"داعش" على أبواب دمشق والنظام مستفيد

17 ابريل 2015
اشتباكات عنيفة بين المعارضة و"داعش" في القابون (فرانس برس)
+ الخط -

بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الفترة الأخيرة محاولة التمدد في محيط العاصمة السورية دمشق. فبعد أشهر قليلة من ظهوره في منطقة بير القصب في ريف دمشق، حاول التنظيم أخيراً السيطرة على مخيم اليرموك الواقع على بعد أقل من عشرة كيلومترات من مركز دمشق، ليتبع ذلك في اليومين الأخيرين بظهور جديد قرب حي القابون التابع إدارياً لدمشق.

وبدأت الاشتباكات بين "داعش" وقوات المعارضة السورية في حي القابون بمناوشات بسيطة فجر الأربعاء، قبل أن يقوم مسلحو التنظيم في الحي بالتحصن في حي تشرين الواقع إلى شمال القابون، لتقوم قوات المعارضة بمهاجمة المنطقة التي تحصّن فيها مسلحو "داعش" مع مساء يوم الأربعاء، وتندلع اشتباكات عنيفة بين الطرفين.

ولا يتمتع "داعش" بوجود قوي في المنطقة، إذ يوضح الناشط عمر عبد السلام لـ"العربي الجديد" أن عدد عناصر التنظيم كان لا يتجاوز الخمسين عنصراً في الحي منذ شهرين، قبل أن يبدأوا بضم عناصر جديدة ليصل عددهم الكلي إلى نحو مئتين في الفترة الأخيرة.

وحول آليات تجنيد "داعش" للشبان في المنطقة، يوضح عبد السلام أن التنظيم يقوم بإغراء الشبان بالمال، فيقدّم للشاب الواحد مرتباً شهرياً يتراوح بين مئتي وثلاثمئة دولار أميركي، بالإضافة إلى سلل غذائية شهرية، لينضم الشاب إلى معسكر تدريبي يديره التنظيم.

وكان "داعش" قد استفز كتائب المعارضة في حي القابون ببثه صوراً على حساب "ولاية دمشق" التابع له على موقع "تويتر"، يظهر فيه شبان ملثمون يقومون بتدريبات، فيما أطلق عليه التنظيم اسم "معسكر تدريب المجاهدين في حي القابون بدمشق".

اقرأ أيضاً: أنباء متضاربة حول انسحاب "داعش" من مخيم اليرموك بدمشق

ويأتي قتال قوات المعارضة لتنظيم "داعش" في القابون مشابها لسيناريو قتالها للتنظيم في ضواحي دمشق الجنوبية، إذ تواصل قوات "جيش الإسلام" محاولاتها للتقدّم نحو ضاحية الحجر الأسود انطلاقاً من حي الزين الذي سيطرت على مساحات منه في اليومين الأخيرين، كما تواصل قوات "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام" قتال التنظيم على أطراف بلدة يلدا.

كما تواصل بشكل متزامن "كتائب أكناف بيت المقدس" الفلسطينية قتالها ضد "داعش" في الأجزاء الشمالية من مخيم اليرموك بإسناد من قوات "لواء شام الرسول" و"لواء الأبابيل" التابعة للمعارضة.

وستتصدّر قضية اليرموك أجندة اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يوم السبت المقبل، كما أكد أعضاء في اللجنة لـ"العربي الجديد"، مشيرين إلى أن اجتماع اللجنة سيؤكد على قرار منظمة التحرير بعدم التدخل عسكرياً في المخيم بأي شكل من الأشكال. أوضحت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي لـ"العربي الجديد"، أن "موقف المنظمة لم يتغير، وهو عدم التدخل في النزاعات المسلحة على أراضي الغير وبأي مكان".

ويأتي ذلك بعد حالة من التصريحات المتناقضة حول اليرموك سادت أخيراً، بسبب تصريحات موفد المنظمة أحمد المجدلاني الذي أكد فيها انعدام أي حل سياسي مع "داعش" في إشارة لضرورة حل عسكري ينهي وجود التنظيم في المخيم.

ويبدو أن النظام السوري ما يزال إلى اليوم المستفيد الأبرز من ظهور "داعش" في محيط دمشق، فقد تمكّنت قوات النظام من تحقيق مكاسب عسكرية هامة إثر الصدام المستمر في اليرموك، وخصوصاً مع تمكّن قواتها من تحقيق خرق في جبهات القتال في حي التضامن وفي مخيم اليرموك، بالإضافة إلى استفادة قوات النظام الأكيدة على المدى الطويل من استنزاف "داعش" للمعارضة.

واستفاد النظام من تمدّد "داعش" في اليرموك على المستوى الإعلامي أيضاً، فأخبار هذا التمدّد غطّت في الأيام الماضية على خسارة النظام الكبيرة في مدينة إدلب وعلى أخبار عمليات القصف اليومية التي يشنها ضد الأحياء السكنية في إدلب، وشمال وشرق وجنوب مدينة حلب.

لكن أكثر ما يلفت النظر في ظهور "داعش" الأخير في ضواحي دمشق الشمالية والجنوبية، هو أن جميع المناطق التي ظهر فيها التنظيم وهاجم قوات المعارضة، هي مناطق محاصرة من قبل النظام، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول كيفية حصول التنظيم على خطوط إمداد لوجستية مالية وبشرية وعسكرية.

كما أن معظم المناطق التي يحاول "داعش" التمدّد نحوها في ضواحي دمشق الجنوبية كيلدا وببيلا وبيت سحم، وفي أحياء دمشق الشمالية كالقابون وبرزة وحي تشرين، هي مناطق وقّعت فيها فصائل المعارضة هدناً عسكرية مع النظام تحت ضغط حصار الأخير لها، ما يشير إلى مصلحة واضحة لقوات النظام في إضعاف المعارضة في هذه المناطق بقتال "داعش".

اقرأ أيضاً: "تنفيذية التحرير" تتجه لعدم التدخل العسكري في مخيم اليرموك

المساهمون