلمان، بدلاً من أن تديرها الحكومة بتكتمٍ شديد عبر محادثات بين الاستخبارات التركية والمسؤولين الحكوميين مع زعيم العمال عبد الله أوجلان.

وعلمت "العربي الجديد" أن "داود أوغلو شكّل ثلاثة فرق لقيادة مفاوضات تشكيل الحكومة، وسيقود هو الفريق السياسي، أما الفريق القانوني فسيكون بقيادة نائب رئيس الحزب محمد علي شاهين، ليبقى الفريق الاقتصادي بقيادة نائب رئيس الوزراء للشأن الاقتصادي علي بابا جان. كما وجّه داود أوغلو تعليمات صارمة للقيادات الحزبية والنواب بعد الإدلاء بأي تصريحات للإعلام".

ولا يُمكن إهمال اللقاء الذي جرى منذ أيام بين أردوغان وبايكال، لأن لقاءات الطرفين لطالما حملت تغييرات ضخمة، وكان أهمها الدور الكبير الذي لعبه بايكال عام 2002 بالدفع نحو تعديلات دستورية للسماح لأردوغان الذي كان محروماً من العمل السياسي بدخول البرلمان. وتلك الحادثة كانت نقطة تحول في تاريخ الجمهورية التركية.

وعلى الرغم من أن جميع الاحتمالات ما زالت مفتوحة، إلا أن حظوظ تشكيل حكومة ائتلافية بين "الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية"، تبدو بعيدة تماماً، إن لم تكن مستحيلة، لأن نجاح مثل هكذا ائتلاف يمرّ عبر دعم "الشعوب الديمقراطي"، والذي لن يقوم بذلك، ما لم تكن عملية السلام أحد برامج هذه الحكومة، الأمر الذي يبدو بدوره مستحيلاً تماماً.

تتوجّه الجهود الآن بشكل أساسي نحو تشكيل حكومة ائتلافية بين "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري"، ليقوم زعيم الأخير برفع السقف تمهيداً للمفاوضات، بالإعلان عن شرطين يعرف تماماً بأنهما يكادا يكونان مستحيلين، الأول: تحجيم دور أردوغان ومنعه من التدخل في شؤون الحكومة، والثاني: إعادة فتح ملفات الفساد أو ما يطلق عليه في الإعلام التركي عمليتي 17 و25 ديسمبر، والتي اتهم فيها مقربون من الحكومة بعمليات فساد كبيرة ومنهم أربعة وزراء، يطالب كلجدار أوغلو بإعادة محاكمتهم.

اقرأ أيضاً الشعب الجمهوري والعدالة والتنمية: هل يتكرّر السيناريو التونسي بتركيا؟

المساهمون